تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الدكتور وائل عواد يتابع الكتابة من الهند من وحي الحجر الصحي عن كورونا و -يوميّات قنّاص كركرونا – من مدارس الحكماء: فنجان قهوة على كيفك  - 39-

مصدر الصورة
خاص

قلّما تجد مواطناً عربيّاً أو أجنبيّاً غير مولعٍ بشرب فنجان القهوة الصّباحيّ وإن اختلفت طريقة التّحضير والنّكهة، بيد أنّ المتعة الصباحيّة لا تُعوّض ولا يكتمل اليوم دون ارتشافهِ. هي عادةٌ كبرتُ وترعرعتُ عليها منذ نعومة أظفاري، إذ نشأتُ على تناول فنجان القهوة المرّة التي كان والدي، رحمه الله، يحضّرها في بيت الضّيافة (المنزول) في ضيعتي تلتوت، فكان يتعيّنُ علينا أن نتذوّقها قبل أن نجهّزها ونقدّمها للضيوف. ولم تكن طريقة التّحضير سهلةً، بل تستغرقُ وقتاً طويلاً، لكنّ المتعةَ تأتي من مراقبة الأوعية المصفوفة على الطّاولة، ووضع القهوة جانباً لبعض الوقت بعد أن تُغلى، ومن ثمّ تُصفّى في وعاءٍ آخر وهكذ دواليك حتّى توضع في الوعاء الأخير نقيّةً وقد تمّ غليها لمرّاتٍ عديدةٍ. ويدفعني العشق الصباحيّ للقهوة لغلي الدلّة لبعض الوقت وتناولها مع زوجتي التي أصبحت تحبّها، مع العلم أنّ فنجان الشّاي هو الشّراب المفضّل لدى الإيرانييّن، وقد كان كذلك لديها، ويتمّ تحضيره بطريقة تخمير أوراق الشّاي في إبريقٍ فخّاريٍّ يوضع على إبريق الشّاي النّحاسيّ (السماور) الذي تشتهر به إيران ودول آسيا الوسطى وأفغانستان وأذربيجان. أكرّر هذه الطّقوس كلّ صباحٍ  وكلّما زارنا أصدقاؤنا السّوريّين وحتّى الهنود والأجانب، فهم يستمتعون بفنجان قهوةٍ على الطّريقة السّوريّة أقوم بتحضيره بنفسي، وبالكاد يمرّ يومٌ لا تنسكبُ فيه القهوة من الدلّة على الغاز بسبب الغليان، وزوجتي تقول لي: "كلّ يومٍ كلّ يومٍ ..."، فأخبرها أنّ الرّائحة زكيّةٌ وتطرد البعوض كما قيل لنا ...

وشرب القهوة عادةٌ اجتماعيّةٌ منتشرةٌ في مجتمعاتنا العربيّة، وقلّما أزور سفيراً عربيّاً في مكتبه أو منزله إلا ويستقبلني بفنجان القهوة العربيّة الأصيلة التي تختلف طريقة تحضيرها من دولةٍ إلى أخرى، فسفيرنا المحترم  يحافظ على الأصالة السّوريّة ويقول: "فنجان القهوة بانتظارك ..."، و العمانيُّ يحافظ على الأصالة العمانيّة بتقديم القهوة العُمانيّة المشبعة بالهيل، بينما سفير دولة الكويت يقدّمُ فنجان القهوة الكويتيّة  المميّز، ونسبة الهيل فيه أقلّ والقهوة خفيفةٌ، وكذلك الإماراتيّة والتونسيّة والمغربيّة والعراقيّة والفلسطينيّة..

