تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

هل تعب الغرب فعلا من حرب أوكرانيا؟

مصدر الصورة
عن الانترنيت

بعد أكثر من 17 شهرا من الدعم العسكري لكييف، يبدو أن الغرب استنفد الخيارات المتاحة أمامه لإخضاع روسيا واستنزافها في حرب أوكرانيا، وأن هزيمة روسيا عسكرياً لا يبدو أنها خيارٌ متاح. ومن هنا باتت كلفة الحرب محل خلافات داخلية بين الحلفاء الغربيين.

كييف – مع دخول الحرب في أوكرانيا شهرها العشرين، فإن أحد الأسئلة الإستراتيجية الكبرى هو ما إذا كان الأميركيون وحلفاؤهم قد تعبوا من الحرب أم لا.

ويقول شق من المحللين بمن فيهم أنصار الدعاية الروسية إن الغرب قد تعب من الحرب، فيما يذهب أخرون للقول بأن دعم الولايات المتحدة وحلفاءها لأوكرانيا غير قابل للمس، إذ أن كييف خندق متقدم للصراع الأوسع بين الغرب وروسيا وأن تركها وحدها يعني خسارتهم جميعا.

وعاد الجدل بشأن الدعم المقدم إلى أوكرانيا إلى واجهة النقاش السياسي والحزبي بالولايات المتحدة، وذلك في أعقاب حذف بنود مساعدة كييف من الاتفاق الذي توصل إليه الكونغرس بشأن مشروع قانون تمويل مؤقت للحكومة.

ولم يتضمن مشروع القانون، الذي ينتهي أجله في 17 نوفمبر، أي مساعدات لكييف، بعد أن كانت الولايات المتحدة الداعم الرئيسي لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي العام الماضي، فيما يحاول البيت الأبيض حشد الجهود داخل البلاد، من أجل الحفاظ على تدفق المساعدات.

ديمتري بيسكوف: تعب الغرب سيخلق المزيد من الانقسامات وسيؤدي إلى تناقضات

وبعد المصادقة على الاتفاق الذي يجنب الحكومة الأميركية إغلاقا، حثّ الرئيس الأميركي جو بايدن، الأحد، الجمهوريين في الكونغرس على دعم مشروع قانون جديد يمنح المزيد من المساعدات لكييف.

وخصصت الولايات المتحدة أكثر من 60 مليار دولار لدعم أوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي في فبراير من العام الماضي، نسبة 65 في المئة منها كانت عبارة عن مساعدات عسكرية.

وبدأ الدعم الأميركي لأوكرانيا منذ اليوم الثاني من إطلاق موسكو لغزوها، حيث أذن بايدن في 25 فبراير 2022 بتقديم حزمة من المساعدات العسكرية بقيمة 350 مليون دولار.

وقالت وزارة الدفاع الأميركية حينها إن حزمة المساعدات الأولى تضمنت أسلحة صغيرة وذخائر، بالإضافة إلى دروع واقية من الرصاص ومعدات لـ”المدافعين عن الخطوط الأمامية”.

وبالتزامن مع ذكرى استقلال أوكرانيا ودخول الهجوم الروسي شهره السادس، أعلنت الولايات المتحدة في 25 أغسطس 2022 عن تقديم مساعدات عسكرية وصلت قيمتها إلى 3 مليارات دولار.

وهدفت هذه الحزمة التي كانت الأكبر من نوعها في ذلك الوقت، إلى تعزيز قدرات الجيش الأوكراني للسنتين المقبلتين، من خلال تزويده بصواريخ أرض جو أكثر تطورا، وقذائف مدفعية وصواريخ موجهة بالليزر ومُسيّرات متطورة.

وفي فبراير الماضي، بعد مضي عام على اندلاع الحرب، بلغ حجم المساعدات الأميركية لأوكرانيا 31.8 مليار دولار.

وفي شهر مارس، أعلنت إدارة بايدن عن تقديم مساعدة أمنية إضافية بقيمة ملياري دولار كجزء “من الالتزام بأمن أوكرانيا على المدى الطويل”.

وتواصل الدعم العسكري الأميركي لأوكرانيا طيلة الأشهر الموالية، خاصة بعد إعلان أوكرانيا إطلاقها هجوما مضادا من أجل استعادة أراضيها التي احتلتها روسيا.

وكانت موافقة واشنطن على إرسال طائرات أف – 16 المقاتلة من الدنمارك وهولندا إلى أوكرانيا، حدثا بارزا في جهود الدعم الأميركي لكييف التي سعت بقوة للحصول على هذه الطائرات لمساعدتها في مواجهة التفوق الجوي الروسي.

وإلى حدود 22 سبتمبر الماضي، وصل عدد التفويضات الرئاسية التي تخول للرئيس إرسال مواد وخدمات من المخزون الأميركي دون موافقة الكونغرس في حالات الطوارئ، إلى 47 بعد إعلان وزارة الدفاع الأميركية عن حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 325 مليون دولار.

ومنذ بدء الحرب، تعهدت الولايات المتحدة بتقديم أكثر من 43.1 مليار دولار من المساعدات العسكرية لأوكرانيا.

وخصصت واشنطن 23.5 مليار دولار لتزويد أوكرانيا بالأسلحة والمعدات تم نقلها من مخزونات وزارة الدفاع عبر آلية سلطة التفويض الرئاسي.

كما التزمت الولايات المتحدة بتقديم حوالي 18 مليار دولار، عبارة عن مساعدات أمنية، حيث تعهد البنتاغون بالاستثمار لتقديم المزيد من الأسلحة والتدريب والمشورة والخدمات اللوجستية والمعدات لأوكرانيا، وتمثل هذه التعهدات التزاما أطول بالمجهود الحربي لكييف، حيث أنها تشمل تمويل إنتاج الإمدادات.

