تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الدكتور وائل عواد يتابع الكتابة من الهند  بمناسبة يوم القدس....القدس عروس عروبتنا ..من الهند  – 38 -

مصدر الصورة
خاص

يسألني الكثير من الأصدقاء وفي الكثير من المناسبات والمنتديات لماذا أنت تدافع عن وطنك وقد غادرت بلادك ولم تتجاوز العشرين ربيعاً؟ وأُضطرُّ أن أشرح لهم بأنّ  شعارنا غصن الزّيتون،  واللون الأخضر وهو دليل ارتباطنا بالأرض عبر التّاريخ، وبما أنّنا الورثة الطّبيعيّون لحضارة مابين النهرين فلا يسعنا سوى أن نعشق الوطن ونفتخر بانتمائنا له، وهو السّبب الأساسيّ لما أكتب، فلا يمكن لنا سوى الدّفاع عنه حتّى ولو لم يرق للبعض، فهذا واجبٌ وطنيٌّ. لقد أنهيتُ مراحل تعليمي حتّى الشّهادة الثّانويّة في وطني، وتطبّبت مجاناً، وأكلت من خيراته، وعشت بأمانٍ، وغادرته ومازالت أحلمُ به كما تركته. وقد سمعتُ هذا الكلام منذ فترةٍ أيضاً على لسان د.سعيد سهدو - أبي يوسف - خلال حواره مع أمريكيٍّ أثناء وجوده في الهند. ولا تقتصر هذه المشاعر الوطنيّة عليّ، بل على جميع من عاشرناهم وعشنا معهم في الهند، ربّما لأنّنا كنّا ننتمي إلى حقبةٍ تّاريخيّةٍ كانت  فيها مشاعر الوطنيّة والدّفاع عن حقوقنا المغتصبة في أوجها، وكان العالم قطبين والصّراع على أشدّه بين القوى الأمبرياليّة والشّيوعيّة، وقد أُشبعنا بالفكر التقدّميّ والنّضال الوطنيّ والقوميّ. عندما أتحدّث إلى بعض الأصدقاء القدامى، أستمع إلى قصصٍ مشابهةٍ ومواقف مشرّفةٍ لكلّ زميلٍ، وهذا من شيمنا فلم نطلب من أحدٍ جزاءً، ولم نقبل أن يُدفع لنا مقابلٌ لذلك، بل إنّ تصرّفاتنا عفويّةٌ ووطنيّةٌ بكلّ ما تعنيه الكلمة ويكفينا فخراً.مظاهرة

كنّا ندافع عن الوطن وكأنّنا أبطال فرق الاقتحام ولا نبالي. وعندما كانت تحتاجنا السّفارة، تُرسِل برقيّةً فقط، وخلال أربعٍ ٍ وعشرين ساعةً نتجمّع بالسّفارة على أهبة الاستعداد للدّفاع عن سورية وقضايانا القوميّة. لقد شاركنا في مظاهراتٍ مع الطّلبة العرب والهنود الأصدقاء ضدّ اتّفاقية كامب ديفيد وتعرّضنا للضرب أمام السّفارة المصريّة، وقد طُعِن طالبٌ فلسطينيٌّ، زميلنا محمود، وكان بطل في الجودو والكاراتيه، ولم نأبه، بل واصلنا احتجاجاتنا. سافرت إلى أكثر من مدينةٍ هنديّةٍ، والتقيت مع اتّحادات الطّلبة العرب، وكنّا نختلف ونجادل، ولكنّنا نتّفق جميعاً في الدّفاع عن القضيّة الفلسطينيّة. وشاركنا في احتفالات الجامعات مع الزّملاء وفي احتفالات المركز الهنديّ للعلاقات الثّقافيّة والاحتفالات بيوم الأرض، وكنّا نتشابك يداً بيدٍ، الفلسطينيّ والأردنيّ والعراقيّ والسّوريّ واليمنيّ والسّودانيّ لنعطي صورةً جيّدةً عن عالمنا العربيّ.مظاهرة

