تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الحكومةتتجه لمساكن للترف..ومشاكل العشوائيات تتفاقم

 

محطة أخبار سورية

قد يكون الحديث عن موضوع السكن الاقتصادي ضمن مفهوم العمارة الخضراء سابقاً لأوانه رغم كثرة المناقشات والأحاديث عنه في أروقة الحكومة خلال الآونة الأخيرة فإن تتوجه الحكومة إلى إعداد دراسات لبناء مساكن للترف في وقت تستفحل فيها ظاهرة السكن العشوائي وتتفاقم فيها معاناة المواطنين للحصول على سكن لائق، أمر يستدعي الوقوف عنده. فالحكومة دعت مؤخرا إلى ضرورة تشكيل لجان لوضع المصفوفة التنفيذية لتطبيق السكن الاقتصادي ضمن مفهوم العمارة الخضراء وطالبت من الجهات المعنية إعداد تصنيف للأبنية الحديثة ووضع خطة وطنية لإدراج الأبنية الراهنة ضمن المعايير المذكورة. كما أن وزارات الإسكان والكهرباء والبيئة والإدارة المحلية وغيرها قد وجدت بالموضوع ما هو جديد ومثير حتى إن وزارة الإسكان أعطت الأولوية لهذا المشروع وطالبت بإدراجه ضمن الخطة الخمسية الحادية عشرة ورصد الاعتمادات اللازمة له من قبل الحكومة على اعتبار أن المشروع نموذجي ووزارة البيئة كذلك قامت بدورها في إقامة منتدى للعمارة الخضراء حضره نحو أكثر من مئة مشارك من مختلف الجهات الوطنية.

 

عمارة خضراء ‏

 

الباحث الاقتصادي د.عابد فضلية قال لـ«لتشرين»: إن تطبيق السكن الاقتصادي ضمن مفهوم العمارة الخضراء من الصعب جداً تحقيقه في سورية إن لم يكن مستحيلاً، وان مجرد الحديث عنه من المفروض أن يبدأ بعد عشر أو عشرين سنة من اليوم. وأضاف قائلاً: لاشك في إن الفكر الحضاري الذي يتم تداوله بين وزارة الإدارة المحلية ووزارة الإسكان وغيرها يستحق التحية لأن مشروع السكن الأخضر هو فكر حضاري متطور متقدم لكن باعتقادي إذا كان الحديث عن إيجاد السكن الشبابي أو إيجاد السكن العمالي أو الجمعيات التعاونية السكنية فنحن بصدد الحديث عن الترف الفكري لأن السكن الأخضر في مثل هذه الظروف هو ترف فكري ايجابي وما نريده اليوم هو حل مشكلات السكن أولاً ومن ثم نبحث عن مدى انسجام هذا السكن مع الترف الفكري للبعض الذي يظن أن سورية قد وصلت إلى مرحلة يجب أن تطبق مبادئ السكن الأخضر والعزل الحراري و..... وهو الأمر الذي لا يمكن الحديث عنه لاسيما خلال المرحلة الراهنة والتي مطلوب فيها تأمين السكن العادي للمواطن لاسيما أصحاب الدخل المحدود عندها نستطيع أن نتحدث عن السكن نوعاً ما، أما الحديث عن السكن الأخضر قبل ذلك باعتقادي إذا لم اسمه إضاعة للوقت فهو ترف فكري ايجابي ومن غير المجدي الحديث عنه إذا لم ننته إلى مشكلة تأمين السكن من ناحية الكم والمساحة والنوع أما فيما إذا كان السكن منسجماً مع السكن الأخضر أو مع المعايير الخضراء للسكن فهذه مسألة سابقة للحديث عنها. وبين فضلية أن السكن الاقتصادي يختلف عن السكن الأخضر ومن المفترض أن يكون مقصوداً به السكن ذو الكلفة الأقل بمعنى آخر أن يكون السكن مناسباً من حيث التوزيع والمساحة والشكل ويكون مناسباً بالكلفة الأقل هذا هو السكن الاقتصادي ومن المفروض أن يكون توجه الحكومة خلال المرحلة القادمة مختلفاً بحيث يصبح السكن التعاوني هو سكن اقتصادي والسكن البديل لأصحاب المساكن العشوائية يجب أيضا أن يكون سكناً اقتصادياً لأنه لا يوجد شيء يسمى سكناً اقتصادياً وحتى نحقق هذه المقولة يجب أن نطبق مبدأ السكن الاقتصادي على كل أنواع المساكن سواء كانت تعاونية شبابية أو عمالية أو سكناً بديلاً بمعنى أن تكون الكلفة بالحد الأدنى لمسكن يجب أن تكفي العائلة أو الساكن لكن التكاليف بالحد الأدنى. ‏

 

