تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

العالم يدفع كلفة تقاعس قادته بظواهر مناخية متطرفة

مصدر الصورة
العرب

تقاعس قادة العالم عن تطبيق الإجراءات الضرورية للحد من تغيرات المناخ وتداعياتها على البشرية، فلم تأبه الطبيعة بهم وقررت أن تلقنهم درسا علهم يدركون خطورة الوضع. وارتفعت درجات الحرارة بشكل كبير وانتشرت الكوارث الطبيعية من حرائق وأعاصير، وهو ما شجع الخبراء على التحذير مجددا من خطورة الوضع على الإنسان والاقتصاد.

لندن - من الصين شرقا إلى الولايات المتحدة غربا، يقع العالم في ظل موجات حارقة من الحر وظواهر الطقس القاسية والكارثية.

وتعود جذور الكوارث التي تتكشف في الوقت الحالي إلى عدة أسباب، بينها التأثير المتزايد لارتفاع درجات الحرارة العالمية، بمقدار حوالي 1.2 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل بداية الثورة الصناعية.

وفي مايو الماضي، أصدرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة تحذيرا صارخا من أن درجة حرارة الكوكب ستتجاوز العتبة الرئيسية للاحترار العالمي وهي 1.5 درجة مئوية، للمرة الأولى خلال السنوات الخمس المقبلة.

روبرت واتسون: تقاعس العالم يسبب المزيد من الظواهر الجوية المتطرفة

ورأى روبرت واتسون عالم المناخ البريطاني البارز أن استمرار “تقاعس” الحكومات والفشل في الوفاء بالتعهدات المناخية يدفعان العالم صوب ارتفاع درجة الحرارة بنحو 2.5 درجة مئوية، متجاوزا الهدف المناخي المحدد بدرجة واحدة.

واعتبر أنه مع استمرار البلدان في ضخ غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، ستستمر درجة حرارة العالم في الارتفاع.

وأضاف أن السلوك العالمي المتقاعس تجاه التغيرات المناخية “سيؤدي إلى المزيد من الظواهر الجوية المتطرفة، وفي مقدمتها موجات الحر والفيضانات والجفاف وحرائق الغابات”.

وقال إن الوضع سيكون “تماما كما نشهد اليوم في أنحاء أوروبا، وأميركا الشمالية، وأجزاء أخرى من العالم”.

وشدد العالم البريطاني على ضرورة التوقف عن تزويد الغلاف الجوي بالغازات الدفيئة، وإلا “سيستمر العالم في الازدياد دفئا، مع المزيد من العواقب السلبية على رفاهية الإنسان والطبيعة”.

أهداف بعيدة المنال

تداعيات تغير المناخ على البشرية تتفاقم

وفقا لواتسون، الذي شغل سابقا مناصب رئيسية في الأمم المتحدة ووكالة ناسا والبيت الأبيض، فإن الحكومات في أنحاء العالم ليست “قريبة حتى من تحقيق أهدافها المناخية”.

وأردف “قد يكون من الممكن تقنيا الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية أو 2 درجة مئوية، إلا أنني لا أرى شخصيا أن حكومات العالم مستعدة للالتزام بخفض الانبعاثات، أو حتى أصبحت قريبة من تحقيق أهداف اتفاقية باريس”.

وكانت 195 دولة وقعت عام 2015 على اتفاقية باريس لاحتواء الاحتباس الحراري “نهائيا” بما لا يزيد عن 2 درجة مئوية حتى عام 2100، وإذا أمكن 1.5 درجة، مقارنة بتلك المسجلة في عصر ما قبل الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر.

وفي هذا السياق، انتقد العالم البريطاني “الإرادة السياسية” اللازمة لخفض الانبعاثات إلى النصف بحلول عام 2030 والوصول إلى صافي الصفر بحلول عام 2050.

ومؤكدا أن “الحكومات لا تفعل ما هو مطلوب منها في هذا المجال”، طالب البلدان بإدراك حقيقة أن معالجة تغير المناخ من شأنها أن تخدم مصالحها الاقتصادية على أفضل وجه.

وشدد على أن العالم “في حاجة إلى أن تتعاون الحكومات مع القطاع الخاص والشعوب لإجراء التغييرات المطلوبة”، داعيا إلى بذل جهود شاملة لسياسات التخفيف وإستراتيجيات التكيف.

كما أشار واتسون إلى أن مزاعم الحكومات بأن الحد من ارتفاع درجات الحرارة يكلف أموالا، أوضح أن تلك الأموال “لا ترتقي لتكلفة التقاعس، التي تعد أكبر بكثير من تكلفة العمل على خفض درجات الحرارة”.

درجات حرارة قياسية

كان يونيو الماضي، الشهر السادس الأكثر دفئا على الإطلاق في أنحاء العالم، بتسجيل 0.5 درجة مئوية فوق متوسط درجات الحرارة التي سجلت خلال شهور يونيو في الأعوام بين 1991 و2020.

وحطم يونيو 2023، الرقم القياسي السابق لدرجات الحرارة التي سجلت في يونيو 2019، حين صنف بأنه أشد شهور يونيو حرارة منذ 140 عاما، وفقا لمرصد “كوبرنيكوس” لتغير المناخ بالاتحاد الأوروبي.