عندما كنّا في مؤتمر الشّباب العالميّ الذي عُقد في نيودلهي عام 1981، وكنت أنا و د.طالب عمران وحاتم إدريس - أبو خالد - نمثّل سورية، وكانت المرأة الحديديّة  الرّاحلة السّيّدة أنديرا غاندي رئيسةً للوزراء، وقد أخذت تسلّمُ على الوفود الأجنبيّة التي اصطفّت للقائها، وتتحدّث مع كلّ وفدٍ لبضع دقائق وتطرح قضايا تهمّ البلدين بكلّ ثقةٍ وذكاءٍ خارقٍ ودرايةٍ بالقضايا الخارجيّة لبلادها وعلاقات الهند. وعندما وصلت إلى وفدنا قال لها منظّمو المؤتمر: "هذا هو الوفد السّوريّ"، فسلّمت علينا وقالت: "سورية، لا مشكلة لدينا مع سورية، اللي بعدهم..." وهنا قلتُ لها: "سيّدة أنديرا نحتاج معك صورةً على الأقلّ، لا تبخلي علينا بهذه الدّقيقة"، وتصوّرنا معها، وتابعت ترحيبها بالوفود وهي تبتسم.

سبق لي أن زرتها في منزلها في عاميّ 1979 – 1980 عندما كانت في صفوف المعارضة  بزيارةٍ خاصّةٍ للحديث فقط عن القضايا العربيّة بشكلٍ عامٍّ والهنديّة - السّوريّة بشكلٍ خاصٍّ. وفي مبادرةٍ شخصيّةٍ خلال زيارةٍ لها، ذكّرني بها الزّميل د.طلال البلاني، وكان بصحبته شابٌّ فلسطينيٌّ، وكانت قد خصّصت عشر دقائق فقط لهذا اللقاء لكنّه امتدّ إلى خمسين دقيقةً، وتحدّثت خلاله الزّعيمة الرّاحلة لمدّة ربع ساعةٍ على الأقلّ عن شخصيّة الرّئيس الرّاحل حافظ الأسد، وماتكنّه له من فيض احترامٍ، ودوره البارز في حركة دول عدم الانحياز، التي كانت الهند من المؤسّسسين لها، وأشادت بمواقفه الوطنيّة ودفاعه عن القضايا العربيّة، ونتذكّر جيّداً ما قالته السيّدة أنديرا من عبارات في مدحها للرّئيس الخالد، إذ قالت لو أنّ ثمّة زعيماً عربيّاً آخر مثله لتغيّرت ملامح غرب آسيا (الشّرق الأوسط)، كما أثنت بشكلٍ كبيرٍ على شخصيّة الزّعيم الفلسطينيّ الرّاحل ياسر عرفات إذ كان يعتبرها بمثابة أختٍ له؛ ولذلك هناك تعاطفٌ كبيرٌ في الشّارع الهنديّ مع القضيّة الفلسطينيّة. وأكّدت السّيدة غاندي على حبّها لسورية في دورة الألعاب الآسيويّة عام 1982 خلال حفل الاختتام وتوزيع الجوائز عندما فاز البطل السّوريّ طلال النجّار بالميداليّة الذّهبيّة ببطولة رفع الأثقال بحضور أعضاء السّلك الدّبلوماسيّ السّوريّ في الهند، أذكر منهم د. سليمان جاموس و م. عبد اللّطيف الشّلبي ود. طالب عمران و د. نوري عجيل، وأشادت السّيّدة غاندي بسورية بقولها: "دائماً لدى سورية عمالقة" ...مظاهرة

 

