تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

منتجو زيت الزيتون يكافحون للتأقلم مع الاحتباس الحراري

مصدر الصورة
العرب

ترتسم علامات الإحباط على منتجي زيت الزيتون في العالم من أن استمرار التأثيرات السلبية لتغير المناخ قد يترك بصمة لا يمكن معالجتها إن لم يتم تبني حلول جماعية منسقة يمكن أن تساعد المزارعين في الحفاظ على مستويات الإنتاج في حدود معقولة مع الضغط أكثر على الأسعار.

مدريد - يضاعف منتجو زيت الزيتون حول العالم جهودهم لتطوير حلول، بالتواصل مع مجتمع العلماء، في مواجهة الاحترار المناخي الذي يؤثر على المحاصيل ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار.

وتشمل الحلول التي يطاردها المنتجون تحسين أنظمة الري واختيار أصناف جديدة ونقل المزروعات إلى مواقع أكثر مقاومة لتبعات التغير المناخي الذي ترك أثارا قاسية على القطاع الزراعي بشكل عام.

وتثير موجة الجفاف القاسية ودرجات الحرارة المرتفعة بصورة غير طبيعية في العديد من الدول المنتجة، وخاصة في حوض المتوسط مخاوف المزارعين من تسجيل كارثة في قطاع إنتاج زيت الزيتون إذا لم يتم تدارك الأمر بشكل أسرع.

ويشهد القطاع الذي تضرر بصورة كبيرة في الأعوام القليلة الماضية تراجعا في الإنتاج ويواجه احتمال تسجيل نقص في كميات الزيت، الأمر الذي يسبب الإحباط من التعرض لسنة سوداء أخرى جراء تداعيات الاحتباس الحراري.

وقال المدير التنفيذي للمجلس الدولي للزيتون خايمي ليلو بمناسبة المؤتمر العالمي الأول لزيت الزيتون الذي عُقد الأسبوع الماضي في العاصمة الإسبانية مدريد بمشاركة 300 جهة مختلفة، إن “تغير المناخ أصبح حقيقة واقعة، وعلينا أن نتكيف معه”.

خايمي ليلو: تغير المناخ أصبح حقيقة واقعة، وعلينا أن نتكيف معه

وهذا الواقع مؤلم للقطاع برمته على مستوى العالم، فهو يواجه منذ عامين انخفاضا في الإنتاج على نطاق غير مسبوق، على خلفية موجات الحر والجفاف الشديد في الدول المنتجة الرئيسية، مثل إسبانيا واليونان وإيطاليا.

وبحسب المجلس الوطني للزيتون، انخفض الإنتاج العالمي من 3.42 مليون طن في موسم 2021 و2022 إلى 2.57 مليون طن في موسم 2022 و2023، وهو انخفاض بنحو الربع.

وبالنظر إلى البيانات التي أرسلتها الدول الأعضاء في المنظمة البالغ عددها 37 دولة، فمن المتوقع أن يشهد الإنتاج تراجعا جديدا في موسم 2023 و2024 إلى 2.41 مليون طن.

ويقول المنتجون والتجار إن هذا الوضع أدى إلى ارتفاع كبير في الأسعار، بنسبة تراوحت بين 50 و70 في المئة، حسب الأصناف المعنية خلال العام الماضي.

وعلى سبيل المثال، في إسبانيا، التي توفر نصف كميات زيت الزيتون في الأسواق العالمية، تضاعفت الأسعار ثلاث مرات منذ بداية عام 2021، ما أثار استياء المستهلكين.

وتسيطر إسبانيا على أكثر من 40 في المئة من إنتاج زيت الزيتون العالمي، بحسب ما تشير إليه التقديرات الرسمية، مما يجعلها مرجعا عالميا للأسعار.

وحذرت شركة ديوليو الإسبانية، وهي الأكبر عالميا في إنتاج زيت الزيتون، في مايو الماضي من أن هذه الصناعة بحاجة إلى “تحول عميق” لمواجهة واحدة من أصعب الفترات في تاريخها.

وخلال مقابلة مع شبكة سي.أن.بي.سي الأميركية قال المدير التجاري للشركة ميغيل أنجيل جوزمان، في ذلك الوقت “نحن نواجه واحدة من أصعب الفترات في تاريخ القطاع”.

