تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

العرب: التحضير لانتخابات جديدة في الكويت: ماذا سيتغير إذا أعيد إنتاج نفس البرلمان

مصدر الصورة
العرب

إجراء انتخابات برلمانية جديدة في الكويت بالاستناد إلى نفس القوانين التي انتُخب البرلمان الذي حلّ مؤخّرا وفي نفس الظروف التي حفّت بانتخابه، يقلّل من إمكانية إحداث التغيير المنشود المتمثّل في تأسيس علاقة جديدة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية تفتح الطريق أمام الإصلاحات التي طال انتظارها.

الكويت- بدأت في الكويت الاستعدادات لإجراء انتخابات برلمانية جديدة بعد أن تمّ الإعلان قبل أيام عن حلّ البرلمان الذي لم يمض على انتخابه سوى حوالي ثمانية أشهر.

وتترافق التحضيرات لانتخابات جديدة في الكويت مع أسئلة عن التغييرات التي يمكن أن تحدثها العملية في المشهد السياسي في البلاد وتؤدّي إلى إزالة التوتّر الذي قاد إلى حلّ البرلمان الأخير كما قاد إلى حلّ برلمانات عديدة قبله.

وعقدت اللجنة القانونية في مجلس الوزراء الكويتي الأحد اجتماعا خصّص لاستكمال إعداد المقترحات والتوصيات المتعلقة بالدعوة لانتخابات مجلس الأمة تمهيدا لرفعها إلى مجلس الوزراء.

وستكون الانتخابات المتوقّع أن تجري مطلع أبريل القادم هي الرابعة في ظرف أربع سنوات في مظهر على عدم استقرار البرلمانات والحكومات في الكويت البلد الغني بموارد النفط والذي يعاني منذ فترة طويلة صراعات مستمرّة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، في ظل حالة من تضخّم سلطات نواب مجلس الأمّة منعت من إجراء إصلاحات ضرورية على غرار تلك التي تمّت بنجاح في باقي بلدان الخليج وجعلتها أكثر حصانة ضدّ الأزمات المالية والاقتصادية التي ما فتئت الكويت تشهدها رغم وفرة عائداتها من البترول.

◙ الشيخ مشعل الأحمد كان قد وجّه انتقادات حادّة للعلاقة بين الحكومة والبرلمان

ونقلت صحيفة الرأي المحلية عن مصادر وصفتها بالمطلعة أن من بين المقترحات التي تدرسها اللجنة القانونية الحكومية إصدار مرسوم ضرورة (يصدر عن أمير البلاد) بتعديل بعض أحكام القانون 120 لسنة 2023 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمّة بما يسمح بأن يكون تشكيل المفوضية بندب القضاة بدل تعيينهم، بحيث تجرى الانتخابات وفق قانون المفوضية.

وكان قانون إنشاء مفوضية عليا للانتخابات قد أقرّ الصيف الماضي متضمّنا بنودا إجرائية وتنظيمية بعيدة كل البعد عن إحداث أي تأثيرات في تركيبة البرلمانات وبالتالي في علاقاتها مع الحكومات.

وجاء ذلك على الرغم من الهدف المعلن من تقديم الحكومة التي كان يرأسها آنذاك الشيخ أحمد نواف الأحمد لمشروع قانون إنشاء مفوضية للانتخابات والمتمثّل بتصويب العملية الانتخابية التي تعرضت إلى التشكيك والإبطال في أكثر من مناسبة خلال السنوات الماضية.

وعلى عكس المنتظر لم يخل قانون المفوّضية من ملامس الإسلاميين المهيمنين على البرلمان والمؤثرين في المشهد السياسي من خلال فتحه الباب لممارسة المدانين سابقا بجرائم منها المساس بالذات الأميرية للحقوق الانتخابية ترشّحا واقتراعا، وأيضا من خلال تضمينه بندا “يشترط لممارسة الحق في الانتخاب والترشيح الالتزام بأحكام الدستور والقانون والشريعة الإسلامية”، الأمر الذي اعتبر استهدافا للحرّيات الشخصية، ومحاولة للمساس بمكتسبات المرأة الكويتية على وجه الخصوص.