ومن بين الالتزامات العسكرية الأميركية الأخرى نحو البلد الأوروبي، تقديم 1.5 مليار دولار عبارة عن منح لشراء الأسلحة والمعدات من خلال برنامج التمويل العسكري الأجنبي.

الخطر الرئيسي الذي يواجه أوكرانيا لا يتمثل بحدوث تحول سياسي مفاجئ في الغرب، بقدر ما يتمثل بالتفكك البطيء لشبكة المساعدات الأجنبية المنسوجة بعناية

وليست المساعدات العسكرية سوى جزء من الالتزام الأميركي لدعم أوكرانيا، حيث تعهدت واشنطن أيضا منذ بداية الحرب بتقديم مليارات الدولارات من المساعدات الاقتصادية والإنسانية للبلاد.

وإلى جانب 43.1 مليار دولار من الدعم العسكري، قدمت الولايات المتحدة حوالي 20.5 مليار دولار لدعم ميزانية أوكرانيا منذ بداية الحرب، إضافة إلى أكثر من 2.6 مليار دولار لدعم النازحين واللاجئين، وغيرهم من الفئات السكانية الضعيفة داخل وخارج البلاد.

وتعد واشنطن أكبر داعم دولي لكييف منذ بداية الحرب، حيث بلغ الدعم المخصص من الاتحاد الأوروبي لهذا البلد 35.9 مليار دولار، بحسب أرقام معهد كيل للاقتصاد العالمي، وهو مركز أبحاث ألماني.

وتأتي بريطانيا في المرتبة الثالثة لأكبر الداعمين بـ11.7 مليار دولار، ثم 11.6 مليار دولار من ألمانيا، و7.2 من اليابان، و5.7 من كندا، و4.6 من بولندا، و4.4 من هولندا، فيما قدمت النرويج لكييف 2.3 مليار دولار.

وتعليقا على تعليق المساعدات الأميركية لكييف، أكد الكرملين الاثنين أن “تعب” الغرب من تقديم الدعم لأوكرانيا سيزداد مع الوقت.

وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف إن “التعب من الدعم العبثي تماما لنظام كييف سيزداد في بلدان مختلفة، لاسيما في الولايات المتحدة”.

وأشار بيسكوف إلى أن “تعب” الغرب سيخلق المزيد من “الانقسامات في المؤسسة السياسية” وسيؤدي إلى “تناقضات”.

ويرى محللون أن المجتمعات الأوروبية والسلطات الغربية أخذت تشعر بشكل متزايد بالتعب من حرب أوكرانيا ومن عبء التكاليف الاقتصادية الكبيرة بسبب إمدادات المساعدة لكييف.

ويشير هؤلاء إلى أنها ستضطر في نهاية المطاف إلى تغيير سياساتها من زيادة الدعم العسكري لأوكرانيا إلى دفع كييف إلى مخارج سياسية لإيقاف الحرب وبالتالي تلافي أعبائها الاقتصادية على مجتمعاتها.

وفي رده على السؤال ما إن كان الغرب قد تعب من مساعدة أوكرانيا بعد سنة ونصف السنة من الحرب، وما إن كان بقي موحدا، قال النائب الألماني في البرلمان الأوروبي ميشال هللر إن الاتحاد قد تعب لكنه باق على وحدته.

في الولايات المتحدة أصبحت الحرب في أوكرانيا أحدث نقطة توتر في الصراع الدائر حول مدى اهتمام الأميركيين بدعم الشركاء والحلفاء في الخارج والإنفاق عليهم

وأضاف أن الجميع يقولون بأن الاتحاد الأوروبي سيدعم أوكرانيا بقدر ما هو مطلوب “لكنني أضيف نصف عبارة، سوف ندعم أوكرانيا بقدر ما هو مطلوب من أجل النصر”. وتابع “التعب الأوروبي من مساعدة أوكرانيا لا شك في وجوده لدى الأفراد، لكن ليس الحكومات الأوروبية”.

وفي المقابل، يقول مراقبون إنه لا يمكن ضمان استمرار الالتزام الغربي تجاه أوكرانيا، إذ باتت الأطياف السياسية في أوروبا والولايات المتحدة تراودها الشكوك والتساؤلات حول الدعم طويل الأمد لأوكرانيا. وحتى الآن لا تزال هذه الأصوات أقلية، لكنها تتضاعف وتزداد صخباً.

ويظل الترويج لوجهات النظر المؤيدة لروسيا والمعادية لأوكرانيا بشكل علني أمراً نادراً سياسياً. في المقابل، فإن الشكوك بشأن الاستمرار في دعم أوكرانيا غالباً ما تنبع من المناقشات السياسية الداخلية الجارية منذ فترة طويلة.

وفي الولايات المتحدة أصبحت الحرب في أوكرانيا أحدث نقطة توتر في الصراع الدائر حول مدى اهتمام الأميركيين بدعم الشركاء والحلفاء في الخارج والإنفاق عليهم.

وهكذا، بدأ التفاؤل بشأن نجاح أوكرانيا يتلاشى، مما أدى إلى الشعور بعدم الارتياح إزاء حرب كبرى مفتوحة طويلة الأمد على الأراضي الأوروبية.

ويرى هؤلاء أن الخطر الرئيسي الذي يواجه أوكرانيا لا يتمثل بحدوث تحول سياسي مفاجئ في الغرب، بقدر ما يتمثل بالتفكك البطيء لشبكة المساعدات الأجنبية المنسوجة بعناية. ومع ذلك، إذا حدث تحول مفاجئ، فسوف يبدأ في الولايات المتحدة، بحيث سيتم طرح الاتجاه الأساسي للسياسة الخارجية الأميركية على ورقة الاقتراع في نوفمبر 2024.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.