◙ 90 في المئة من الإنتاج يأتي من حوض المتوسط الذي يتعرض لحرارة أكبر بمقدار 20 في المئة

وبلغت أسعار الزيت البكر الممتاز في بعض المناطق الإسبانية إلى مستوى قياسي عند 9.2 يورو للتر الواحد وكانت تُتداول بنحو 7.8 يورو اعتبارا من التاسع عشر من أبريل، وفقا لمؤشر مينتك القياسي، انخفاضا من حوالي 8 يوروهات مع نهاية مارس.

وأكد رئيس المنظمة المهنية لزيت الزيتون في إسبانيا بيدرو باراتو أن “التوتر في الأسواق وارتفاع الأسعار يشكلان اختبارا دقيقا للغاية لقطاعنا”. وأوضح “لم نشهد هذا الوضع من قبل”.

وقال “يجب أن نستعد لسيناريوهات متزايدة التعقيد تسمح لنا بمواجهة أزمة المناخ”، مشبّها الوضع الذي يعيشه مزارعو الزيتون بـ”الاضطرابات” التي شهدها القطاع المصرفي خلال الأزمة المالية 2008.

وفي الواقع، فإن التوقعات في هذا المجال ليست مشجعة للغاية. ففي الوقت الراهن، أكثر من 90 في المئة من إنتاج زيت الزيتون في العالم يأتي من حوض البحر المتوسط.

ومع ذلك، وفق الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فإن هذه المنطقة التي توصف بأنها “نقطة ساخنة” لتغير المناخ، تشهد احترارا بنسبة 20 في المئة أسرع من المعدل العالمي.

ويمكن لهذا الوضع أن يؤثر على الإنتاج العالمي على المدى الطويل. ويقول الباحث في معهد الزيتون اليوناني يورغوس كوبوريس “نحن أمام وضع دقيق”، يدفع باتجاه “تغيير طريقة تعاملنا مع الأشجار والتربة”.

بيدرو باراتو: توتر الأسواق وارتفاع الأسعار يشكلان اختبارا دقيقا

ويوضح خايمي ليلو أن “شجرة الزيتون واحدة من النباتات التي تتكيف بشكل أفضل مع المناخ الجاف. لكنّها في حالات الجفاف الشديد، تنشّط آليات لحماية نفسها وتتوقف عن الإنتاج. وللحصول على الزيتون، ثمة حاجة إلى حد أدنى من الماء”.

ومن بين الحلول التي طُرحت خلال المؤتمر في مدريد، البحث الجيني: فمنذ سنوات يجرى اختبار مئات الأصناف من أشجار الزيتون من أجل تحديد الأنواع الأكثر تكيّفا مع تغير المناخ، استنادا بشكل خاص إلى تاريخ إزهارها.

ويكمن الهدف من ذلك في تحديد “أصناف تحتاج إلى ساعات أقل من البرد في الشتاء وتكون أكثر مقاومة للضغط الناجم عن نقص المياه في أوقات رئيسية معينة” من العام، مثل الربيع، على ما يوضح خوان أنطونيو بولو، المسؤول عن المسائل التكنولوجية في المجلس الدولي للزيتون.

والمجال الرئيسي الآخر الذي يعمل عليه العلماء يتعلق بالري، إذ يرغب القطاع في تطويره من خلال تخزين مياه الأمطار، وإعادة تدوير مياه الصرف الصحي أو تحلية مياه البحر، مع تحسين "كفاءتها".

ويعني ذلك التخلي عن "الري السطحي" وتعميم “أنظمة التنقيط”، التي تنقل المياه "مباشرة إلى جذور الأشجار” وتتيح تجنب الهدر، بحسب كوستاس خارتزولاكيس، من معهد الزيتون اليوناني.

وللتكيف مع الوضع المناخي الجديد، يُنظر أيضا في مقاربة ثالثة أكثر جذرية تتمثل في التخلي عن الإنتاج في مناطق يمكن أن تصبح غير مناسبة لأنها صحراوية جدا، وتطويره في مناطق أخرى.

وهذه الظاهرة “بدأت بالفعل”، ولو على نطاق محدود، مع ظهور “مزارع جديدة” في مناطق كانت حتى الآن غريبة عن زراعة أشجار الزيتون، وفق خايمي ليلو، الذي يقول إنه “متفائل” بالمستقبل، رغم التحديات التي يواجهها القطاع. ويعد ليلو بأن "بفضل التعاون الدولي، سنتمكن شيئا فشيئا من إيجاد الحلول".

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.