وتوقّع مراقبون أن تفضي انتخابات تجري في ظرف وجيز مثلما ينص الدستور الكويتي على ذلك وبالاستناد إلى نفس النظم والقوانين المعتمدة سابقا، إلى إعادة إنتاج نسخة جديدة من مجلس الأمّة الذي تمّ حلّه والذي تهيمن على مقاعده القوى الإسلامية المعارضة، خصوصا وأنّ عددا كبيرا من نواب المجلس المنحلّ كانوا يلعبون على دغدغة المشاعر الدينية للمواطنين برفع راية مقاومة الظواهر السلبية وحماية الأخلاق والدفاع عن الشريعة، فضلا عن رفعهم راية الدفاع عن المكتسبات الاجتماعية والامتيازات السخية الممنوحة للمواطنين بموجب نموذج دولة الرفاه المطبّق في الكويت.

وسيكون انتخاب برلمان كويتي جديد غير متوافق مع الحكومة بمثابة استمرار لمتوالية عدم استقرار السلطتين.

كما سيمثّل سيرا عكس اتجاه الإصلاحات التي تضمّن الخطاب السياسي للقيادة الكويتية الجديدة ممثلة بأمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الصباح ورئيس مجلس الوزراء المعيّن حديثا من قبله الشيخ محمّد سالم الصباح، العديد من الإشارات بشأن العزم على إجرائها.

وكان الشيخ مشعل الأحمد قد وجّه انتقادات حادّة للعلاقة بين الحكومة والبرلمان معتبرا أن استمرار الخلافات بينهما أثّر على أدائهما، ومؤكّدا أنّ استمرار المشهد السياسي على ما هو عليه لن يكون في صالح البلاد ومواطنيها.

واعتبرت تصريحات الأمير تلويحا باستخدام سلطاته الممنوحة له بموجب دستور البلاد لإجراء تعديلات قانونية تفضي إلى التغييرات المنشودة في المشهد السياسي بالبلاد.

ومن الجانب الحكومي انتقد الشيخ محمّد الصباح نموذج دولة الرفاه المتّبع من قبل بلاده وطريقة توجيه الدعم الممنوح للمواطنين وفقه.

ومثّل ذلك في نظر المراقبين إعلانا أوليا عن توجهه الإصلاحي الذي قد يتضمّن اتخاذ قرارات غير شعبية من قبيل تقليص الدعم وفرض ضرائب.

إلاّ أن ذلك لم يكن متاحا في ظل وجود برلمان يطالب بعكس ذلك تماما ويسعى نوابه إلى إقرار امتيازات جديدة للمواطنين، ولن يكون متاحا أيضا في حال أعيد إنتاج نفس البرلمان من خلال الانتخابات القادمة.

وأظهرت نوايا الإصلاح المعلنة من قبل الأمير ورئيس الوزراء عدم إمكانية تعايش حكومة الشيخ محمد الصباح مع مجلس الأمّة، وهو ما تجسّد فعلا بقرار حلّ المجلس.

واتّخذ القرار استنادا لسبب مباشر تمثّل في “ما بدر من مجلس الأمة من تجاوز للثوابت الدستورية في إبراز الاحترام الواجب للمقام السامي (مقام الأمير) وتعمّد استخدام العبارات الماسة غير المنضبطة”، بحسب ما ورد في مرسوم الحلّ الصادر عن أمير البلاد.

ويشير محتوى المرسوم ضمنا إلى كلمة كان قد ألقاها النائب عبدالكريم الكندري أمام المجلس وتضمّنت ملاحظات على خطاب الأمير، وتم حذفها من مضبطة البرلمان بقرار من رئيسه أحمد السعدون. لكن المجلس عاد في الجلسة الموالية ليصوّت بالأغلبية على إعادة مداخلة الكندري إلى المضبطة.

ومع ذلك لم تغب عن خلفية حلّ المجلس بوادر الخلافات التي بدأت تظهر بسرعة بين نوابه المطالبين بتمرير تشريعات تتضمّن إقرار المزيد من الامتيازات للمواطنين والحكومة الجديدة التي تسير نواياها الإصلاحية عكس ذلك الاتّجاه.

وكانت الحكومة الكويتية قد طلبت من مجلس الأمّة تأجيل النظر في الخارطة التشريعية المتضمنة للقوانين ذات الصبغة الاجتماعية لمدة شهر للمزيد من دراستها، إلاّ قرار حل البرلمان اختصر الطريق، حيث لم يكن التوافق الحكومي – النيابي على الخارطة أمرا واردا في ظل ما أظهره النواب من تمسّك بعدم إدخال أي تعديلات على خارطتهم التشريعية.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.