وفي بلادنا، سورية،  تعجُّ المدن  بالمقاهي الشعبيّة، وترى النّاس قد تجمّعت فيها من جميع شرائح المجتمع. وكنت أتردّد على قهوة الكرنك في عاصمة الياسمين – دمشق - عندما كنت أعرّجُ عليها في طريق عودتي إلى معهد اللّغات حيث كنت أتعلّم اللّغة الإنكليزيّة، وأنتظر المرحوم أخي فوّاز المحامي كي ينتهي من لعب طاولة الزّهر لنعود معاً إلى المنزل في منطقة دمّر القديمة. وترى الجوّ يمتلىء بالدخان والمقهى مكتظٌّ بروّاده، وثمّة وجوهٌ مألوفةٌ تشاهدها يوميّاً، ومنها الجدد ممّن قدموا إلى العاصمة بصحبة معارفهم. كانت تتربّعُ في نهاية الشّارع قهوةُ الفردوس التي تعدّ نقطة علّامٍ أخرى للقاء الأصدقاء ومواعدتهم. وهناك مقهى الروضة مقابل مبنى رئاسة الوزراء القديم بالقرب من عصير أبي شاكر الشّهير، وكنت أذهب إلى أخي في مكتبه عندما كان موظّفاً  في مؤسّسة السندس للأنسجة والسّجّاد، وقلّما لا أصادفُ المرحوم الشّاعر الكبير سليمان عوّاد، رحمه الله، ويناديني للجلوس معه وهو يحتفظُ بالسّيجارة في فمه، ويحمل تحت إبطه كتباً يترجمها أو مفكّرةً يدوّن عليها أشعاره. كان يرغب بإرسالي للدّراسة في رومانيا، باعتبار أنّ له علاقةٌ متينةً مع بوخارست، وقد ترجم العديد من الكتب الرّومانيّة للّغة العربيّة، وتمّ تكريمهُ من قبل الحكومة الرّومانيّة. وكانت العاصمة - بوخارست - من نصيب ابنه د.رياض أخي وصديقي الحميم الذي حللتُ ضيفاً عنده  بعد سنين، إذ زرته في العاصمة الرّومانيّةِ، كما أتوق لزيارته مرّةً ثانيةً.

وكثيراً ما تُقدّمُ القهوة  في منتصف الزّيارة و قبل توديع الضّيوف، وتقضي السّيّدات أوقاتهنّ في قراءة الفنجان والحظّ، حتّى أنّهنّ يقمن بطبّ الفنجان لبعض الأصدقاء والصّديقات وأفراد العائلة إذا كانوا في زيارة خبيرة قارئة الفنجان. وإذا قُدّمَت القهوةُ للضيف في البداية، تتبعها كلمة "قهوة أهلاً وسهلاً"، وهي لباقةٌ سوريّةٌ للتّأكيد بأنّ الضّيف مرحّبٌ به  وليس لتوديعه...

يُروى أنّ حبوب البنّ قد اكتشفها راعي أغنامٍ في كالبي بأثيوبيا حين لاحظ أنّ الخراف والماعز لا ترغبُ بالنّوم بعد تناولِ حبوبٍ من تلك الشّجرة، بل تغدو أكثر نشاطاً. وقد أخبر رئيس الدّير المحلّي الذي شارك بقيّة زملائه الرّهبان بالاكتشاف الجديد، ومن ثمّ انتشرت عن طريق اليمن إلى الجزيرة العربيّة في القرن الخامس عشر الميلادي ومنها إلى جميع أنحاء المعمورة.

وبما أنّني مقيمٌ في الهند ومولعٌ بالقهوة البرازيليّة وحبوب القهوة العربيّة والإنكليزيّة التي  تُزرع في جنوب الهند ، ولن أدخل في متاهات الجدل عن أصول القهوة، هل هي أثيوبيّةٌ أم يمنيّةٌ أو برازيليّةٌ، إذ تتضمّنُ جدالاً تاريخيّاً واسعاً في كيفيّة تهريبها وزراعتها في مناطق أخرى من العالم، وقد حوربت من قبل تركيا إبّان الاحتلال العثمانيّ للوطن العربيّ، وحُرمَ البعضُ من تناولها، وأُصدِرت الفتاوى في ذلك كما هي فتاوى تجّار الدّين المزيّفين في زمننا المعاصر، ولكن، الحقّ يقالُ، فقد اصطحبها المستعمر البريطانيّ أينما حلَّ وجنى من زراعتها ثرواتٍ طائلةً.

