تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تركيا تغير التكتيك: منافسة ناعمة مع مصر تربح فيها اقتصاديا وسياسيا

مصدر الصورة
عن الانترنيت

أردوغان يحرم المعارضة من مبرر الهجوم عليه والخصم من شعبيته.

القاهرة- أشارت سلسلة من التصريحات لوزير الخارجية المصري سامح شكري أن الطريق لإصلاح العلاقات صار معبدا بين مصر وتركيا وأن الأتراك بصدد تصحيح مواقفهم والتعامل مع الملفات المعقدة في العلاقة مع القاهرة، لكنّ التحول التركي السريع من الخصومة إلى التفاهم يؤشر إلى تغيير عميق في النظرة إلى العلاقة مع المنطقة وتغيير في تكتيك التعامل مع الحفاظ على الهدف الاستراتيجي.

وأكد شكري الأحد أن بلاده حريصة على “وجود حوار يصب في مصلحة الطرفين، وإقامة علاقات وفقا لقواعد القانون الدولي، في مقدمتها عدم الإضرار بالمصالح، وأن تتم صياغة ذلك في إطار مشاورات سياسية حين تتوفر أرضية لذلك”.

وجاءت التصريحات المصرية والتركية المتبادلة بما يشبه النتيجة لمصالحة خليجية بعيدة عن العلاقة المباشرة، لكن تركيا استغلت أجواء الانفراج والعمل على كسب ثقة مصر “المتضرر الأول” من تشددها مع محور المقاطعة، والتحرك لتنفيس الغضب المصري على استضافة أنقرة للمعارضين من الإخوان وتحويل إسطنبول إلى أكبر منبر إعلامي وسياسي معادٍ.

ولكن مد اليد التركية يشير إلى أن الرئيس رجب طيب أردوغان قرر تغيير تكتيكاته والتحول إلى المنافسة الندية في كسب العلاقات والتجارة بدلا من أن يظهر بمظهر المتبني لحركات معارضة والشخص الملوّح بشعار رابعة في كل مناسبة.

ويعني الانفراج مصريا أن تركيا ستلزم الإخوان بالتوقف الإعلامي عن استهداف النظام، وأن تتفرغ القاهرة لملفات خطيرة مثل سد النهضة، وهذا ما يعطي الأتراك فرصة أكبر للتحرك تجاه مصر من خلال الاستثمار في التجارة والعلاقات البينية والخروج بنتائج أفضل من حالة المواجهة الجارية حاليا.

وبعد أن أبدت مصر امتعاضها قبل أيام من التلكؤ في الاستجابة لما جرى التفاهم حوله مؤخرا أمنيا وسياسيا، سارعت تركيا في اليوم التالي إلى وقف مقدمي برامج على قنوات تابعة لجماعة الإخوان تبث من إسطنبول، في محاولة للتخلي عن مظهر المستضيف للإخوان وتبني المعارضين.

وقام رئيس البرلمان التركي مصطفى شنطوب بالاتصال لأول مرة برئيس مجلس النواب المصري حنفي الجبالي، واتصل وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بنظيره المصري أيضا، في إشارة إلى أن الأمور تسير في الطريق الصحيح ولا يوجد ما يعكرها.

ليس بالإمكان التأكد من أن أردوغان لن يحول طلب إصلاح العلاقات إلى غطاء للوصول إلى أهداف مشبوهة

ويقول مراقبون إن تركيا التي لم تحقق النتيجة المرجوّة من العداء لمصر، تريد استدارة توفر لها هدوءا داخليا وخارجيا، حيث تحولت التجاذبات الممتدة إلى عبء على كاهل أردوغان.

ويرى هؤلاء المراقبون أن أردوغان يبعث من خلال المصالحة مع مصر برسائل إلى الداخل التركي ليحرم المعارضة من مبرر الهجوم عليه والخصم من شعبيته.

