تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

من المتسبب في تأخر تحقيق الأهداف المناخية: السياسة أم التكنولوجيا

مصدر الصورة
العرب

تتبنى العديد من الاقتصادات العالمية استعمال مصادر الطاقة المتجددة، من بينها طاقة الرياح، لتوليد الكهرباء المُستدامة منخفضة الكربون، بما يتسق مع بنود اتفاقية باريس للمناخ 2015، لكن صناعة الطواحين البحرية خاصة تواجه العديد من المشاكل مثل التأخير في سلاسل التوريد وعيوب التصميم وارتفاع التكاليف، الأمر الذي يساهم سلبيا في تحقيق الأهداف المناخية في العديد من البلدان.

لندن - أكد مسؤولون تنفيذيون في صناعة طاقة الرياح البحرية ومستثمرون ومحللون أن عوامل كالتأخير في سلاسل التوريد وعيوب التصميم وارتفاع التكاليف في القطاع قد عرضت عشرات المشروعات لخطر تجاوز موعدها المحدد حتى تتمكن البلدان من تحقيق أهدافها المناخية.

وتؤدي طاقة الرياح دورًا حيويًا في مساعدة العالم على تحقيق أهداف الحياد الكربوني، وإزالة الكربون من القطاعات الصناعية.

ويُخصص اليوم العالمي للرياح الذي يجري تنظيمه سنويًا في الـ25 من يونيو، لبحوث الرياح وقوتها وإمكاناتها في إعادة تشكيل أنظمة الكهرباء، وإزالة الكربون من الاقتصادات، ودعم النمو المُستدام حول العالم.

ويسلط سباق تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري ضغوطا على المصنعين وسلاسل التوريد الساعية لمواكبة الطلب على المزيد من الطاقة النظيفة، خاصة في الاتحاد الأوروبي الذي يضع لمساته النهائية على هدف ملزم قانونا لإنتاج 42.5 في المئة من الطاقة من مصادر متجددة بحلول سنة 2030.

وسيتطلب الهدف الجديد 420 جيغاوات من طاقة الرياح، بما في ذلك 103 جيغاوات من خارج الحدود، أي أكثر من ضعف القدرة الحالية البالغة 205 جيغاوات منها 17 جيغاوات فقط من مصادر خارجية، وفقا لمجموعة ويند يوروب الصناعية.

المشاركة في سوق طاقة الرياح البحرية وصناعتها أصبحت أمرا محفوفا بالمخاطر لشركات التأمين وللمصنعين والمطورين

لكن يتواصل تأجيل المشاريع في بريطانيا وهولندا والنرويج بسبب ارتفاع التكاليف والقيود المفروضة على سلاسل التوريد، كما لم يجذب مزاد الطاقة المتجددة في بريطانيا هذا الشهر أي عروض من مطوري طاقة الرياح البحرية، ويرجع ذلك أيضا إلى ارتفاع تكاليف الصناعة.

وقال مدير الاستثمار في شركة “جوبيتر” لإدارة الأصول جون والاس “إذا تحول هذا إلى توقف طويل الأمد للمشاريع، فستتعرض الكثير من أهداف الطاقة المتجددة لعام 2030 لضغوط بالتأكيد”.

وحتى قبل أن يوافق الاتحاد الأوروبي على هدفه الجديد للطاقة المتجددة هذا العام، حذرت شركات بما في ذلك أورستد، وشل، وإكوينور، وشركة تصنيع توربينات الرياح سيمنس غاميسا، وويند يوروب من أن صناعة طاقة الرياح البحرية ليست كبيرة بما يكفي لتحقيق الأهداف المناخية.

وتفاقمت اضطرابات سلسلة التوريد التي سُجّلت خلال الوباء العالمي وبسبب غزو أوكرانيا، كما سبّب ارتفاع أسعار الشحن وتكاليف المواد الخام وأسعار الفائدة والتضخم انخفاض أرباح بعض مطوري طاقة الرياح.

ونشر الرئيس التنفيذي لشركة آر دبليو إي الألمانية ماركوس كريبر على “لينكد إن” أن مجموعة من القضايا التي طرأت في وقت كان من المتوقع أن تتوسع فيه الصناعة البحرية لطاقة الرياح بسرعة، مما يثير التساؤلات حول تحقيق أهداف حماية المناخ.

