تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

يا حكومة ...أعيدو الدور و الألق للعمل التطوعي الاجتماعي!

مصدر الصورة
وكالات - أرشيف

أثبتت أزمة جائحة كورونا وقبلها أزمات كثيرة أخرى الحاجة الماسة إلى إحياء تقاليد العمل التطوعي الاجتماعي في بلدنا . لأن تكاتف المجتمعات وتعاونها هو السبيل للتخفيف من آثار الأزمات والنوائب سواء على مستوى الأفراد أم على مستوى المجتمعات بأكملها , بل إن ذلك يقدم مساهمات ذات عائد اقتصادي ومادي ينعكس في مصلحة الدولة كلها , ونظراً لأهمية مثل هذه النشاطات الاجتماعية في مساعدة البلد وأهله , وضرورة تنظيم مثل هذه النشاطات بحيث تكون منتشرة أفقياً وعامودياً في المجتمع , فإننا نعتقد أن الحكومة عبر وزاراتها ومؤسساتها وإداراتها المختلفة هي الأقدر على تنظيم عمل اجتماعي تطوعي يمتد على مساحة الوطن , خاصة وأن بذور روح التطوع معروفة لدى السوريين منذ زمن طويل و لا تحتاج في ظروفنا الحالية إلا إلى من ينظمها ويبعث إحياءها بين الناس.

ألم تعرف جميع المدن والقرى السورية مبدأ " الفزعة " وهي تلك اللمة التي تجمع أبناء الحي أو القرية لمساعدة أحد أبنائهم على تجاوز مصيبة أصابته أو نائبة أحاقت بعائلة عندهم ؟؟؟ ألم تكن المشاركة الاجتماعية في الأفراح والأتراح جزءاً هاماً من تخفيف العبء على أصحابها ومساعدتهم على تجاوزها ؟؟ ولنا في تقاليد العزاء المستمرة في مجتمعاتنا ومساهمة الجميع مع أهل المصاب , حتى ولو اقتصر الأمر- كما هو شائع الآن – على حضور مجلس العزاء وتقديم واجبه  إلى عائلة المتوفى أنموذجاً مستمراً عبر الزمن .

ألم يتعاون أهل القرى والحارات على امتداد مساحة سورية في مساعدة من يريد بناء بيت جديد أو ترميمه ,  بفزعة الشباب وتعاونهم لإنجاز العمل بأقل التكاليف وأقصر فترة زمنية .... ومثل ذلك التعاون في الحصيدة ونبر الزيتون وغيرها من فزعات اجتماعية  كثيرة عرفها السوريون في حياتهم   ...وهي نماذج بسيطة ومثلها الكثير الكثير من تقاليد تلك العادات الاجتماعية الرائعة التي بدأنا نفتقد جزءاً منها في حياتنا .

أذكر أنني كنت يوماً ما , عضواً في قيادة رابطة الأمويين لاتحاد شبيبة الثورة وكنت مسؤولاً عن العمل التطوعي الاجتماعي , وفي هذا الاطار نظمنا عشرات بل مئات النشاطات التطوعية  لصبايا وشباب الرابطة من عمل في المعامل إلى تنظيف الأحياء ودهن أطاريف شوارعها , وها هو قاسيون شاهد بأن ما ينبت على صخوره من أشجار زرعت أغلبها سواعد صبايا وشباب اتحاد شبيبة الثورة عبر عمل تطوعي اجتماعي منظم .

قد يقول قائل إن النشاطات التطوعية مازالت موجودة ويوجد منها الكثير ..نعم الأمر صحيح ولكن أغلب هذه النشاطات جاءت بمبادرات فردية وأغلبها موسمي , ولنا في شهر رمضان المبارك شاهد على كميات هائلة من الطعام توزع في الشهر الكريم وغالباً ما تكون أكثر من الحاجة لها , فتضيع دون فائدة , بينما لو تم تنظيم توزيع الطعام على مدار العام لكانت الفائدة أعم وأشمل .

ومع جائحة كورونا والحاجة الماسة للتعاون في التصدي لها , ظهرت مبادرات فردية كثيرة في توزيع الخبز أو المواد الغذائية أو الكمامات والمعقمات ولكن هل هذا كاف ؟؟ بالتأكيد لا يمكن أن تكون مثل هذه المبادرات كافية إنها مفيدة ولكنها غير كافية وتحتاج إلى التنظيم كي تتوزع وتنتشر على مساحة الوطن وينتفع بها جميع أبنائه , خاصة و في ظروفنا الحالية تأمين بعض المتطلبات الحياتية  لأولئك المواطنين الذين يعيشون مياومة وينفقون مما يحصلونه يومياً جراء عملهم اليومي فقط . وهنا يظهر غياب الدور الحكومي لتنظيم مثل هذه النشاطات بل والدعوة لها ووضع مقومات توسعها وانتشارها . ولانحتاج إلى مثل هذا الدور الحكومي في الأزمات فقط بل حتى في الحالات العادية فإن دور الحكومة وأعضائها يجب ألا يغيب عن قيادة كل نشاط تطوعي في الوطن مهما كان بسيطاً, فهم مثل كثير من الشخصيات الثقافية والاجتماعية والرياضية قادة للمجتمع,  ولكن أغلبهم للأسف يحبس نفسه في مكتبه ولا يتواصل مع الناس . فماذا يمنع أن يساهم وزير مثلاً في تنظيف الحي الذي يسكن فيه ؟؟ أو أن يساهم معاون وزير في تنظيم دور على الأفران أو المؤسسات التي تبيع المواد الغذائية , أو أن يقوم محافظ بمساعدة إحدى القرى أو الأحياء التابعة لمحافظته على زراعة الأرصفة بالأشجار ,أو أن يقوم مدير عام بالمساهمة في تنظيم مبادرة لتوزيع مواد غذائية على الناس المعزولين في الأرياف ؟؟ هذا نموذج بسيط لنشاطات تطوعية كثيرة تفتح الباب واسعا لإعادة إحياء الفزعة المجتمعية السورية لتكون مساهمة المجتمع أكبر في مساعدة الحكومة على تجاوز أزمة كورونا وكل كورونا .

ملاحظة أولى: إذا كان السادة الوزراء أو معاونيهم أو المدراء العامين سيعملون على المشاركة في أي نشاط تطوعي , فإننا نتمنى أن يكون ذلك في يوم عطلة ودون إعلام وطبعاً دون سائقين ومرافقين  ...مع الشكر سلفاً لكل من سيساهم في أي نشاط تطوعي .

ملاحظة ثانية : نرجو إذا أقر مبدأ مشاركة المسؤولين الحكوميين في النشاطات التطوعية ألا تتحمل الدولة أية نفقات لقاء هذا العمل التطوعي .

                       محطة أخبار سورية

 

 

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.