 أجريتُ بعض الأبحاث عن أماكن زراعة البنّ، وكانت لديّ رغبةٌ في إجراء تحقيقٍ تلفزيونيٍّ عنها، وقد كانت المفاجأة بوجود قبيلة كودافا في منطقة غورغ من ولاية كارناتكا الجنوبيّة تعيش في تلك المناطق الجميلة، وتعمل في قطّاع الزراعة لمادّة القهوة والهيل وأجمل أنواع الورود والزّهور. وبالفعل التقيتُ مع زعيم القبيلة – ناتشابا - الذي كان يقود تجمّعاً لأبناء القبيلة في العاصمة دلهي، يعبّرون عن احتجاجاتهم لإهمالهم من قبل الحكومة المركزيّة، ورفض الحكومة الاعتراف بهم على أنّهم قبائل مستقلّةٌ، ويطالبون بالحفاظ على عاداتهم وتقاليدهم ويعارضون  ضمّهم من قبل ولاية كارناتكا الجنوبيّة عام 1957، ويتمسّكون بوطنيّتهم وانتمائهم للهند؛ والكثيرُ منهم هم من كبار القادة  الضبّاط الذين خدموا في الجيش الهنديّ. يتردّد عددٌ منهم سنويّاً على العاصمة دلهي للمطالبة بالموافقة على مطالبهم، ويلتقي بهم مسؤولٌ حكوميٌّ، ويعودون أدراجهم. لفتت انتباهي طريقة لباسهم والتي هي قريبةٌ إلى الزيّ اليمنيّ والعمانيّ، وهم من القبائل مجهولة الهويّة، فبدأت أجري الأبحاث للتعرّف عليهم أكثر، واتّفقت مع زعيم القبيلة أن أزورهم وأجري فيلماً وثائقيّاً  لصالح قناة العربيّة عام 2007، لعلّ وعسى يشاهد الفيلمَ أبناءُ اليمن وسلطنة عُمان ويحاولون التّواصل معهم، فهذه المنطقة الجميلة كانت تحت سلطة السّلطان تيبو (سلطان فاتح علي صاحب تيبو نمر ميسور) الشّهير الذي حارب الاستعمار الانكليزيّ بضراوةٍ من مملكته ميسور .

تشتهرُ منطقة كودافا بجبالٍ شامخةٍ تمتاز بجمالها الطّبيعيّ، وتمتدُّ بالقرب من نهر كافيري، وتقول كتب التّاريخ أن كوداغو - أي كورغ - كانت مملكةً مستقلّةً حتّى عام 1633، خضعت بعدها لحكم ملوك لنجايات من سلالة أكيري، أعقبها خضوع الإقليم إلى الاستعمار البريطانيّ، وبقي إقليماً مستقلاًّ حتى عام 1947.

وحسب القانون الهنديّ لعام 1923، فقد شُكّل مجلسٌ تشريعيٌّ مؤلّفٌ من 20 عضواً،  15 منهم يتمّ انتخابهم و5 يتمّ تعيينهم. ويقع إقليم كورغ في الغور الغربيّ للهند. عاش أهالي كودافا في عزلةٍ عن العالم لقرونٍ من الزمن، وتعدّ مقاطعة ماديكيري المركز الرّئيسيّ للإقليم حيث يقطنها السّكّان الأصليّون وخليطٌ من المهاجرين من الولايات المجاورة.

تبعدُ المنطقة عن العاصمة دلهي 1800 كم،ُ وتقع على ارتفاع 3000 قدمٍ فوق سطح البحر. لقد كان زعيم القبيلة في استقبالنا معوائل ضَيفين منهم، واصطحبونا إلى الفندق على أن نبدأ التّصوير في اليوم التّالي، ونذهب إلى مناطق تواجد القبيلة، وهم 23 عشيرةً مجهولة التّاريخ يعيشون في المناطق الجبليّة، ويمتلكون مساحاتٍ شاسعةً من الأراضي الزّراعيّة؛ يتمتّعون ببنيةٍ جسديّةٍ قويّةٍ وملامح وجهٍ شرقيّةٍ، ببشرةٍ فاتحةٍ وعيون ملوّنةٍ؛ تقاسيم الوجه والشّوارب أقرب إلى اليمنيّين والعُمانيّين وكذلك دول آسيا الوسطى، لباسهم يعرف بالكوبياشيلي، والخنجر على الخصر يحمل شعار الهلال والنّجم، وهم يفتخرون بلباسهم الذي توارثوه لأجيالٍ متعاقبةٍ.