وقال الرئيس التنفيذي لمجلس طاقة الرياح العالمي بن باكويل “من المؤكد أننا نرى فجوة كبيرة بين أهداف مصادر الطاقة المتجددة وطاقة الرياح لسنة 2030 والطريق الذي نسير فيه الآن (…) إننا ننمو ولكن بسرعة غير كافية”.

أكبر وأفضل

 

أفضل بديل للوقود الأحفوري

أفضل بديل للوقود الأحفوري

ومر تاريخ استعمال طاقة الرياح بمشوار طويل ومثير، بدءًا من السفن التي تعمل بقوة الدفع، وطواحين الهواء، وصولاً إلى الشكل الحالي المتطور الذي تبدو عليه طاقة الرياح الآن.

ونمت الصناعة بسرعة على مدى العقدين الماضيين، وكانت على نفس مستوى تكاليف التكنولوجيا لتجارة الوقود الأحفوري أو كانت حتى أرخص منه في بعض أنحاء العالم، لكن بعض المسؤولين التنفيذيين والمحللين يقولون إن السباق لتطوير توربينات أكبر حجما وأكثر كفاءة ربما كان متسرعا.

ويتضاعف حجم التوربينات تقريبا كل عقد، حيث شُغّلت أكبرها في عامي 2021 و2022 بشفرات يبلغ طولها 110 أمتار وقدرة تتراوح بين 12 و15 ميغاوات.

وقال روب ويست المحلل في شركة ثاندر سايد إنيرجي الاستشارية، إنها تصبح أكثر عرضة للأعطال كلما زاد حجمها.

وأضاف أن “الفيزياء تعاقب بطبيعتها التوربينات الأكبر حجما، إذ تنحرف الشفرات الأكبر حجما بشكل أكبر، مما يعني أنها تحتاج إلى أغطية أكثر صلابة ومواد أكثر كلفة. كما أنها ستصبح أكثر وزنا، ما يخلق المزيد من الضغط والإجهاد عبر الشفرة والجذر والكنة أثناء كل دورة”.

وقالت شركة سيمنس غاميسا في يونيو إن إصلاح مشاكل الجودة في أحدث توربيناتها للرياح البرية سيتكلف 1.6 مليار يورو (1.7 مليار دولار).

وقال فريزر ماكلاتشلان الرئيس التنفيذي لشركة جي كيوب للتأمين إن عدد مطالبات التأمين من مطوري طاقة الرياح انخفض خلال العام الماضي، لكن مبالغ المطالبات وشدتها ارتفعا بشكل كبير.

 

قطاع حيوي في الطاقة النظيفة

قطاع حيوي في الطاقة النظيفة

 

وأضاف “إنه أمر يشبه ما يحدث مع هواتف أيفون. يريد الجميع تكنولوجيا ومعدات الجيل القادم، ويحاول المصنعون التفوق على بعضهم البعض. والنتيجة هي أنك لا تحصل على قدر كاف من الاستثمار في البحث والتطوير في التكنولوجيا”.

وتابع ماكلاتشلان “أصبحت المشاركة في سوق طاقة الرياح البحرية أمرا محفوفا بالمخاطر لشركات التأمين، وللمصنعين والمطورين والشركات المصدرة، حيث يواجه البعض الآن خطرا ماديا قد ينهي أعمالهم”.

وقال يوخن إيكهولت الرئيس التنفيذي لشركة سيمنس غاميسا إن أعمالها الخارجية تواجه مشكلات منفصلة عن المشكلات البرية، بما في ذلك التأخير في بناء مواقع الإنتاج، ومواطن الخلل في سلسلة التوريد، ونقص المكونات الأساسية.

وصرّح خلال شهر أغسطس حين أعلنت الشركة عن النتائج المالية للربع الثالث من العام الحالي “أصبحنا ضحية لنجاحاتنا السابقة على مدى السنوات الماضية”.

وأضاف “كان الاهتمام بمنتجاتنا مرتفعا للغاية، مما أدى إلى زيادة عدد الطلبيات في عامي 2021 و2022. ويتطلب هذا الآن تكثيفا في جل مرافق الإنتاج”.

