تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

سعاد جروس تكتب عن ...أبو راشد فنان حموي ..يرسم بإحساسه وجوها حموية محفورة بالذاكرة الشعبية

مصدر الصورة
صفحة الإعلامية سعاد جروس على الفيس بوك

وأنت تعبر  الزقاق الحجري القديم ما بين حيي الكيلانية و الطوافرة بحماة، الزقاق الممتد ما بين الجامع النوري وقصر العظم، ستنتعش روحك برذاذ الناعورة الهابط من فوق الجدار العالي، قبل أن تأخذك الخطوات الى مسجد المصلى المحاط بمراسم الفنانين، سيثير فضولك يافطة المعرض الدائم للفنان مصطفى راشد نجيبة، تستظل بالدوالي  المعرشة حول باب مفتوح على مساحة مكتظة باللوحات يتوسطها طاولة جلس وراءها أبو راشد  تحت لوحة لمشهد بانورامي يصور نواعير الكيلانية القريبة من المكان.

رسام 1رسام

 ما أن تمد رأسك مستطلعا حتى تسمع ترحيب صاحب المكان مرفقاً بدعوة لمشاركته طعام الغداء، وقبل النطق بالسلام عليكم يأتيك رغيف الخبز وصحن طبيخ موسمي ..فاصوليا بالزيت صيفاً, قرع بالطحينة ودبس الرمان شتاء وريثما تهم بالتذوق تحضر القهوة أو الشاي لتباشر  الحديث مع المتواجدين من الأصدقاء، دون الحاجة لبطاقة تعريف، إذ لا حاجة لمقدمات ولا مجاملات .. ثوان قليلة وتصبح  جزءاً من المكان , تحف بك الألوان واللوحات، وتأتيك من تحت غبار الزمن وجوه حماه المحفورة بالذاكرة الشعبية صياد الضباع أبو عباس .. ومن مِن أطفال الأجيال الحموية السابقة لم يدخل خيمة أبو عباس ويتمتع برؤية السعدان والضبع محبوساً وغيرها من حيوانات غير أليفة. كما ستتساءل عن وجه بكوفية حمراء فيجيب أبو راشد مبتهجاً: إنه المغني مازن السفاف أحد أهم الأصوات الحموية في السبعينيات!! وكذلك ستجد تصويراً مائياً لأبي مخول أشهر نحاتي حجر البناء الحموي، والكندرجي والخضرجي، وستتوقف عند وجه سيدة حموية بالملاءة السوداء وقد تراءت ملامحها من خلف منديل أبيض شفاف، فتسأل من تكون؟ ويصلك الجواب إنها أختي عندما توفت اكتشفنا عدم وجود صورة فوتوغرافية لها فرسمتها!! هؤلاء وغيرهم كثر نقل أبو راشد ظلالهم من الذاكرة الى ورق الكانسون بألوان مائية شفيفة ويحدثك عنهم بوصفهم أبطال عالمه الخاص المتخم بالمفردات البيئية لمدينة مازال  العاصي

رساميكتب تاريخها.رسام

من رؤوس الثوم وحبات الباذنجان الى النواعير والأحياء القديمة وأبطال يومياتها، مفردات تصنع لوحة عفوية تلامس حسك الفطري وتجعلك مرتاحاً لأسباب تصعب فلسفتها، ربما هو الصدق في التعبير الاانساني قبل الاتقان الفني، المتمثل بحضور الفنان مصطفى الراشد نجيبة ذو الـ 79 عاماً، بروحه الطفولية الممتلئة غبطة.حين يكون عصير الحصرم الحامض كقصيدة شعر لاذع أو باقة معاني منثورة في لوحة، الاحساس هو الأساس، فليس هناك لون واحد فالأزرق تدرجات لا منتهية وكذلك الأخضر، وفي الطبيعة اللون تراه لمرة واحدة هكذا تعلم من أستاذه سهيل الأحدب، واكتفى منه بالعلم.

 

رسام

 لم يدرس الفن في الأكاديميات ، تعلم أسس المنظور والكتلة والفراغ والظل والنور وانطلق يفرغ أحاسيسه بعفوية ودون اهتمام بنقد يصل حد نفي الفنية والاتقان عن اعماله :"أطلق لريشتي العنان لترسم ما تشاء" هكذا يعيش أبو راشد مع الريشة والألوان حياة كاملة يمضيها في(معرضه الدائم) تلك الغرف المتراكبة بعضها فوق بعض كغيرها من البيوت الشعبية الحموية ، مكان مفتوح للجميع، مساحة فنية رسامترتاح فيها الأرواح المتعبة. ستغادرها وأنت متخفف من همومك بعد جلسة ظريفة مع أشخاص لم تعرف أسماءهم كما غفلت عن تقديم نفسك لهم، لكنك عرفتهم وعرفوك من خلال أبو راشد إنساناً محباً للفن ، وكفى هذا لتكون صديقاً مثابراً على زيارة مكان تقودك اليه حجارة الزقاق القديم.

مصدر الخبر
صفحة الإعلامية سعاد جروس على الفيس بوك

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.