تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

رئة العالم تختنق: الجفاف يضرب غابات الأمازون ويهز التوازن الطبيعي

مصدر الصورة
العرب

قوّض الجفاف الذي تشهده منطقة الأمازون بالبرازيل نظام الغابات البيئي، وزعزع المجتمعات التي تعيش على صيد الأسماك والنقل النهري، وأجّج حرائق الغابات التي غطت أكبر مدينة في المنطقة بالدخان لأسابيع.

ويمثل حوض الأمازون خمس المياه العذبة المتدفقة إلى محيطات العالم، ولكن العديد من أنهار المنطقة الرئيسية قد استُنزفت بشدة بسبب موجة الجفاف الرابعة التي تضرب منطقة الأمازون في أقل من 20 عاما.

وأثار الجفاف مخاوف العلماء من أن تغير المناخ وإزالة الغابات والحرائق وغيرها من التأثيرات البشرية تدفع منطقة الأمازون إلى “نقطة تحول” تهدد بتغيير الغابة بشكل لا يمكن إصلاحه وتحويلها إلى بيئة أكثر جفافا تشبه السافانا.

وقال عالم المناخ البرازيلي باولو أرتاكسو، وهو عضو الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، “يؤثر شيء على مناخ الغابة لم يظهر قبل الستينات”.

واستخدم عالما المناخ كارلوس نوبري وتوماس لوفجوي عبارة “نقطة التحول” في مجلة “ساينس أدفانسز” في 2018 للإشارة إلى تأثير التدمير البيئي في منطقة الأمازون، وخاصة إزالة الغابات وتغير المناخ والحرائق.

منطقة الأمازون البرازيلية تدق ناقوس الخطر بعد أن فقدت 14.5 في المئة من مياهها السطحية بين عامي 1985 و2021

وقدرا في مقالهما وجوب عدم المساس بما بين 20 و25 في المئة من غابات الأمازون للحيلولة دون تحول أجزاء منها إلى نظام بيئي أكثر جفافا شبيه بالسافانا.

وجادل الباحثان بأن رطوبة الأمازون تتأتى من الهواء المنبعث من المحيط الأطلسي الذي تمتصه النباتات والأشجار والكتل المائية في الغابة قبل إطلاقه. ويعني غياب تغطية الأشجار خروج نصف مياه الأمطار في منطقة الأمازون من هذه الدورة. كما تسبب ظاهرة الاحتباس الحراري نفسها الجفاف في منطقة الأمازون.

وقدرت دراسة نشرتها مجلة “ساينس” في 2022 أن تجاوز ارتفاع درجة الحرارة 3.5 درجة مئوية فوق معدلات ما قبل الصناعة قد يوصل منطقة الأمازون إلى نقطة تحول بغض النظر عن مقدار الغطاء الشجري المفقود.

وكانت غابات الأمازون المطيرة تغطي مساحة 647 مليون هكتار حين وصلها المستعمرون الأوروبيون، لكن 13 في المئة منها فُقدت منذ ذلك الحين، وفقا لتقديرات سنة 2022 التي نشرها مشروع مراقبة منطقة الأمازون الأنديز.

ووفقا لمات فاينر، وهو مدير المشروع وكبير باحثيه، فقد الجزء الشرقي من الأمازون 31 في المئة من غطاء غاباته وهو ما يثير القلق، حيث من المرجح أن يتعطل تدفق الرطوبة الأطلسية التي تدخل الغابة. كما تضررت 38 في المئة من منطقة الأمازون، وفقا لبحث نشرته مجلة “ساينس” في 2023.

6 محطات من أصل 22 مخصصة لمراقبة الأنهار سجلت منذ 1 نوفمبر الجاري أدنى مستوياتها

وتبرز دلائل مختلفة أن الغابة أصبحت أقل قدرة على الصمود، وخاصة في “قوس إزالة الغابات” الذي يمتد على الأطراف الجنوبية والشرقية في النظام البيئي للبرازيل.

