تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

عندما لا يفرّق الغرب بين روسيا والعراق..؟!!

مصدر الصورة
عن الانترنيت

      نستعرض في هذا الموجز بعض المواقف والتصريحات الدولية والتي تكفي قراءتها ومتابعتها لملاحظة اتجاه الرياح والعلاقات الدولية القادمة:

أولاً، أعلن رئيس المكسيك أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، يوم الاثنين 6/6/2022، عدم مشاركته في "قمة الأمريكيتين" في لوس أنجلوس بسبب استبعاد الولايات المتحدة كوبا وفنزويلا ونيكاراغوا من القمة. وقال الرئيس المكسيكي: "لن أحضر القمة لأن لم تُدع إليها كل دول أمريكا. أؤمن بضرورة تغيير السياسة التي تم فرضها منذ قرون: الإقصاء".

وفي التعليقات أنّ "قمة الأميركيتين" شهدت حتى قبل انطلاقها الكثير من العثرات؛ تطمح واشنطن إلى إظهار قوتها أمام الصين التي تتحرك للتغلغل في منطقة لطالما اعتبرت بمثابة ملعب واشنطن؛ ولكن في حين تستثمر الصين بسخاء في المنطقة، لم يعرض الرئيس الأميركي أي جهود اقتصادية ملموسة؛ الولايات المتحدة خيبت الآمال، وكل قمّة تصبح "أقل طموحا" من السابقة، والضجة المرتبطة بالجهات المدعوة إلى حضور القمة تعكس تراجع هيمنة الولايات المتحدة في المنطقة.

الرئيس المكسيكي ليس وحده، فالعشرات من الدول رفضت الإملاءات الغربية والتعاون مع الغرب، وباتت الولايات المتحدة تستجدي حتى النظام السعودي الذي لطالما عُرِف بتبعيته لواشنطن!

ثانياً، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الخميس 9/6/، إنّ على العمال قبول تخفيضات في الأجور إذا أرادت بريطانيا تجنب "الركود التضخمي" على غرار ما حصل في السبعينيات وارتفاع أسعار الفائدة. وألقى جونسون باللوم على الحرب في أوكرانيا، بحسب صحيفة الإندبندنت.

وذكرت صحيفة تلغراف البريطانية أن صناعة الأغذية في المملكة المتحدة باتت على وشك الانهيار، بسبب ارتفاع تكلفة الطاقة على خلفية العقوبات المناهضة لروسيا. وبعد إغلاق أكبر مصنع للأسمدة في البلاد، نقلت الصحيفة عن متخصص من اتحاد الصناعة الزراعية، قوله إن نقص الأسمدة النيتروجينية سيؤثر على تكلفة الحليب واللحوم والخبز، في وقت يصعب فيه استيراد الحبوب بسبب تفاقم الأزمة الأوكرانية. 

ويعلّق توم بيك في الإندبندنت أيضاً، إنه "في عالم بوريس جونسون المتخيل سيبقى كل شيء على ما يرام لأن لدى بريطانيا "اقتصاد قوي". ولكن في العالم الحقيقي، فقد نشرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أحدث توقعاتها، التي تشير إلى أن بريطانيا سيكون لها في العام المقبل أسوأ ناتج اقتصادي وأعلى معدل تضخم في العالم المتقدم".

ثالثاً، يحدد البروفسور البريطاني الشهير بول كيندي صاحب كتاب "صعود وأفول القوى العظمى"، عدداً من أسباب أفول الإمبراطوريات؛ التمدد العسكري الذي يتجاوز القدرات الاقتصادية؛ انفجار الصراعات الداخلية؛ وظهور قوى عظمى منافسه.

وهذه الشروط، كما يرى د. ناجي صادق شراب، في الخليج الإماراتية(10/6/2022)، تنطبق على الولايات المتحدة وخصوصاً ما يتعلق بالانقسامات الداخلية ونذر حرب أهلية، ومنافسة قوية من الصين وروسيا، كما نرى في الأزمتين الأوكرانية والتايوانية وتراجع القدرات الأمريكية في المواجهة العسكرية.

وقد تنبأ الباحث الكندي هومر ديكسون في معهد كاسكيد بجامعة رويال رودز بانهيار الديمقراطية الأمريكية، وبمخاطر حرب أهلية وحكم ديكتاتوري بحلول عام 2030، بسبب انتشار الخطاب اليميني الشعبوي، والتخوف من التحول في اليد العاملة إلى التكنولوجيا والعولمة وعدم المساواة في الثروة، والتغيرات الديمغرافية والهجرة والشيخوخة والتزاوج بين الأعراق...الخ.