كان الطّريق شاقاًّ وسط هذه الوديان والغابات المثمرة والمكتظّة على مدّ النظر، وتعدّ هذه المنطقة منبع نهر كافيل، أو ما يعرف في الجنوب بنهر الغنج المقدّس، وتصبُّ فيه روافد من المناطق الجبليّة، ولم يُكتَب الكثيرُ عن تاريخ سكّان المنطقة.

 كانت أصوات قرع الطّبول قد  شقّت سكون في الغابة، إنّه موسم الحصاد، والقرويّون يحتفلون. ليس هناك الكثير من المهرجانات، لكنّ مهرجان الحصاد هوتاري يعدُّ مناسبةً للاحتفال، ويُحدّد يوم الاحتفال من قبل المنجّم، ويقوم النّاس بالرّقص على شكل دائرةٍ بالقرب من الشجرة وبأيديهم عِصيُّ الرُّطب.

تختلف طباع أهالي القبيلة عن غيرهم مشعب هندين سكّان شبه القارّة الهنديّةِ؛ تفتتحُ المرأةُ الصّباحَ بأداء الصّلاة والتعبّد للشمس، وترتّل بعض الكلمات التي تشيد بالقوّة الكامنة وراء هذه الأشعّة، ومن ثم ترشُّ الماء حتّى عتبة البيت، وتصلّي على أرواح الأجداد، وهي عادةٌ متّبعةٌ، فليس ثمّة تماثيل أو معابد أو مساجد أو حتّى كنائس لديهم. وبعد القيام بالأعمال المنزليّة، تشارك المرأة في أعمال الحقل؛ أمّا الرجال فيتركون الأعمال الوضيعة للنّساء والخدم، ويستمتعون بالاسترخاء وتناول أوراق نبتة التّميم. تكتظّ منازل القبيلة، وفي بعض الأحيان يتواجد أكثر من 80 شخصاً تحت سقفٍ واحدٍ، ولذلك تبقى المرأة مشغولةً طيلة ساعات النّهار في حلب الأبقاء وتربية الدّواجن والخنازير وتوفير مياه الشّرب. ورغم كلّ هذه الأعمال، فإنك ترى المرأة الكورغية نظيفةً وفي أبهى هندامها وتتمتّع بروحٍ عاليةٍ، كما أنّها تحافظ على التّعايش داخل الأسرة الواحدة بعيداً عن المشاجرات أو المشاكل اليوميّة المتعارف عليها، وتسعى للحفاظ على شرف وسمعة العائلة.  والمرأة الكورغية أيضاً طاهيةٌ ممتازةٌ وربّة منزلٍ بجدارةٍ. وأهالي القبيلة كرماء بطبعهم، ولا يخرج محتاجٌ من منازلهم جائعاً، وإذا لم تتناول شيئاً في منزلهم، فإنّ ذلك انتهاكٌ صارخٌ لعادات وتقاليد قبيلة الكورغ؛ وتنعكس هذه الطّيبةُ على الأطفال الذين يتمتّعون بروحٍ عاليةٍ من الطّاعة والاحترام، وينحنون احتراماً للكبار ويلمسون أقدامهم في التّحيّة، ويقوم الكبار بدورهم بمباركتهم بلمس رؤوسهم.

يكون المنزل عادةً بجانب الحقل محاطاً بالأشجار المثمرة، والسّقف مصنوعٌ من القصب، وثمّة فتحةٌ وسط المنزل لجمع مياه الأمطار بها، وما إن تدخل المنزل، تجدُ على اليمين الغرفة الأولى لربّ المنزل، والثّانية للمطبخ، ويقودك هذا السّرداب الضيّق إلى غرفةٍ وضعت عليها السّلالم، إذ يوجد مخزنٌ في الأعلى يتمّ الاحتفاظ فيه بحبوبٍ من الأرزّ والبقوليات وغيرها من الموادّ التموينيّة.لباس هندي

 يعرف عن الكورغ أيضاً ولعهم بصيد النّمور، وثمّة رقصةٌ تدعى (رقصة النّمر)، إذ يحقّ لمن يصطاد النّمر أن يتزوّج، ويقال إنّ أحدهم تزوّج سبع مرّاتٍ بعد أن اصطاد سبعة نمورٍ. وبما أنّ صيد النمور محظورٌ حالياًّ فإنهم يكتفون باصطياد الطّيور والأرانب وبعض الحيوانات البريّة. أرجو ألّا يتحمّس أحدٌ من القرّاء فقد منع اصطياد النمور حاليّاً وحتّى الغزلان، وسوف تودي بك إلى السّجن الحقيقيّ، لا إلى عشّ الزّوجيّة الجديد.