واستمر الطقس الحار في يوليو الجاري مسجلا المزيد من الأرقام القياسية، فقد واجه جنوب أوروبا وأجزاء من الولايات المتحدة والصين والمكسيك درجات حرارة شديدة وصلت إلى ما فوق 45 درجة مئوية، ما أدى إلى إطلاق تحذيرات من خطورة درجات الحرارة وحرائق الغابات.

وبشكل عام، كان متوسط درجات الحرارة على الكوكب، على مدار العشرين يوما الماضية، أعلى من أيّ رقم قياسي سابق تم تسجيله.

وفي هذا السياق، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الخميس إلى اتخاذ إجراءات جذرية فورية تتعلق بالتغير المناخي، مؤكدا أن درجات الحرارة المرتفعة بشكل كبير في يوليو تؤشر إلى بدء “عصر الغليان العالمي”.

وقال غوتيريش في نيويورك إن موجات الحر في النصف الشمالي من الكرة الأرضية “مرعبة” مضيفا “التغير الحراري هنا. وهو مرعب وهذه مجرد بداية. انتهى عصر الاحتباس الحراري. حلّ عصر الغليان العالمي”.

195

دولة وقعت عام 2015 على اتفاقية باريس لاحتواء الاحتباس الحراري “نهائيا” بما لا يزيد عن 2 درجة مئوية حتى عام 2100

وتابع “بالنسبة إلى الكوكب بأكمله، فإنها كارثة” مشيرا الى أنه” باستثناء العصر الجليدي المصغر خلال الأيام المقبلة فإن يوليو 2023 سيحطم الأرقام القياسية في جميع المجالات”.

ووصف غوتيريش الحرارة المرتفعة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية بأنها “صيف قاس”.

ورأى الأمين العام للأمم المتحدة أن التأثيرات الشديدة للتغير المناخي تتماشى مع “التوقعات والتحذيرات المتكررة” من قبل العلماء، مضيفا أن “المفاجأة الوحيدة هي سرعة التغيير”.

ودعا غوتيريش مرة أخرى إلى اتخاذ إجراءات سريعة في مواجهة العواقب “المأساوية”، مشيرا مرة أخرى إلى قطاع الوقود الأحفوري.

وأضاف “الهواء غير قابل للتنفس و الحرارة لا تطاق. ومستوى أرباح الوقود الأحفوري وتدهور المناخ غير مقبول”.

وحث “القادة على القيادة” مردفا “لا مزيد من التردد. لا مزيد من الأعذار. لا مزيد من انتظار أن يتحرك الآخرون أولا”.

كما دعا غوتيريش قبيل قمة الطموح المناخي التي سيستضيفها في سبتمبر المقبل، الدول المتقدمة إلى الالتزام بتحقيق حيادية الكربون في أقرب وقت من عام 2040 وللاقتصادات الناشئة في أقرب وقت من عام 2050.

ورأى الأمين العام للأمم المتحدة أن “الدمار” الذي بدأته الإنسانية “يجب ألا يبعث على اليأس بل العمل” محذرا من أنه من أجل منع أسوأ النتائج على الإنسانية “تحويل عام من الحرارة الملتهبة إلى عام من الطموح الملتهب”.

من جانبه، قال سلطان الجابر الرئيس القادم لقمة كوب 28 ومنسق الأمم المتحدة للمناخ إنه يتعين على قوى مجموعة العشرين إرسال مؤشرات أقوى على رغبتها في تحويل أنظمة الطاقة العالمية، ويجب أن تقود الجهود فيما يتعلق بخطط تخفيف الاحتباس الحراري خلال القمة.

كلفة باهظة

جنوب أوروبا وأجزاء من الولايات المتحدة والصين والمكسيك واجهت درجات حرارة شديدة وصلت إلى ما فوق 45 درجة مئوية

وفقا لتحليل حديث نشرته مبادرة “دبليو دبليو آي” المعنية بحالة الطقس العالمية، “كان من المستحيل تسجيل موجات الحر التي حدثت في شهر يوليو في أوروبا وأميركا الشمالية، لولا تغير المناخ”.

وأظهر التحليل أن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري جعلت موجات الحرارة أكثر سخونة مما كانت عليه سابقا. وشارك في إعداد التحليل 7 باحثين، بينهم علماء من الجامعات ووكالات الأرصاد الجوية في هولندا، والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.

وحذر التحليل من أن تغير المناخ جعل موجة الحرارة الأوروبية أكثر سخونة بمقدار 2.5 درجة مئوية، وفي أميركا الشمالية بمقدار 2 درجة مئوية، وفي الصين بمقدار 1 درجة مئوية.

ورجح التحليل أن مثل هذه الأحداث المناخية المتطرفة “ستصبح أكثر تواترا، إذا ارتفعت درجة الحرارة العالمية إلى 2 درجة مئوية، وهو الواقع المحتمل حدوثه في غضون 3 عقود تقريبا، إذا فشل الموقعون على اتفاقية باريس في الوفاء بتعهداتهم بشأن الانبعاثات”.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.