تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

مهددات الوحدة الأوروبية

مصدر الصورة
عن الانترنيت

علي قباجه

يبدو أن الاختلاف في وجهات النظر في الفترة المقبلة هو الوصف المناسب لما سيسود الاتحاد الأوروبي، الذي عمل لسنوات على المحافظة على موقف موحد تجاه قضايا عالمية عدة؛ لكن وحدة الاتحاد بدأت تشوبها بعض التوترات والتي كانت نواتها أزمة بريكست وما خلّفته من تداعيات، مروراً بجائحة «كورونا» التي كانت اختباراً حقيقياً للاتحاد، لا سيما بعد خطط التعافي التي انقسمت تجاهها دول الاتحاد، وليس انتهاء بالاستفزازات التركية لكل من قبرص واليونان، وعدم صدور موقف حاسم من بقية دول الاتحاد، ما خلا عبارات خجولة بالتعبير عن التضامن، والوقوف إلى جانب الدولتين في مواجهة التنقيب التركي عن النفط والغاز شرقي المتوسط.

الانقسامات الأوروبية بدت واضحة بعد اجتماع دول الاتحاد ال27 مع زعيمة المعارضة البيلاروسية سفيتلانا تيخانوفسكايا؛ إذ رفضت قبرص التماهي مع سياسات الاتحاد، بفرض عقوبات على نظام الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو، وهو ما عطل تلك العقوبات، وأرجعت قبرص قرارها إلى عدم مساندة الدول الأوروبية لها ولليونان في مواجهة الاستفزازات التركية، متهمة الاتحاد بأنه يكيل بمكيالين. واللافت أن موقف قبرص قد لا يتوقف عند تلك القضية وحسب؛ بل قد يمتد إلى قرارات أخرى في قادم الأيام، وربما تساندها دول أخرى في ذلك، في حال رأت أن الاتحاد لا يقف إلى جانبها، وهو ما ينذر بأن الموقف الأوروبي لن يكون فاعلاً وحاسماً، وستخضع قراراته لأهواء دول رأت جفاء من قبل شركائها، وبدهي أن هذا سيؤثر في قرارات الاتحاد تجاه القضايا العالمية.

أسئلة كثيرة تدور في فلك دول الاتحاد، لاسيما قبرص واليونان حول ما فائدة نادي التكتل هذا إذا لم يكن بإمكانه حماية أعضائه والوقوف إلى جانبهم؟ لاسيما أن المعاهدات الأوروبية، التي تحدد الأساس الدستوري للاتحاد الأوروبي، تنص صراحة على الحاجة إلى تطوير «تضامن سياسي متبادل بين الدول الأعضاء»؛ لكنّ فرنسا وألمانيا اللتين تتزعمان الاتحاد راهناً تنظران إلى الموضوع من زاوية أخرى؛ إذ وعلى الرغم من أن فرنسا تهدد بين الفينة والأخرى أنقرة في حال استمرارها باختراق المياه الإقليمية لكل من اليونان وقبرص، فإنها تسعى في الوقت ذاته إلى جانب برلين للنأي بالاتحاد عن الدخول بسجالات مع تركيا؛ خشية عودة أنقرة لتهديداتها بالسماح لآلاف اللاجئين بالتوجه نحو أوروبا، وهو ما لا ترغب به دول الاتحاد كافة في ظل وضع أوروبي اقتصادي سيئ خلّفته جائحة «كورونا».

الاتحاد الأوروبي بات بين خيارين أحلاهما مرّ، فإما أن يقف موحداً تجاه أي تهديد تتعرض له دوله، وهو ما سيفتح عليه جبهات عدة لاسيما مع حدود القارة العجوز المتاخمة للعديد من الدول، وإما أن يُهادن في مواضع، ويحسم في أخرى، وهو ما سيعرض بيته الداخلي للتصدع، وربما لاحقاً للانهيار؛ لذا الاتحاد اليوم أمام امتحان صعب، وفي حال فشله في تجاوزه فالمزيد من البريكست بانتظار دول القارة، لاسيما أن الأحزاب الشعبوية تعمل جاهدة باتجاه هذا الخيار.

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.