ويعلّق ناجي صادق شراب بأنّ هذه المؤشرات تنبئ بأن الديمقراطية الأمريكية تواجه تحدياً مصيرياً، وتزداد التحديات مع بروز نزعات انفصالية من بعض الولايات. ويبقى أن الولايات المتحدة اليوم في حاجة إلى توماس جيفرسون الذي كان مدافعاً عن الحرية والديمقراطية، وإلى فلسفة ألكسندر هاميلتون موحد الدولة وكيف يمكن حماية الولايات المتحدة من الانهيار.

ونسأل من أين نأتي بهؤلاء؟!

رابعاً، في مقابلته مع روسيا يوم، الخميس9/6/ تحدث الرئيس بشار الأسد، استراتيجياً، فقال: إنّ قوة روسيا اليوم تشكل استعادة للتوازن الدولي المفقود ولو كانت استعادة جزئية، وهذا التوازن الذي ننشده ينعكس بالدرجة الأولى على الدول الصغرى، وسورية واحدة منها. وأعاد الأسد بداية نظام القطب الواحد إلى نهاية الحرب العالمية الثانية، والتي "تجسدت بمؤتمر بريتون وودز الذي جعل الدولار هو قائد العالم من الناحية النقدية, أهم من الجانب العسكري الآن، أو ربما يوازيه بالأهمية" مؤكداً أنه "إذا استمر الدولار حاكماً للاقتصاد العالمي بغض النظر عن نتائج الحرب (في أوكرانيا) فلن يتغير شيء".

وزاد الرئيس الأسد موضحاً بأنّ موضوع الدولار ليس ابتزازاً، وإنما سرقة، "لأنّ التعهد الأمريكي كان بعد الحرب العالمية أن يكون هذا الدولار يعبّر عن رصيد من الذهب، وفي بداية السبعينيات أيام نيكسون، قررت الولايات المتحدة أن تفصل الدولار عن الذهب، وبالتالي أصبح عبارة عن ورقة ليس لها قيمة، ولكن تتمكن الولايات المتحدة من شراء كلّ ما تريد من كلّ العالم بورقة من دون قيمة، هذا سرقة، وهذه السرقة تنطبق على كلّ العالم... نعم، هو وسيلة للحصار... ومن دون هذا الدولار أمريكا لن تكون دولة عظمى بأيّ حال من الأحوال...".

وعلّق الرئيس الأسد على عقلية الغرب ووصفها بأنها عقلية هيمنة، وعقلية استعمار، وعقلية غرور؛ هم يعتقدون كما كان الوضع ربما منذ عدة عقود بأنّ الغرب يمتلك كلّ ما يحتاجه العالم، لكن اليوم الوضع تغير بالنسبة لروسيا والصين، وبالنسبة لكثير من الدول الأخرى الصاعدة. ولفت الأسد إلى اننا "نحن محاصرون ولكنّ كثيراً من الحاجيات الأساسية لا نأتي بها من الدول الغربية، قطعنا علاقتنا بها، العقلية نفسها، والفشل سيكون نفسه، لأنّ أيّ دولة تستطيع أن تؤمن المتطلبات الأساسية للعيش وللنمو بغض النظر عن السماح الأمريكي".

خامساً، في مقاله: هل إطالة الحرب في أوكرانيا جيدة أم سيئة بالنسبة لروسيا؟ في روسيا اليوم 8/6/، قال المحلل الروسي ألكسندر نازاروف: لا أعرف، وربما لا أحد يعرف الآن ما إذا كان اختيار بوتين لأهدافه الاستراتيجية هو الاختيار الصحيح، وهل سيتمكن من إجبار الغرب على الانتقال من حرب التدمير إلى حرب الإملاءات ثم إلى طاولة المفاوضات. لكن التكتيكات الروسية في أوكرانيا مناسبة تماما للمهمة الاستراتيجية التي حددها بوتين. ونعم، في إطار هذا التكتيك، من المفيد لروسيا أن تطيل أمد الحرب. لأن الوضع في أوروبا يتدهور سريعا، ومن أجل النصر لا تحتاج روسيا سوى إلى الانتظار ومزيد من الوقت..