وتظهر دراسة نشرت عام 2021 في مجلة “نيتشر” أن المنطقة الجنوبية الشرقية من منطقة الأمازون البرازيلية تبعث الآن نسبة من الكربون الذي يسخن الكوكب تتجاوز التي تمتصها، حتى في السنوات الممطرة، عندما تزدهر النباتات عادة وتمتص المزيد من ثاني أكسيد الكربون.

وتشير دلائل إلى أن الجفاف قد يكون أسوأ من ذلك الذي ضرب منطقة الأمازون في 2005، وأن المنطقة أصبحت أكثر تضررا.

وسجلت 6 محطات من أصل 22 مخصصة لمراقبة الأنهار منذ 1 نوفمبر الجاري أدنى مستوياتها. وكانت خمس محطات فقط عند المستويات الطبيعية.

وفي مدينة ماناوس التي اختنقت بدخان حرائق الغابات، انخفض نهر ريو نيغرو إلى أدنى مستوى له منذ 121 عاما.

وأكدت الأبحاث أن موسم الجفاف ارتفع لمدة تصل إلى شهر في المناطق الجنوبية منذ السبعينات، عندما تزايدت وتيرة إزالة الغابات في منطقة الأمازون في البرازيل.

ووجدت الأبحاث الصادرة في عام 2022 عن تعاون بين الجامعات والمجموعات غير الربحية وشركات التكنولوجيا أن منطقة الأمازون البرازيلية فقدت 14.5 في المئة من مياهها السطحية بين عامي 1985 و2021. وقال منسق التعاون كارلوس سوزا إن الجفاف يزداد عاما بعد عام.

Thumbnail

وتعد منطقة الأمازون حاليا حوضا للكربون الذي تمتصه قبل أن يسخن الكوكب. ولكن إذا ماتت أعداد كبيرة جدا من الأشجار وتعفنت فستتحول إلى مصدر صاف لانبعاثات الكربون، وهو ما يسرّع تغير المناخ. وعندما ضرب الجفاف الشديد في 2005 منطقة الأمازون، ماتت أعداد كبيرة من الأشجار، مما سبب انبعاث غازات دفيئة من الغابة تتجاوز تلك التي تسجلها أوروبا واليابان، وفقا لدراسة أجريت في 2009 ونشرت في مجلة “ساينس”.

ويقول بعض الباحثين إن الأوان قد فات بالنسبة إلى أجزاء من منطقة الأمازون. وقال تقرير صدر في 2022 عن شبكة أمازون للمعلومات الاجتماعية والبيئية ذات المرجعية الجغرافية إن “نقطة التحول ليست سيناريو مستقبليا بل هي مرحلة تشهدها بعض المناطق بالفعل”.

وتنصح الشبكة بتخصيص الأراضي العامة ضمن المحميات البيئية أو الاعتراف بها كأراض للسكان الأصليين لمنع إزالة الاشجار منها. وتقول المجموعة إن من الواجب استعادة الـ6 في المئة الأخرى من مساحة الغابة الأصلية.

وأظهرت بيانات حكومية أن إزالة الغابات في منطقة الأمازون بالبرازيل انخفضت بنسبة 22.3 في المئة في الأشهر الـ12 حتى يوليو.

وقرر الرئيس البرازيلي الجديد لويز إيناسيو لولا دا سيلفا في أواخر العام الماضي تجديد تعهد بلاده (الذي كان في إطار اتفاق باريس لسنة 2015) بإعادة تشجير 12 مليون هكتار من أراضي الغابات بحلول 2030. وهوما يعادل تقريبا مساحة إنجلترا.

وتُظهر أحدث البيانات أن مشاريع استعادة الغابات غطت 74 ألف هكتار في 2021، وكان معظمها خارج منطقة الأمازون.

وأكدت دراسة أجراها معهد إسكولهاس البرازيلي في أغسطس 2023 الحاجة لاستثمارات بقيمة 46.85 مليار دولار للوفاء بتعهد إعادة التشجير بحلول 2030.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.