وقال مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير جمال بيومي إن التقارب التركي نحو مصر لا يمكن فصله عن الضغوط الغربية التي يتعرض لها الرئيس التركي، فأنقرة تنظر إلى علاقاتها مع القاهرة في إطار تعديل المسارات في التوجهات الخارجية.

وأضاف في تصريح خاص لـ”العرب” أن قدرة مصر على تطويق تركيا في ليبيا وشرق البحر المتوسط، وتعرض أردوغان لانتقادات متصاعدة من قبل منافسيه جعلته أكثر حرصًا على إبداء مواقف تبدو لينة بعد أن ظهر كطرف خاسر في المواجهة الخارجية، لكن القاهرة مازالت لديها شكوك في صدق نواياه.

وأكد رئيس حزب الشعب الجمهوري زعيم المعارضة التركية كمال كليتشدار أوغلو الاثنين أن سياسة أردوغان الخارجية “إخوانية بامتياز”، وأن بلاده معزولة بسبب تلك السياسات.

وانتقد كليتشدار أوغلو في تصريحات سابقة في مارس الماضي أمام كتلة حزبه البرلمانية افتعال بلاده للمشاكل مع مصر، وتساءل “لماذا افتعلت أنقرة المشاكل مع مصر؟ يجب أن نكون مع مصر.”

وإذا تمكن أردوغان من إصلاح سياساته الخارجية يمكنه أن يكون منافسا جديا لمصر في المنطقة بسبب التوازنات الدقيقة التي يقيمها مع قوى إقليمية ودولية، وشبكة المصالح الطويلة التي خلقها معهم ما قد يفيده في ترجيح كفته على مصر.

وتظل المنافسة الناعمة أفضل بالنسبة إلى مصر التي تميل إلى العزوف عن الانخراط في اشتباكات مسلحة خارج الحدود، ولا تمانع من التوصل إلى تفاهمات طالما لا يوجد اعتداء على أمنها القومي، وتتخلى تركيا عن منهجها في التدخل في شؤونها الداخلية.

هل يتخلى أردوغان عن دعم الإخوان؟

وحذر معارض تركي، رفض ذكر اسمه، من مغبة المناورات التركية وقال “على مصر أن تدرس القضية في ضوء قواعد المنطق، وليس بالإمكان التأكد من أن أردوغان لن يحوّل طلب إصلاح العلاقات إلى مطية للوصول إلى أهداف مشبوهة”.

ولفت في تصريح لـ”العرب” إلى أن إمكانية التصالح تتوقف على مدى التوجه إلى إجراء تغيير جذري في السياسة الخارجية بكاملها، وإلا فتطوير العلاقات الثنائية سوف يقتصر على مجالات محدودة.

وكشف المعارض التركي أن أردوغان يحاول التصالح مع واشنطن وبعض الدول الأوروبية لتحسين الأوضاع الاقتصادية في بلاده، وإنقاذ نفسه من الوقوع في أسر ما يسمى بـ”سياسات المعسكر الأوراسي في الداخل التركي والتوجهات الروسية في المنطقة، لأن التعاون مع هذا المحور أفقده الدعم الشعبي”.

ويعتقد البعض من المراقبين أن نجاح تركيا في الحصول على تنازلات من الغرب والمصالحة مع مصر ودول الخليج، سوف يفيد أردوغان في كسب المزيد من الوقت حتى إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وبعدها سيعود إلى سابق عهده بشكل أقوى حيث يصبح ضامنا للاستمرار في السلطة.

ويؤكد هؤلاء أن شخصا مثل أردوغان دائم التقلب لا يستطيع المضي في هذا الاتجاه، لأنه سيكون ملتزما بدرجة عالية من الانضباط في الأداء السياسي، وهو ما دللت الخبرات المتراكمة أنه يفتقد إليه تماما، ناهيك عن أن الجماعات المتطرفة ودعم الإخوان من بين أدوات مشروعه الإسلامي ويصعب التخلي عنهم أو المنافسة بهم.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.