وأوضح المحلل أن قرار بوتين الاستراتيجي هو محاولة الحفاظ على العلاقات الاقتصادية مع الغرب، وإجباره على قبول الحقائق الجديدة، وخاصة حقيقة إدراج أوكرانيا في منطقة النفوذ الروسية؛ أما الهدف الاستراتيجي التالي، والذي تم تحديده في الإنذار النهائي للضمانات الأمنية، شهر كانون أول الماضي، هو نزع سلاح أوروبا، وانسحابها من منطقة الهيمنة الأمريكية.

وعلّق نازاروف بأنّ بوتين لا يهدف إلى تدمير الغرب، فالحرب التي يخوضها هي الدفاع الذي لابد فيه من الصد وسيكون هذا انتصارا، لأنه سيعني الحفاظ على الوضع الجديد الراهن، والنظام العالمي الجديد. وهذا أسهل في تحقيقه من انتصار عسكري على غرب موحد. "خصوصا أن أوروبا، بحزمها من العقوبات، تبذل قصارى جهدها لتعظيم آلامها من قطع العلاقات الاقتصادية مع روسيا، وتقترب تدريجيا من انهيار الاتحاد الأوروبي وفقدان السيطرة الأمريكية على أوروبا".

ونعتقد أن روسيا بدأت استعداداتها للحرب الراهنة مع الغرب منذ أن أصبح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مقاليد الحكم في روسيا، لأنه يدرك النظرة الغربية لبلاده وأبعاد المخططات الغربية لتدميرها وسحقها. الاستعدادات الروسية شملت العسكرة والتسليح والاقتصاد والمال والإعلام والدبلوماسية وكل الجوانب التي تعطل الفعل أو ردّ الفعل الغربي.

سادساً، ثمة العديد من الأسئلة تتضمن إجاباتها: هل يستطيع القادة الغربيون أن يكشفوا "الحقيقة" لمواطنيهم لماذا ارتفعت أسعار المحروقات والمواد الغذائية والسكن ولماذا ارتفع التضخم وتعطلت أعمال الشركات وغير ذلك من التحديات المتفاقمة المتزايدة بعد العقوبات الغربية على روسيا؟

هل يمكن للرئيس الأمريكي جو بايدن أن يوضح للأمريكيين، مثلاً، كيف تنفق إدارته قرابة /50/ مليار دولار لتأجيج الحرب في أوكرانيا البعيدة آلاف الكيلومترات عن بلاده، والتي لا يعرف الكثير من الأمريكيين شيئاً عنها، ولا تنفق خمس هذا المبلغ لمساعدة الأمريكيين المتضررين والشعوب الأمريكية المجاورة والمحتاجة؟ ولماذا انقطع حليب الأطفال وارتفع سعر البنزين ووصل التضخم إلى مستوى هو الأعلى منذ أربعين عاماً في الولايات المتحدة؟!

هل تشرح الحكومة الألمانية لمواطنيها سبب تغيير العقيدة العسكرية ورصد استثمارات بمئة مليار يورو في الجيش الألماني، وتشديد المستشار الألماني على ضرورة إدراج بند الاستثمار في تعزيز قدرات الجيش الألماني في دستور البلاد؟

المحلل السياسي البريطاني كليفر كروك، كاتب العمود السابق في صحيفة فايننشال تايمز وناشونال جورنال،  كتب  في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء؛ أنّ لا أحد ينكر حاجة الاتحاد الأوروبي إلى تطوير نظام أمني جديد وأن يزيد الإنفاق على جعل هذا النظام أكثر كفاءة وفاعلية؛  لكن أي تقدم يمكن تحقيقه في هذا الاتجاه سيرافقه تعميق للشعور بالهوية الأوروبية. في المقابل فإن هذا المشروع سيصطدم  بالضغوط الاقتصادية المتزايدة، والاقتصادات الأوروبية التي مازالت أبعد ما يكون عن التكامل الكامل، والترتيبات المالية المختلة، والدستور الناقص، وتباين القيم السياسية وعدم اقتناع الكثيرين من المواطنين الأوروبيين بفكرة الوحدة الأوروبية...الخ.

غيض من فيض، وكما قيل أعلاه: الوضع في أوروبا يتدهور سريعا، ومن أجل النصر لا تحتاج روسيا والعالم سوى إلى الانتظار ومزيد من الوقت..!!

هيئة التحرير

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.