تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

خدعة حرب في أوكرانيا

مصدر الصورة
وكالات

مفتاح شعيب

بينما يطنب الإعلام الغربي في الحديث عن إلحاق القوات الأوكرانية «هزيمة» بالجيش الروسي وحلفائه، لا يبدو الأمر دقيقاً، ولا يشير إلى تغيير جذري في مجريات المعارك، والأرجح أن ما تعتبره كييف وداعموها نصراً، وتراه موسكو انسحاباً، عمل مدبّر من أعمال الحرب يمهد للخطوة التالية، طالما أن المسؤولين الروس يؤكدون أن العملية العسكرية الخاصة ماضية في مسارها حتى تحقيق أهدافها التي أعلنها الكرملين قبل سبعة أشهر.

الخبراء العسكريون الأمريكيون في «البنتاغون»، وزملاؤهم في حلف شمال الأطلسي، يتابعون يوميات المعارك ويرصدون بدقة تفاصيلها، ولكنهم لا يسلّمون بأن ما تحقق في الأيام الأخيرة يمكن اعتماده مكسباً عسكرياً لكييف، بل يتخوفون مما قد تخبئه موسكو. وهذا التخوف يصدر عن قناعة بأن الجيش الروسي تصعب هزيمته في معركة أقل بكثير من قدراته الفعلية. وبناء على ذلك، أكد رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال مارك ميلي، وجوب اليقظة وانتظار ما ستفعله روسيا رداً على ما اعتبرها «انتكاسات» على خطوط التماس في خاركيف.

هذه الحرب يغلب عليها التكتيك أكثر من الإنجاز الميداني، فأهدافها السياسية والاقتصادية أوسع من نطاقها العسكري، وتتجاوز حدود منطقة العمليات، وطول أمدها وما قد تعرفه من كر وفر، جزء من استراتيجية قائمة. ومع اقتراب دخول الصراع شهره الثامن، قررت مناطق دونباس وخيرسون الأوكرانية تنظيم استفتاءات أواخر الشهر الجاري للانضمام رسمياً إلى روسيا، على غرار شبه جزيرة القرم عام 2014، وإذا تم هذا الأمر فسيكون منعرجاً حاسماً لهذه الحرب، وقد عبّر عن ذلك نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، ديمتري ميدفيديف، بقوله «إن مثل هذه الاستفتاءات ستغيّر مسار التاريخ الروسي وتتيح للكرملين المزيد من الخيارات للدفاع عن أراض ستصبح روسية». وبهذا المعنى فربما يكون الانسحاب العسكري الروسي من بعض الجبهات خدعة حرب لها ما بعدها. وربما لن يكون مسار العمليات بعد الاستفتاء كما قبله، بدليل تأكيد ميدفيديف، الرئيس السابق والمقرب من بوتين، على أن «التعدي على الأراضي الروسية جريمة تسمح باستخدام جميع قوات الدفاع عن النفس»، وفي هذه الحالة فإن العملية العسكرية ستنتقل إلى الحرب الشاملة، وحينها ستكون التداعيات أكبر وأخطر مما جرى في السابق.

المسؤولون الروس، على اختلاف مراتبهم، يقولون إن هذه المعركة مستمرة حتى تحقيق أهدافها كاملة، وباستثناء المعلن منها كتحييد أوكرانيا عن حلف «الناتو» ونزع سلاحها وحماية سكان دونباس، هناك أهداف تتعلق بكسر شوكة الهيمنة الغربية، وإعادة بناء النظام العالمي على أساس تعدد الأقطاب، وهذا الهدف تتوافق عليه روسيا وحلفاؤها، وأولهم الصين، وأكدته القمم الثنائية، وعبّرت عنه بوضوح قمة مجموعة شنغهاي في اجتماعها الأخير بأوزبكستان. وفي ضوء هذه الصورة العامة، يمكن الاستنتاج أن الصراع في أوكرانيا يقترب من منعرج جديد، وليس النهاية المأمولة. وإذا تمت الاستفتاءات وفق المعلن، فستكون تصعيداً خطيراً للغاية جرى التخطيط له منذ البداية، ولم يكن طارئاً بسبب انتصار طرف وهزيمة آخر، فحرب مثل هذا لن يتم حسمها في ميدان واحد، بل في جبهات عدة، وبوسائل غير عسكرية على الأرجح.

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.