تربطني علاقاتٌ طيّبةٌ مع البروفوسور أشروي ناراين، الذي يشرف حالياًّ على المعهد الهندي للدّراسات الاجتماعية في العاصمة الهندية دلهي، وتعزّزت هذه الصّداقة بعد مشاحنةٍ في أوائل التّسعينات عندما كان يعمل محرّراً في صحيفة الهندوستان تايمز، وهي من أوسع الصّحف الهنديّة انتشاراً، فمع تطبيع العلاقات الهنديّة الإسرائيليّة، بدأ الاختراق الاسرائيلي للإعلام الهنديّ، ونشرت الصّحيفة افتتاحيّةً أساءت بها إلى القضيّة الفلسطينيّة بطريقةٍ أثارت غضبي لأنّها كانت بعيدةً عن الواقع، ولم أكن أعرف أحداً في الصّحيفة، وأردتُ ان أعبّر عن امتعاضي بطريقتي الخاصّة، فتوجّهت إلى مبنى الصّحيفة في العاصمة الهنديّة، وكانت بالقرب من بوّابة دلهي، وطلبتُ مقابلة رئيس التّحرير، وسمحوا لي بالدّخول، وتوجّهت إلى غرفة التّحرير، وكان رؤساء التّحرير يعقدون اجتماعاً، وبعد أن ألقيت التّحيّة عليهم تفاجؤوا بدخولي، وكانوا مهذّبين كعادة الهنود في استقبال الضّيف الأجنبيّ، وبادرت فوراً بالقول وعدد الصّحيفة بيدي: "من كتب هذه الافتتاحيّة؟ ومن أين له هذه المعلومات؟ كيف تكتبون عنّا بهذه الطّريقة دون مراجعة الحقائق وأنتم صحيفةٌ محترمةٌ؟ لكأنّ الكاتب قد حصل على الإملاءات من سفارةٍ معاديةٍ!" حاولوا تهدئتي، وطلب منّي البروفوسور آشروي ناراين الجلوس والهدوء والنّقاش معهم. بقيت عندهم قرابة نصف ساعةٍ، شرحت لهم خلالها عن الوضع في منطقتنا  وثباتنا على مواقفنا وحقّنا في الدّفاع عن حقوقنا المغتصبة وأنّ القضيّة الفلسطينيّة هي لبّ الصّراع العربيّ الإسرائيليّ، ودون حلٍّ للقضيّة لن يكون هناك سلامٌ في غرب آسيا (الشّرق الأوسط)، وشكرتهم وحافظنا على علاقاتٍ ودّيّةٍ مع عددٍ منهم أصبحوا من كبار المحلّلين والكتّاب. لم يطلب منّي أحدٌ القيام بذلك، ولكنّني أمارسُ مهنيتيّ في الدّفاع عن الحقّ، وتفهّم الهنود الموقف وهم يحترمون من يؤمن بمبادئه ويدافع عنها، ولم ولن أتغيّر.مظاهرة

مازالت علاقتي وطيدةً مع الصّحفيّين الهنود، وقد بُنيت على الاحترام المتبادل والنّقاشات الموضوعيّة، وهناك اطّلاعٌ  وتفهّمٌ بشكلٍ كبيرٍ للمهتمّين بالشّأن العربيّ. وكلّ من زار سورية دون سابق تحضيرٍ شاهد بأمّ عينيه طبيعة الشّعب السّوريّ وحسن ضيافته واحترامه للشّعب الهندي، وهذه عاداتٌ ورثناها عن أجدادنا. وعاتبني عددٌ من الأصدقاء الذين كانوا ضمن الوفد المرافق لرئيسة الجمهورية السابقة براتيبا باتيل ورئيسَي الوزراء الرّاحلين راجيف غاندي وآتال بيهاري فاجباي بأنّني لم أشرح لهم عن بلادي، وكان جوابي دوماً: "تركتكم تكتشفون ذلك بأنفسكم"، وبالفعل عاد منهم , كتب عن تجربته مع سائق تكسي رفض أن يأخذ أجرةً منه عندما عرف أنّه من الهند، ومع صاحب محلٍّ في الحميديّة قدّم المِسبحة هديّةً لآخر كان يشتري من محلّه عندما عرف أنّ المسبحة هديّةٌ لوالده، وغيرها من القصص والقصص التي لا تحصى.

أذكر حادثتين تركتا أثراً في نفسي، الأولى كانت قبل زيارة الزّعيم الرّاحل راجيف غاندي إلى دمشق عندما جاء الزّميل الرّاحل، كريكامفالا، وكان كاتباً مرموقاً ومحرّراً في  مجلة الفرونت لاين وصحيفة الهندو، لزيارة السّفارة السّوريّة في دلهي  لأخذ التّأشيرة وإجراء لقاءٍ مع السّفير المخضرم محمد خضر - أبي ماهر - أطال الله بعمره، وقد استقبله في مكتبه وبقي عنده قرابة السّاعة، وقام بتغطية زيارة الزّعيم الرّاحل راجيف وزوجته السّيّدة سونيا غاندي، وكتب في المجلّة وتحدّث عن العلاقات الهنديّة السّوريّة، وتطرّق إلى شخص السّفير السّوريّ وشبّهه بالرّئيس الرّاحل حافظ الأسد. ولنا وقفةٌ في مقالاتٍ مقبلةٍ عن السّيّد محمد خضر.

