تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الليرة التركية وسؤال الاستقرار

مصدر الصورة
عن الانترنيت

فيصل عابدون

يوضح تقرير نشرته خدمة وكالة «رويترز» البريطانية، منتصف الأسبوع الحالي، تراجعاً جديداً لليرة التركية؛ بعد أن لامست مستوى انخفاض قياسي الأسبوع الماضي. ويثير هذا التدهور المستمر في قيمة العملة التركية، قلقاً واسعاً لدى الرئيس رجب طيب أردوغان، كما أنه يطرح تساؤلات جدية حول مدى استقرار الحكومة التركية في ظل تعاظم الاستياء الشعبي من تدهور الوضع الاقتصادي، والضائقة المعيشية، وارتفاع معدلات البطالة.

وفي واقع الأمر، فإن المخاطر التي تهدد بقاء أردوغان في الحكم تتخطى مأزق الأزمة الاقتصادية الذي تضيق حلقاته بشكل متواصل إلى مشكلة العزلة الدولية التي باتت تخنق نظام حكمه على خلفية مغامراته الخارجية، وسياساته التوسعية في دول الإقليم. إن أردوغان يبدو كمن يستقطب العداء في كل خطوة يخطوها خارج حدود تركيا؛ لكن الخطر الأكبر يبرز من الداخل؛ إذ إن فشل التدخلات الخارجية؛ تفاقم من تدهور الوضع الاقتصادي؛ الأمر الذي يضع أعباء باهظة على الشعب التركي، ويزيد من موجة غضبه ونقمته.

كيف يظهر شكل السياسة الخارجية التركية حالياً؟ هل حققت نجاحات يمكن أن تعزز الاستقرار الداخلي؟ هل كسبت تركيا المزيد من الأصدقاء، وحافظت على حلفائها في العالم؟، هل نجحت خططها التوسعية في العراق وسورية أم أنها غرقت في المستنقعات والرمال المتحركة للمنطقة؟ هل حققت أهدافها من التدخل العسكري في ليبيا؟

إن الإجابة عن كل هذه الأسئلة؛ ترسم فشلاً كبيراً، فتركيا اليوم تقترب من أن تكون دولة منبوذة بلا أصدقاء ولا حلفاء. كما أن سياستها العدائية ضد اليونان وقبرص، ومناوراتها الانتهازية في قضية اللاجئين، باتت تضعها أكثر فأكثر في مرمى العقوبات الأوروبية، وتبعدها بالتالي عن الترشح لعضوية الكتلة الأوروبية التي كانت تطمح للوصول إليها.

هناك أيضاً قضية تحويل نظام الحكم في تركيا إلى شأن عائلي، وهي القضية التي برزت مؤخراً؛ بعد فشل السياسات الاقتصادية لوزير المالية بيرات البيرق وهو صهر أردوغان، وأصبحت هذه القضية محوراً للهجوم على الرئيس مع تراجع قيمة العملة التركية إلى مستوى قياسي لم تبلغه في تاريخها.

واتهم قادة المعارضة البيرق بتدمير الاقتصاد التركي خلال العامين الماضيين، وقالوا: إنّ الليرة التركية كانت عند 4.54 لكل دولار، و5.34 لكل يورو، وقت توليه منصبه. بينما تجاوزت قيمة الدولار الأسبوع الماضي 7.30 ليرة، واليورو تجاوز 8.70 ليرة. وقال جارو بايلان نائب عن حزب الشعوب الديمقراطي: إنّ المواطنين الأتراك أصبحوا فقراء، بينما ارتفعت معدلات البطالة، وأصبحت كُلفة المعيشة لا تُحتمل خلال فترة تولي البيرق لمنصبه.

وفي مقابل كل هذه المؤشرات، فإن أردوغان يعتمد أسلوب المغالطة، وينكر التدهور الاقتصادي، ويعد تراجع قيمة العملة الوطنية مسألة مؤقتة، وأن تركيا ستخرج من الوضع الاقتصادي أكثر قوة.

وفي الأسبوع الماضي، تساءل خبراء اقتصاديون ألمان حول التداعيات المحتملة لانزلاق الليرة التركية، وما إذا كان الاقتصاد التركي يواجه خطر الانهيار. وهي تساؤلات جدية؛ اذ إن استقرار الأنظمة؛ يرتبط بشكل وثيق بمتانة الاقتصاد والشراكات السياسية المثمرة.

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.