تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

نفوذ فرنسا في منطقة الساحل يتآكل على وقع انقلابات عسكرية

مصدر الصورة
العرب

قبل مشادة سياسية بين نيامي وباريس بعد الانقلاب العسكري، تظاهر المئات في العاصمة النيجرية منددين بالوجود الفرنسي وأحرق متظاهرون علم فرنسا بينما رفع آخرون العلم الروسي.

أنصار الانقلاب في النيجر يرفعون العلم الروسي وسط نيامي

نيامى/باريس - أعاد الانقلاب العسكري في النيجر خلط أوراق فرنسا التي تكابد في مواجهة انحسار نفوذها في منطقة الساحل والصحراء، بينما يتنامي نفوذ خصمها الروسي في منطقة كانت إلى وقت قريب فضاء حيويا للمصالح الفرنسية.

وعلى الرغم من استمرار أنشطة شركات فرنسية وازنة في النيجر، لا يبدو أن الوضع سيطول وقد يوجه المجلس العسكري الذي تشكل من رحم الانقلاب الحديث، ضربة قاصمة لباريس في سيناريو مماثل لذلك الذي تلا الانقلاب العسكري في مالي والذي أفضى بعد فترة قصيرة لإنهاء قوة بارخان بعد نحو 10 سنوات من بدء مهمتها في باماكو.

وقبل مشادة سياسية بين نيامي وباريس بعد الانقلاب العسكري، تظاهر المئات في العاصمة النيجرية منددين بالوجود الفرنسي وأحرق متظاهرون علم فرنسا بينما رفع آخرون العلم الروسي في مشهد يقطع الشك باليقين بأن روسيا القادمة من بعيد تسحب تدريجيا وبهدوء البساط من تحت أقدام الفرنسيين في افريقيا.

إلى وقت قريب كانت فرنسا تعول على الرئيس محمد بازوم شريكا واثقا في مكافحة الإرهاب، في رهان يذهب أبعد من مجرد الشراكة الأمنية إلى تأمين وحماية المصالح الفرنسية في المنطقة، لكن الانقلاب الذي أنهى حكم بازوم القصير قوض سريعا ما كانت باريس امني به النفس لتعويض خسارة نفوذها في مالي.

وبدا واضحا أن النفوذ الفرنسي بدأ يتآكل بالفعل في منطقة الساحل والصحراء مقابل تنامي النفوذ الروسي، ما فتح باب التأويلات بأن مسكو تقف خلف الانقلابات العسكرية في بعض دول المنطقة لكن واشنطن قالت أمس إنه لا يوجد ما يؤكد ذلك.

وفي علامة واضحة على حالة التشنج الناشئة والتي قد تتطور سريعا إلى قطيعة، حذّر الانقلابين في النيجر الذين أطاحوا بالرئيس المنتخب محمد بازوم، من "أيّ تدخّل عسكري أجنبي"، وذلك في بيان تمّت تلاوته عبر التلفزيون الوطني الجمعة.

وأشار البيان إلى أنّ "بعض الشخصيات البارزة السابقة المتحصّنة في المستشاريات، تسير في منطق المواجهة بالتعاون مع هذه الأخيرة"، محذّرا من "العواقب التي ستنجم عن أيّ تدخل عسكري أجنبي".

وجاء البيان قبل أن تعلن وزارة الخارجية الفرنسية الجمعة، أنّ باريس "لا تعترف بالسلطات" المنبثقة من الانقلاب الذي قاده الجنرال عبدالرحمن تشياني وتعتبر محمد بازوم "المنتخب ديمقراطيا الرئيس الوحيد لجمهورية النيجر".

وقالت الوزارة في بيان "نكرّر بأشد العبارات المطالب الواضحة للمجتمع الدولي، الداعية إلى استعادة النظام الدستوري والسلطة المدنية المنتخبة ديمقراطيا في النيجر من دون تأخير".

وجاء الموقف الفرنسي بعد بضع ساعات من تلاوة الجنرال تشياني بيانا عبر التلفزيون الوطني قدّم نفسه فيه على أنّه "رئيس المجلس الوطني لحماية الوطن"، مبررا الانقلاب بـ"تدهور الوضع الأمني" في بلاد تعاني عنف الجماعات الجهادية.

والجمعة أيضا ندد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي يزور بابوازيا غينيا الجديدة بـ"الانقلاب العسكري (في النيجر) بأكبر قدر من الحزم"، معتبرا أنه "يشكل خطرا" على المنطقة وداعيا إلى "الإفراج عن" الرئيس بازوم.