يتم تحضير العشاء حيث تتنوّع الأطباق على الطاولة، وهم بطبعهم شعبٌ مضيافٌ كريمٌ، ويستمتعون بإكرام الضّيف، خاصّةً الضيف الذي يأتي دون سابق موعدٍ.

كانت رائحة القهوة تعبّق المكان، إذ تُنشَرُ حبوب القهوة تحت أشعّة الشّمس وأشجار نبتة الهيل، ونباتات التّوابل والفواكه المتنوّعة تعمّ المكان؛ ووجدت لنفسي بين الأشجار مكاناً للجلوس لساعاتٍ والاستمتاع بتناول فنجان قهوة  طازجةٍ أتذوّق منها مختلف النّكهات، إذ تشتهر المنطقة بزراعة حبوب القهوة العربيّة -  أرابيكا - والإنكليزيّة - روبوستا - في هذه التّربة الخصبة التي تُعدُّ من أكثر المناطق حيويّةً في العالم .وائل مصورا

أتذكّرُ هذه الأيّام الجميلة إذ أحتسي القهوة بين الأشجار بالقرب من شلّالات نهر كافيري عندما سقطت فاكهةٌ بحجم التّفاح قاسية القشرة بالقرب منّي، وسألتُ زعيم القبيلة عنها فأخبرني أنّها فاكهةٌ مخمّرةٌ وطعمها لذيذٌ ومنشّطٌ، وبالفعل كان بداخلها سائلٌ بطعم النّبيذ، وشعرتُ بنشوةٍ. وبما أنّني المكتشف سأسجّل براءة الاختراع وأقوم بزراعتها ونشرها في العالم وأجني منها الملايين وأتابع رحلة الحياة.

وما يجعل طعم هذه القهوة مميّزاً في تلك المناطق هو نموّها في الظّلّ، حيث تنمو ببطءٍ وتكون النّكهة لذيذةً بأقلّ  نسبةٍ من الحموضة. ويُقالُ بأنّ حبوب البنّ قد تمّ جلبها من ولاية كيرالا الجنوبيّة من منطقة مالابار عن طريق التجّار، وتمّت زراعتها على نطاقٍ واسعٍ في منطقة كورغ تحت حماية السّلطات لمنع تقطيع الأشجار والغابات هناك وزراعتها في الظّلّ، وإذا كنت متواجداً في أوروبا، ففرصتك كبيرةٌ في تناول فنجان قهوةٍ من غوورك لأن 70% من  ناتج حبوب البنّ يُصدّر إلى الأسواق الأوربيّة.

أغلقتُ باب ذكرياتِي مع قبيلة كودافا والقهوة الأوربيّة، ليقرع ناقوس الحنين وأنا أستمعُ لتكبيراتِ العيد على التّلفاز وأحتسي قهوتي الدّمشقيّة المضمّخةِ بالهال ورائحة الوطن. هاهي زوجتي تحمل طبق الحلوى الفارسيّة اللّذيذةِ وتحتسي معي كدأبها قهوة الصّباح. كانت رائحة الكعك السّلمونيّ الشّهيّ الذي تعدّه والدتي يخضّب ذاكرتي بأنين الشّوق. وفي خلوة المشاعر والذكريات التقطت هاتفي لأعايد الأهل والأحباب وأتمنّى لهم عيداً سعيداً خالياً من الكورونا والأوبئة، وكلّ عامٍ وأنتم بألف خيرٍ، ولكم عاطر أمنياتي مع فنجان قهوةٍ بعذوبة صوت أسمهان "أسقي بإيدي القهوة... أنا أهوى"، أهوى وطني وترابه وقهوته. وها أنذا أحتسي قهوتي على أنغام صوت فيروز الملائكيّ "ياربّ تزيد خيرك وتعيد .. عالدّنيي كلّها إيّام العيد".

وللقصّة تتمّةٌ...

                                 الدّكتور وائل عوّاد

                     الكاتب والصّحفي السّوريّ المقيم في الهند              

 

 

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.