تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

أوروبا والمغامرات التركية

مصدر الصورة
عن الانترنيت

تتنقل تركيا من رقعتها الجغرافية، فتنقل معها الأزمات وتصدر الخراب إلى دول العالم؛ إذ لم تكن قد أنهت عمليات التدمير الممنهج في سورية جغرافياً وسياسياً، حتى انتقلت إلى ليبيا لتعيث فيها فساداً، إثر تدخلها لصالح الميليشيات التابعة لحكومة الوفاق الوطني، وإرسالها آلاف المرتزقة للقتال إلى جانبها من سوريا واليمن ودول أخرى عدة، حتى إنها تتفاخر بأنها غيرت المعادلة العسكرية على الأرض، وهو ما صرح به أكثر من مسؤول تركي.

وإذا كانت تركيا ترى مصلحتها في الوجود الدائم في ليبيا بعد سورية والعراق، فإن الدور الأوروبي الغائب أو الحاضر على خجل في هذه الأزمة، يطرح تساؤلات عن حدود هذا الدور وقدرته على ردع المغامرة التركية في ليبيا، التي صارت تشكل خطراً ليس على ليبيا والمحيط العربي فحسب؛ بل على أوروبا نفسها، وهو ما أعلن عنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي اصطدم في الآونة الأخيرة مع تركيا في أكثر من محطة؛ لأنه يُدرك أنه إذا بقيت أوروبا متفرجة مترددة، سترى نفسها فاقدة التأثير في شواطئ طرابلس الغرب حتى شرق المتوسط.

الأخطر من ذلك، هو أن أوروبا تخشى من تأثيرات المجموعات الإرهابية في ليبيا، لدرجة بات يتم معها الحديث عن «قوس إرهابي» بدأت ملامحه في التشكل، يبدأ من تشاد ونيجيريا ويمتد حتى الشرق الأوسط، بحيث تتحول ليبيا في ظل الوجود التركي إلى حاضنة لهذه المجاميع، خاصة أن أنقرة تدعم انتشار الإرهاب فيها، لتصبح بمثابة هراوة تستخدمها في خلافاتها وصراعاتها مع أوروبا، ومع من يختلف معها من الدول العربية.

والسؤال هو: لماذا بات الدور الأوروبي يتراجع في ليبيا، وكيف يمكن للقارة العجوز النجاة من خطط الشر التي يتبناها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لمحاصرتها من جنوبها، ولماذا تترك له الساحة ليلعب دوراً في تدمير المجتمع الليبي، ويضع أوروبا كلها في فوهة مدفع قابل للانفجار في أية لحظة؟

من المهم الإشارة إلى أن تركيا، ومنذ سنوات، تستغل موقعها الجغرافي الذي يعد بمثابة بوابة إلى أوروبا لتهديد هذه القارة بقضية المهاجرين، وتتحين أي فرصة أو أزمة لتبتزّ الأوروبيين بهذه الورقة، خاصة مع إدراكها لمخاوف دول القارة من موجة المهاجرين القادمين من منطقة الشرق الأوسط، بفعل الحروب التي تعد تركيا أحد مشعليها ومموِّليها في أكثر من بقعة في العالم.

موقف أوروبا المترددة حيال تركيا وهي تراها تعبث بالملف الليبي كما عملت وتعمل مع الملفين السوري والعراقي، خاصة مع إرسالها قوات عسكرية والذي يعد بمثابة غزو دولة أخرى يثير قلق العديد من المراقبين الذين يطالبون أوروبا ب«ردم الهوة بين الكلام والفعل»، وأن يكون لها موقف حازم يضع حداً للمغامرات التركية سواء في أوروبا أو خارجها.

مصدر الخبر
افتتاحية الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.