 

الحادثة الثانية كانت خلال حفل التّكريم لجائزة حريّة التعبير في العاصمة البولنديّة -وارسو - عام 2013، إذ ألقيت كلمةً تحدّثت بها عن حرّيّة الرّأي والتعبير وضرورة التّعامل مع مايحدث في العالم العربي بموضوعيّةٍ وعدم الكيل بمكيالين، وتحدّثتُ عما يتعرّض له الوطن العربي بشكلٍ عامٍّ، وسوريّة  بشكلٍ خاصٍّ، من قتلٍ وتدميرٍ وتشريدٍ، وضرورة وقف الحرب وسفك الدّم ونبذ الإرهاب ومحاربته. وأسهبتُ بالحديث عن حضارتنا وتاريخينا المعاصر ورغبتنا في العيش بأمنٍ وسلامٍ؛ وبعد الانتهاء من الكلمة قامت سيّدةٌ من على طاولتها، وعرّفت بنفسها على أنّها سفيرة كندا لدى بولندة وقد كانت في سورية مابين عامي 2010، -2012، وقالت لي إنّ قلبها يكاد ينفطرُ لما يحدثُ في سورية، وصادقت على كلّ ما قلته وما يحدث من ظلمٍ وعدوانٍ على الشّعب السّوريّ.

أستذكر هنا خلال مؤتمرٍ دوليٍّ لمحاربة الإرهاب في مدينة جيبور في ولاية راجستان،  وكانت القاعة مليئةً بالباحثين الأمريكيّين ورؤساء معاهد الدّراسات الاستراتيجيّة من تلّ أبيب والولايات المتّحدة، بمن فيهم دانيال بايبز، رئيس منتدى الشّرق الأوسط (Middle East Forum)، والمؤيّدين للعلاقات المتينة بين الهند وإسرائيل ، تحدّثتُ في ورقتي البحثيّة عن القضيّة الفلسطينيّة بإسهابٍ وعن أنّها السّبب الرّئيسيّ للصّراع العربيّ - الإسرائيليّ، وأنّ إسرائيل كيان استعماريّ، ونشرتُ صوراً عن تعذيب القوّات الأمريكيّة للعراقيّين المعتقلين في سجن أبي غريب والذلّ والمهانة التي تعرّض لها العراقيّون، وهي من الأسباب التي أدّت إلى انتشار الإرهاب من أفغانستان إلى ما بعد الاحتلال الأمريكيّ - البريطانيّ للعراق.

وكانت جلستنا تضمّ الكاتب الصحفيّ وعضو البرلمان م .ج أكبر، وخلال فترة الأسئلة والأجوبة سألني الكاتب البلوتشي الكنديّ  المحبوب والمشهور في الهند حاليّاً - طارق فاتح - لماذا استخدمتُ عبارة "كيانٍ استعماريٍّ (colonial enclave)" عن إسرائيل؟ وكان مدير معهد واشنطن اليهوديّ الأمريكيّ يجلس بجانبه، أجبته أنّنا نحن ساميّون ولا نعادي السّاميّة، ويحقّ لإسرائيل العيش بجانب دولةٍ فلسطينيّةٍ مستقلّةٍ، وطالما أنّ  الشّعب الفلسطينيّ لم ينل  حقّه في تقرير مصيره على أرضه استناداً لقرارت الشّرعيّة الدّوليّة وإسرائيل ترفض ذلك،  فإنّ اسرائيل ستبقى كياناً أنشأته الدّول الاستعماريّة،  والصّراع العربيّ – الاسرائيليّ هو معركة وجودٍ إذاً.وائل

 كان هناك  سخطٌ وغضبٌ من المؤتَمِرين الأمريكيّين والإسرائيليّين في القاعة والّذين طلبوا من المنظِّمين عدم دعوتي في المستقبل ومقاطعتي، ولم أحرّك ساكناً، ولم أغيّر من مواقفي، وبالفعل عُقدت مؤتمراتٌ لاحقةٌ حول الموضوع ذاته وتمّ استبعادي عن المشاركة ...

