تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

نقطة ساخنة:حتى يؤتي قرار رفع سعر “المازوت” غاياته في ظل الكارثة..!

مصدر الصورة
البعث

قسيم دحدل

نكاد نجزم أن رفع سعر ليتر المازوت من 3 آلاف ليرة إلى 5400 ليرة، والذي اتخذته وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، لن يصبّ في مصلحة المستهلك، وإن كان التعويل من ذلك يأتي في سياق محاولة خفض الأسعار عن طريق قطع الطريق على الفعاليات الاقتصادية بإسقاط حجتها بأنها تشتري الليتر بـ 10 آلاف من السوق السوداء، فهذا سيكون حلماً سمجاً!

والسؤال الموجّه للوزارة: إذاً أين تلك الشركة التي أُعطيت الترخيص لتأمين وبيع الفعاليات الاقتصادية مادة المازوت، وتمّ الإعلان عن ذلك؟! وأين هي المادة المتوفرة التي تسقط حجة الفعاليات الاقتصادية بشرائها الليتر بـ 10 آلاف ليرة؟!

أما وقد تمّ الرفع وبيان الغاية منه، فكلّ الأمل أن تكون الجهات المعنية والمسؤولة عن تأمين المشتقات، قد استطاعت فعلاً توفير مادة المازوت وبالكميات الكافية وبالاستدامة المقبولة، الأمر الذي يُمكِّن الفعاليات الاقتصادية من الحصول على مخصّصاتها الكافية، وبالتالي تقديم بيانات تكاليفها في ضوء السعر الجديد للمادة، وبكلّ دقة، بعد تخلي الوزارة عن إصدار نشراتها، علماً أنه لم يستطع خفض أو تثبيت الأسعار وإنما تمّ وسيتم شرعنة – بعلم أو بدون علم – ما وصلت إليه الأسعار الحالية من ارتفاعات لا يمرّ يوم إلا ونلمسها في كلّ المنتجات والسلع وحتى الخضار والفواكه، ولمن ينكر ذلك ها هي الأسواق أمامه!!

إن قرار رفع سعر المازوت وفقاً لتوضيح الوزارة، بما يخصّ الشراء من السوق السوداء، لناحية وضع حدّ للجوء الفعاليات الاقتصادية إليها لشراء المادة، أمر بعيد عن الواقع، والقادمات ستشهد عدم القدرة على ضبط وكبح فاعلية هذه السوق، لأننا بمثل هكذا قرار لا يمكننا ادّعاء القدرة على القضاء على “السوداء”.

إن تجارب تثبيت سعر الصرف الماضية، والتي استمر بعضها حوالي سنتين، لم تفلح حتى في تثبيت الأسعار، وإنما زادت في ظلها، فكيف لمثل قرار رفع سعر الليتر الآن إلى 5400 ليرة منفرداً أن يستطيع ذلك، إذا كان الأهم وهو تثبيت وخفض سعر الصرف لم يستطيعا ذلك؟!

وما يدعم رأينا، أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، عندما “حرّرت الأسعار” بطريقة إعطاء الفعاليات الاقتصادية حرية تحديد تكاليفها، وبناءً عليه تصادق الوزارة على تلك التكاليف، فهذا يعني رفع يدها من التدخل مباشرة في تلك التكاليف.

أما الجانب الإيجابي والذي نؤيّده في توضيح الوزارة لمبررات رفع سعر الليتر لناحية تحقيق العدالة وعدم الغبن في سعر المازوت بين القطاع العام (محروقات) والخاص (الشركة المرخصة بسعر التكلفة!)، حيث كان الأول يبيع الليتر بـ 3 آلاف والثاني بـ 5400 ليرة، فهذا يجب أن ينعكس استقراراً في السوق النظامية لجهة توفر المادة، وفي الآن معاً تحجيماً للسوق السوداء التي – وفقاً لمنطق الأمور – ستُخفِّض السعر (بما يشبه تطبيق رفع سعر صرف الحوالات لتقارب سعرها في السوق الموازي، حيث كان الأثر الإيجابي واضحاً). والسؤال هنا: هل يصحّ ما طبق في الحوالات على المازوت؟ لا شك أن الأمر مرهون بقدرة الحكومة على توفير المادة واستدامة الإمداد!

إن المراهنة على معادلة تأمين الحدّ الأدنى من العرض مقابل الطلب الكبير والمتزايد على مادة المازوت في مناخات كارثة الزلزال والمتطلبات التي تفرضها ظروفها، يجب أن تتمّ دراسات معطياتها من المتاح المضمون والمتوقع المأمول تأمينه، بكل دقة، وبحيث لا يكون شيء على حساب آخر (أي احتياجاتنا من المادة فيما يخصّ الكارثة، واحتياجاتنا فيما يخصّ الإنتاج والاقتصاد..)، وإلا كان قرار رفع السعر الأخير كغيره من القرارات التي سبقته، لم يقطف منها المستهلك غير وجع القلب والجيب اللذين تفاقما حدة بعد الزلزال، فزلزال الأسعار يكاد يهوي بنا!!

مصدر الخبر
البعث

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.