هذه الفكرة إذا أردنا أن نربطها مع فكرة السكن الأخضر نجد أنها مناقضة تماما لأن السكن الأخير بحاجة إلى شروط قاسية ومواد بناء معينة بحاجة إلى عزل حراري و..و.. ناهيك عن أن السكن الأخضر ذات تكلفة عالية جدا. والحديث عن السكن الاقتصادي مناقض للحديث عن السكن الأخضر في الإطار فإذا نظرنا إلى مستوى الدخل الفردي إلى مستوى معيشة المواطن حاليا نجد أن السكن الأخضر مكلف خاصة إذا كان معزولاً حرارياً بينما السكن الاقتصادي يجب أن يكون بأقل تكلفة ممكنة وان الحديث عنهما معا هو كما الحديث عن هدفين نقيضين صعب حالياً. وأوضح هذا لا يعني أننا لسنا بحاجة إلى سكن اقتصادي متطور ونتمنى وألا يبقى مجرد أمنية أن تكون كل المشروعات السكنية التي تقام حاليا أو التي ستقام محققة لشروط السكن الأخضر إلا أن ذلك مكلف وبالتالي يتناقض مع هدف السكن الاقتصادي الذي من المفترض أن يكون بأقل تكلفة ممكنة. وأردف فضلية: أنا كاقتصادي أرى أن الحديث عن السكن الاقتصادي في منحى بعيد جداًً عن الحديث عن السكن الأخضر إلا إذا كانت هناك فكرة متطورة تقنياً وفنياً ومن حيث البناء والعمارة من حيث رابطة البناء ومعمارياً نستطيع أن نحقق سكناً اقتصادياً وأخضر لكن تحقيق هذا الهدف صعب جدا إن لم يكن مستحيلاً.. ويرى فضلية ضرورة لوضع استراتيجيات لحل ظاهرة السكن العشوائي والتخفيف منها عبر تنظيم مناطق السكن العشوائي إما على يد الحكومة أو على يد جهات القطاع الخاص مستفيدين من قانون وتشريعات التطوير العقاري، لكن اليوم وبعد أن استفحلت المخالفات التي أصبحت على نطاق واسع جدا في كل أنحاء سورية نتيجة استغلال الوضع الأمني لم يعد الحل السابق صالحاً لحل هذه المشكلة بهذا الشكل وبالتالي يجب إيجاد آليات وحلول تنسجم مع الواقع الحالي وليس الواقع كما كان قبل ستة أشهر نتيجة ازدياد المخالفات والتي ازدادت في الفترة الماضية حتى إنها أصبحت تعادل من حيث الكم جميع المخالفات التي حصلت خلال العقود الثلاثة الماضية. ‏

 

وحول الحلول الممكنة قال فضلية: إن تنظيم مناطق السكن العشوائي وبناء مشروعات مكانها لم يعد ممكناً قد يكون من الأفضل حسب واقع اليوم تنظيمها أو إدخالها في المخططات التنظيمية وتحديثها قدر الإمكان، لكن انطلاقاً من الواقع الذي هو عليه اليوم نشير إلى أن هذا يتطلب دراسات ميدانية ومسحاً كاملاً لهذه المناطق، هذا المسح يجب أن يكون جغرافياً وبشرياً ومن حيث البنى التحتية ومن حيث التخطيط الإقليمي ومستقبل تخطيط المدن كل هذا يجب أن يؤخذ بالحسبان.. باختصار، الحلول التي كانت ممكنة قبل ستة اشهر اليوم لم تعد ممكنة اليوم نتيجة التغير الكبير في هذه المناطق ونشوء مناطق أخرى جديدة للمخالفات نظراً لما يجري.. ‏

 

لا رؤية واضحة ‏

 

وفي السياق ذاته أكد الباحث نضال طالب أن تفاقم مشكلة السكن العشوائي سببه غياب نظام تخطيطي عمراني متكامل من قبل الحكومة والقادر على معالجة مشكلات السكن وعدم التوسع بالمخططات التنظيمية وقصور التخطيط العمراني، وتفاقم الهجرات المستمرة وغير المبرمجة من الريف إلى المدن، إضافة إلى الارتفاع الحاد لأسعار الأراضي بسبب المضاربات العقارية ما أبعد شريحة من المواطنين الفقراء عن إمكانية حصولهم على قطعة سكنية يمكن بناؤها بالإمكانات الذاتية، وتقاعس الأجهزة المسؤولة في تدبير ومراقبة البناء والتعمير. ‏

 

ويرى طالب أن ظاهرة السكن العشوائي في سورية لا تعدّ ظاهرة لها خصوصية مميزة كما في الدول الأخرى التي توجد فيها مساكن من الصفيح أو مساكن لا تتمتع بالخدمات والبنى التحتية اللازمة، بل إنها مناطق سكنية تتمتع بجميع الخدمات المقدمة للمساكن النظامية في مراكز المدن من حيث الكهرباء والمياه وشبكات الصرف الصحي والمدارس والمراكز الصحية والمشافي. وتشير الأرقام إلى أن نسبة هذه المساكن غير القانونية تزيد عن 40% من سكان المدن الكبيرة، وهذه النسبة تتمركز في 115 منطقة مخالفات عمرانية مشكلتها الرئيسة كيفية إدارة وتخديم البنى التحتية اللازمة لهذه المناطق بعدما أصبحت أمراً واقعاً، تحتل هذه المناطق مساحة تقارب 11 ألف هكتار ويبلغ عدد سكانها حوالي 1,9 مليون نسمة، دمشق فيها أعلى كثافة سكانية مخالفة وكانت النسبة الأقل في محافظة الرقة، والمساكن لا تتوفر فيها الشروط الصحية والبيئية، إضافة إلى ارتفاع نسبة التلوث بسبب انتشار الصناعات الحرفية الملوثة وتلوث الهواء بالغبار في الطرقات غير المعبدة ومياه الشرب تتعرض للتلوث لتداخل شبكة المياه مع الصرف الصحي وفي بعض المناطق شبكة الصرف الصحي مكشوفة.‏ ‏

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.