عندما اعتقلنا أثناء تغطية الغزو الأمريكيّ للعراق عام 2003، كان القلق يخيّم على الأصدقاء والأقارب وزملائي من  الصّحفيّين الهنود والعرب، وكان الأقرب لي هو الدّكتور خالد العنزي - أبو الفوز - ابن الأصل، مدير مكتب وكالة الأنباء الكويتيّة في الهند آنذاك، الذي تواصل مع عائلتي ومع الصّحفيّين الهنود الذين ظنّوا أنّي قد قُتلت أثناء تغطية الحرب. ونشرت الزّميلة جوتي مالهوترا الخبر في الصّفحة الأولى من صحيفة الإندين إكسبرس عن أنّنا مازلنا في عداد المفقودين ومجهوليّ المصير، وكانت كلماتها بمثابة عزاءٍ بوفاتي كما أخبرني جون تشريان محرّر مجلة الفرونت لاين ومازالت قصاصة الخبر من الجريدة بحوزتي، فقد كتَبت فيها جوتي عن أنّني كنت  الصّحفيّ العربيّ الوحيد الذي يدافع عن القضيّة الفلسطينيّة وبلده سورية و يتجرّأ و يجادل المسؤولين والوزراء الهنود في المؤتمرات الصّحفيّة وخلال الاجتماعات الأسبوعيّة في وزارة الخارجيّة الهنديّة، وأنّني المصدر الوحيد للقضايا العربيّة. وبالمناسبة لم يطلب منّي أحدٌ ذلك، وقلّما كانت هذه الأخبار تُنشر في الصّحافة العربيّة والسّوريّة، بيد أنّني كنت أدافع لإيماني بقضايانا وحبّاً بالوطن العربيّ الذي يجمعنا  والمصير المشترك.

خلال زيارةٍ إلى دمشق عرّجت على الدّكتور صابر فلحوط، وكان رئيس اتّحاد الصّحفيّين السّوريّين آنذاك، ودعاني لحضور حفل يوم الصّحفيّ السّوريّ الذي يقيمه الاتّحاد سنويّاً، اعتذرت منه، ولكنّه أصرّ على حضوري، وقلت له: "لا تزعل إذا كان سؤالي محرجاً"، وأكّد قائلاً: "أعرفكَ، ولن يكون سؤالك محرجاً بل موضوعيّاً."

كانت القاعة تكتظّ بالصّحفيّين السّوريّين، وكان السيّد فاروق الشّرع ضيف الشّرف، وقد حضر مع عددٍ من موظّفي وزارة الخارجيّة السّوريّة وكبار المسؤولين في العاصمة، وكان الزملاء يسألون وهو يدوّن الأسئلة التي ووصلت إلى 86 سؤالاً، وكدت أفقد أعصابي، وكان السّؤال قبل الأخير من الزّميل د.نضال قبلان، إذ كان جالساً في الصفّ الأماميّ، ونظر إلي الدّكتور صابر ورفع شاربيه، فرفعتُ له يدي، وسألتُ السيّد فاروق وقلت له: "بعد شكري للدّكتور صابر،  لديّ مداخلةٌ وسؤالٌ كوني ضيفاً عليكم"،  وتحدّثتُ عن سبب فشل خطابنا السّياسيّ والإعلاميّ في إقناع الرّأي العامّ العالميّ وأنّهم امام مسؤوليّةٍ تاريخيّةٍ للدّفاع عن قضايانا بعد أن حوّلوا  سورية من دولةٍ صاحبةٍ للحقّ إلى دولةٍ في قفص الاتّهام. والسّؤال هو: "متى سنتخلّى عن المركزيّة في الخطابَين، الإعلاميّ والسّياسيّ، ونضع آليّةً جديدةً لمواجهة التّحديات والمخاطر المحدقة في بلدنا؟" أجاب على الكمّ الهائل من الأسئلة قدر الإمكان، ولم يجب على سؤالي، وصافحته بعد انتهاء المؤتمر.

لقد تعلّمت في حياتي المهنيّة وفي عملي ألّا أنتظر مكافأةً من أحدٍ أو ردّاً للجميل، بل أقنعُ نفسي أوّلاً بما أقوم به، وعندها أقوم بعملي وأنا سعيدٌ حتّى ولو لم يكن هناك ردّ جميلٍ. وهذه هي سنّة الحياة يتذكّرنا النّاس الطّيّبون ونتذكّرهم دائماً، ومازلنا على العهد باقون في الدّفاع عن الوطن وحمايته وصونه لأنّنا على إيمانٍ بأنّ شعبنا هو الذي يقود التّغيير والمستقبل لنا وأجيالنا الشابّة في الطّليعة ...

"والقدسُ عروسُ عروبتنا ..." وتحيّةً لشعبنا الفلسطينيّ الصّامد في يوم القدس.

 

وللقصّة تتمّة

                                                                 الدّكتور وائل عوّاد

                                                     الكاتب والصّحفي السّوريّ المقيم بالهند

 

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية - خاص

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.