وقال ماكرون إن "هذا الانقلاب غير مشروع بالكامل ويشكل خطرا كبيرا على النيجريين، على النيجر وعلى المنطقة برمتها"، مضيفا "لهذا السبب ندعو إلى الإفراج عن الرئيس بازوم وعودة النظام الدستوري".

وأكد أنه مستعد لدعم فرض عقوبات على منفذي الانقلاب "الخطير" وذلك بعدما قالت وزيرة الخارجية الفرنسية إن الاستيلاء على السلطة في البلد الأفريقي لا يبدو نهائيا.

وجعلت فرنسا القوة الاستعمارية السابقة، من النيجر حجر زاوية لعملياتها المستمرة منذ أكثر من عقد التي تكافح متشددين إسلاميين في منطقة الساحل.

ولفرنسا نحو 1500 جندي في البلاد يدعمون الجيش المحلي. وتم سحب آلاف الجنود من الدولتين المجاورتين مالي وبوركينا فاسو في أعقاب انقلابين هناك.

ويقول محللون ودبلوماسيون إن نجاح انقلاب يوم الأربعاء في النيجر قد يجبر القوات الفرنسية على الانسحاب من هناك أيضا.

وقوبل الانقلاب بإدانة واسعة أمس الخميس. وقال ماكرون إنه سيدعم المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) إذا قررت فرض عقوبات على من يقفون وراءه.

وقالت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا للصحفيين في بابوا غينيا الجديدة "إذا سمعتوني أقول محاولة انقلاب فهذا لأننا لا نعتبر تلك الأمور حاسمة".

وقال ماكرون إنه تحدث مع رئيس النيجر محمد بازوم المحتجز في قصره. ودعا إلى إعادته لمنصبه. وتواجه فرنسا استياء متزايدا من نفوذها في منطقة الساحل.

والانقلاب في نيامي هو الثالث منذ العام 2020 في منطقة الساحل، بعد استيلاء العسكريين على الحكم في مالي وبوركينا فاسو.

وتنظر شريحة كبيرة من المجتمع الدولي إلى حكومة النيجر على أنها حصن بوجه التمرد الإسلامي في منطقة شاسعة وقاحلة، تعاني من تهديدات أمنية.

ونصب قائد الحرس الرئاسي في النيجر الجنرال عمر تشياني، نفسه رئيسا للمجلس الوطني ليصير بالتالي الحاكم الجديد للبلاد.

وفي مقابل الموقف الفرنسي من الانقلاب في النيجر، أشاد يفغيني بريغوجين رئيس مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة بما حدث ووصفه بأنه نبأ سار وعرض خدمات مقاتليه لفرض النظام. وظل بريغوجين يمارس أنشطته رغم تمرد لم يكتمل قاده ضد كبار الضباط في الجيش الروسي الشهر الماضي.

جاء ترحيب رئيس فاغنر بالانقلاب في رسالة صوتية بثتها قنوات مجموعته على تليغرام وقالت إنها لبريغوجين لكنه لم يشر إلى أي تورط للمجموعة في الانقلاب، الذي وصفه بأنه لحظة تحرير طال انتظارها من المستعمرين الغربيين وقام بما بدا وكأنه دعوة لمقاتليه للمساعدة في حفظ النظام.

وجاء في الرسالة التي نشرت مساء أمس الخميس "ما حدث في النيجر لم يكن سوى كفاح شعب النيجر مع مستعمريه، مع المستعمرين الذين يحاولون فرض قواعد حياتهم عليه وعلى ظروفه وإبقائه في الحالة التي كانت عليها أفريقيا منذ مئات السنين".

وكان للمتحدث نفس النبرة المميزة وطريقة تحويل الجمل للغة الروسية مثل قائد مجموعة فاغنر رغم أن رويترز لم تتمكن من تأكيد هويته.

وشكلت الرسالة الصوتية أحدث علامة على أن بريغوجين ورجاله لا يزالون نشطين في أفريقيا التي لديهم فيها عقود أمنية في بعض البلدان مثل جمهورية أفريقيا الوسطى مع حرصهم على التوسع في القارة.

وبدا أن بريغوجين (62 عاما) لا يزال يتنقل بحرية رغم تصريحات الكرملين الشهر الماضي عن انتقاله إلى روسيا البيضاء المجاورة حيث بدأ بعض رجاله بالفعل في تدريب جيشها بموجب اتفاق أنهى تمرد فاغنر في روسيا.

وتفاخر في رسالته الصوتية بما وصفه بأنه كفاءة فاغنر في مساعدة الدول الأفريقية على الاستقرار والتطور في ما بدا وكأنه ترويج للمجموعة.

وقال محللون إن ظهور بريغوجين يشير إلى أن مجموعته ستواصل لعب دور في تعزيز أجندة السياسة الخارجية لروسيا في أفريقيا.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.