وقالت شركة فيستاس الرائدة في صناعة التوربينات في العالم، إنها تكافح من أجل تقديم الطلبات المتراكمة وتتوقع استمرار اضطرابات سلسلة التوريد هذا العام.

فشل سوقي كبير

كثفت الحكومات جولات المزادات والمناقصات للحصول على تراخيص بحرية في نفس الوقت. وقالت منصة “بلومبرغ إن إي إف” إنها تتوقع أن تكون عقود وإيجارات طاقة الرياح البحرية أكثر من 60 جيغاوات متاحة في جميع أنحاء العالم حتى نهاية 2024.

لكن بعض مطوري طاقة الرياح قالوا إن سعر الكهرباء المعروضة في المزادات منخفض للغاية إلى درجة لا تمكنهم من البدء في مشاريع جديدة نظرا إلى مشاكل الصناعة مع ارتفاع التكاليف.

وقال والاس من شركة جوبيتر “يدرك المطورون هذا ويناقشون أسعار التوربينات والعمالة ونشر المشاريع واستئجار السفن والتمويل. هذا ما يؤثر على إعداد ميزانية المشاريع”.

وأكد بعض الخبراء أن بريطانيا تهدف إلى مضاعفة طاقتها من الرياح البحرية ثلاث مرات إلى 50 جيغاوات بحلول نهاية هذا العقد، لكن عدم وجود عطاءات من مطوري طاقة الرياح في مزاد الثامن من سبتمبر قد يكون علامة على ما هو قادم.

وقال بن باكويل “إن العلاقة بين المخاطر والفوائد في مجال سوق طاقة الرياح البحرية ليست واردة في العديد من الأنظمة القضائية. وهذا ما يمكن ملاحظته من خلال عدم إقبال المستثمرين”. وأضاف “يمكن للحكومات، بل يجب عليها، حل هذه المشكلة بسرعة، وإلا فسنشهد فشلا كبيرا في السوق ولن نتمكن من تحقيق الأهداف المناخية والاقتصادية”.

الفيزياء تعاقب التوربينات الكبيرة، إذ تنحرف الشفرات مما يعني أنها تحتاج إلى أغطية أكثر صلابة ومواد أكثر كلفة

وأصبحت الأسعار مرتفعة للغاية في بعض المزادات، ولا تستطيع مرافق الطاقة المتجددة التقليدية التنافس مع شركات النفط والغاز الكبرى في إطار بحثها عن أصول بيئية أكثر.

وعلى سبيل المثال، فازت شركتا بي بي وتوتال إنيرجي بمناقصة ألمانية لشراء 7 جيغاوات من طاقة الرياح البحرية بعد دفع مبلغ قياسي بلغ 12.6 مليار يورو مقابل عقود الإيجار. وانسحبت شركة آر دبليو إي وأورستد الدنماركية من المزاد بسبب مخاوف بشأن السعر.

وقال كريبر من آر دبليو إي “شاركنا في هذا المزاد، وكنا نود الفوز، لكن أسعار العروض وصلت إلى مستويات لن تتحقق فيها توقعاتنا الربحية حتى في السيناريوهات المتفائلة للغاية”.

ويكمن القلق هنا بشأن مشاكل الصناعة، وقالت المفوضية الأوروبية هذا الشهر إنها ستطرح حزمة من إجراءات الدعم.

وتواجه الشركات الأوروبية صعوبات عبر المحيط الأطلسي أيضا.

وفي الأشهر الأخيرة، سعى المطورون بما في ذلك أورستد وإكوينور وبي بي وشل إلى إلغاء عقود الطاقة أو إعادة التفاوض على أولى مزارع الرياح الأميركية على نطاق تجاري من المقرر أن تنطلق بين 2025 و2028.

وقال مطورو المشاريع إن مجموعة من المشاريع الأميركية المحورية التي يطمح إلى تحقيقها الرئيس جو بايدن والمتمثلة في إنتاج 30 جيغاوات من طاقة الرياح البحرية بحلول 2030 لن تشهد أي تقدم ما لم تخفف إدارته من متطلبات الدعم المحددة في قانون خفض التضخم.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.