تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الأردن.... مهام جديدة في الشرق الأوسط..

تساءلنا في مقال سابق عن سبب محاولة زعزعة الاستقرار في الأردن ("قلقلة" استقرار الأردن لغاية في نفس يعقوب؟!) وأشرنا إلى المصالح الحيوية للدول المجاورة للأردن والأخرى البعيدة عنه، حيث أظهرت الإدارة الأمريكية وقوفها إلى جانب الملك الأردني في محنته. ومساء يوم الاثنين، استقبل الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن الملك الأردني عبدالله الثاني في البيت الأبيض بقصيدة شعر إيرلندية للترحيب به. وركزت سلسلة من البيانات الامريكية قبل لقاء قمة الزعيمين على عنوان لافت هو: "شراكة دائمة واستراتيجية". فماذا تريد واشنطن من المملكة، وماذا يستطيع الأردن أن يقدّم، وماذا يريد بدوره من واشنطن في المقابل؟!

منذ عدة أشهر والوضع الداخلي الأردني يعاني من الضغوط المتفاقمة؛ أولاً، الاقتصادية المستمرة، حيث انخفضت مداخيل عائدات السياحة وتراجعت المساعدات الخارجية وارتفعت حدة البطالة لأسباب مختلفة، وبسبب جائحة كورونا والحظر الذي فرضته الحكومة الأردنية... الخ، وهذا الوضع ليس سراً بل يعرفه الجميع وربما تتشارك معظم دول المنطقة في نفس المشاكل والصعوبات؛

وثانياً، الضغوط الأمنية والسياسية التي سببتها ما عرفت بقضية "الفتنة"، والتي على ما يبدو لها ارتباطات إقليمية؛ سعودية "أميرية" بحسب التسريبات، انعكست على وضع النظام الأردني والاستقرار الداخلي الأردني، سواء لناحية الخلافات داخل الأسرة الملكية، أو بما وصلت إليه العلاقة بين العشائر، وبين المنظومة السياسية القائمة..! ولذلك، فقد بدا الأردن قبل عدة أسابيع من زيارة واشنطن وسقوط رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، شبه محاصر بالتحديات المختلفة، فيما كثر الحديث أيضاً عن محاولة انتزاع دور المملكة الهاشمية الوصائي على الأماكن المقدسة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ولكن قبل زيارة الملك عبدالله الثاني إلى واشنطن، الاثنين، كانت الولايات المتحدة قد وقّعت اتفاقية عسكرية مع الأردن لم تكشف تفاصيلها، ولكن إثر توقيعها، بدأت الولايات المتحدة نقل قواتها من محمية قطر إلى القاعدة الأمريكية الجديدة على الأرض الأردنية؛ فهل تريد واشنطن تجميع قواتها المتواجدة في المنطقة (ومنها الموجودة في العراق، وفي سورية بشكل غير شرعي) في الأردن، لتضرب عدة عصافير بحجر واحد؛ تخفيض النفقات الناجمة عن استضافة هذه القوات؛ حماية هذه القوات من الهجمات المتزايدة التي تتعرض لها؛ تقريبها من كيان الاحتلال الإسرائيلي وبالتالي سهولة الدفاع عنه ضد أي هجوم محتمل؛ والأهم، "ربما" جعل هذه القوات رأس حربة في أي عملية تريد واشنطن القيام بها أو أي مشروع تريد عرقلته في هذه المنطقة، وبالتالي استخدامها وسيلة للتأثير في الوضع في شرق المتوسط والضغط على أطراف محور المقاومة، أو عرقلة امتداد "طريق الحرير" الصيني؛ ومن الواضح أنّ في ذهن الإدارة الأمريكية تقديراً لأهمية موقع الأردن الجيواستراتيجي المميز، الذي يخدم أهدافاً عدّة تريد واشنطن تحقيقها.

وربما بدأت نتائج زيارة الملك الأردني إلى واشطن بالظهور قبل حدوثها؛ فقد تراجعت الضغوط السعودية والخليجية ضد الجارة الشمالية، وقام رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي الجديد نفتالي بينيت بزيارة الأردن وسط دعوات لتخفيف التباعد بين الطرفين، فيما أجرى الملك الأردني لقاءات مع الرئيس المصري ورئيس الوزراء العراقي، وحمل الملف الفلسطيني معه في زيارته إلى العاصمة الأمريكية، حيث دعا إلى معاودة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية.

في المدى القصير، يريد الملك الأردني الحصول على الدعم المالي والسياسي لاستقرار المملكة واستقرار النظام الأردني، وإبعاد شبح الانتفاضات أو "الربيع الأردني"، وهذا ما يبدو أن الزيارة الملكية ستحقق جزءاً منه قريباً، لكنّ الأهم بالنسبة للعاهل الأردني على المدى البعيد، هو ضمان ألا تتكرر الظروف والضغوط التي شهدتها فترة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حين وجدت المملكة الفقيرة نفسها معزولة على هامش المشهد الإقليمي، بعد توقيع اتفاقات التطبيع العربية مع الكيان الإسرائيلي.

وقد ينجح الأردن في التحول إلى صلب الاهتمام الأمريكي بعد إقامة القاعدة الأمريكية على أرض المملكة، وفي ظل تأكيد الملك عبدالله الثاني للرئيس بايدن الجهوزية للعمل تحت قيادته: إننا "كنا معا كشركاء أقوياء، وكما ذكرتم هناك تحديات كبيرة أمامنا، وأعتقد أني والكثير من القادة حول العالم سنعمل على رفع الحمل الثقيل، وهذا ما علينا أن نفعله مع الولايات المتحدة... يمكنك دائما الاعتماد علي وعلى الأردن والكثير من أصدقائنا في المنطقة... الكثير للعمل وبقيادتكم".

ولكن السؤال الذي يفرض نفسه، هو عن تبعات علاقات الود الأردنية الأمريكية على المنطقة والإقليم، أو التموضع الأمريكي في الأردن على دول الجوار، وهل ستسمح هذه الدول وكل الأطراف المعنية بتحمّل تبعات هذا الوجود؟ أم أنّ الأردن سيتمكن من تحسين الدور الأمريكي والتخفيف من سلبيته، لاسيما في ضوء حاجة عمّان للتواصل مع جيرانها والتنسيق والعمل معهم لتخفيف الضغوط وتحقيق العائدات الاقتصادية والاستقرار الأمني وغير ذلك من المصالح التي لا يستطع الوجود الأمريكي وحده تحقيقها..؟!

                              بـديـع عفيـف

 

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية- خاص

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.