تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

القضايا الجوهرية التي لم يتناولها وتغاضى عنها أوباما

مصدر الصورة
SNS

 

 
في خطابه في جامعة القاهرة عشية الذكرى الـ 42 لحرب حزيران 1967
 
القضايا الجوهرية التي لم يتناولها وتغاضى عنها أوباما
 
جاك خزمو
رئيس تحرير مجلة البيادر
القدس العربية المحتلة
 
الخطاب الذي وجهه الرئيس الأميركي باراك حسين أوباما للعالم الإسلامي من على منبر جامعة القاهرة يوم الرابع من حزيران 2009، أي بعد مرور 42 عاماً بالتمام والكمال على احتلال إسرائيل للأراضي العربية المحتلة في حزيران عام 1967 ، قد يكون جيداً من الناحية العاطفية ومقبولاً من الناحية السياسية، وغير مرضٍ من الناحية الواقعية إذ انه لم يتناول العديد من المسائل الهامة في العالم، وخاصة قضية احتلال أراضي الغير، والحقوق المشروعة للشعوب المقهورة والمظلومة وفي مقدمتها الشعب العربي الفلسطيني إذ أشار فقط إلى التطلعات والأماني المشروعة لشعبنا الفلسطيني من خلال تناوله للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
صحيح أن هذا الصراع هو جوهر الصراع العربي الإسرائيلي، ولكن أوباما لم يشر إلى ضرورة إنهاء إسرائيل لاحتلالها المستمر لعقود لأراضينا العربية المحتلة، أي أنه لم يذكر الجولان العربي السوري المحتل ولا الأراضي المحتلة في الجنوب اللبناني.
وأما حل الدولتين الذي أيده الرئيس أوباما فهو حل قد يكون مقبولاً لو أنه حدد حدود الدولة الفلسطينية، فالدعوة لقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، لا تكفي الشعب الفلسطيني ولا تحقق أمانيه الوطنية والجوهرية إذ إن الجانب الإسرائيلي وبقيادة رئيس وزراء إسرائيل الحالي بنيامين نتنياهو ينظر إلى الدولة الفلسطينية القابلة للحياة على أنها كيان صغير مستقل على غرار دويلة سعد حداد أو انطوان لحد في الجنوب اللبناني، والتي لم تعمّر كثيراً لأنها لم تكن "دولة" بالمعنى الحقيقي لذلك لم يقبل بها اللبنانيون. وكذلك لن يقبل الفلسطينيون إلا بدولة كاملة السيادة على كامل الأرض الفلسطينية المحتلة في الخامس من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس العربية بأكملها وليس القدس الشريف المقصود بها القدس القديمة الواقعة ضمن أسوار القدس.
ولم يشر أوباما إلى ضرورة حل قضية اللاجئين الفلسطينيين، وكذلك لم يشر بتاتاً إلى ضرورة تطبيق قرارات الأمم المتحدة المعروفة حالياً باسم قرارات الشرعية الدولية، مما يعني أنه تغاضى عن هذه القرارات، وأراد تقديم مبادرة جديدة تلتف عليها أو تتغاضى عنها تماماً.
 
من الأمور البديهية والأساسية أن تتوقف إسرائيل عن بناء المستوطنات، وهذا المطلب جيد ويعتبر تغيّراً طفيفاً في السياسة الأميركية إلا أنه لا يكفي، لأنه لا يجوز أن يكون وقف بناء المستوطنات مقابل تنازلات عربية جديدة، ولا يمكن القبول بمنح الشرعية للمستوطنات الإسرائيلية للبقاء على الأراضي العربية سواء في الجولان السوري المحتل أو على أراضي الضفة الغربية، والمطلوب إزالة هذه المستوطنات كاملة وإعادة جميع الأراضي المحتلة لأصحابها الشرعيين.
بلغة عاطفية وبأسلوب خطابي ناجح طالب أوباما بفتح صفحة جديدة في العلاقات الأميركية مع المسلمين أي مع العالم الإسلامي، ولكنه في الواقع لم يتطرق إلى أي من الخطوات الأساسية التي سيخطوها هو أو ادارته لإثبات النوايا الحسنة والصادقة لفتح هذه الصفحة الجديدة.
وقد قال بوضوح" إن التغيير لن يأتي خلال ليلة وضحاها إذ يحتاج الى وقت لبناء أسس العلاقة الجيدة"، ولكن أوباما نفسه لم يعلن عن أساس واحد لهذه العلاقة الجديدة بل برر ما يجري في أفغانستان ، وبقاء الجيش الأميركي في العراق حتى عام 2012، واستخدم كلمات وجمل عاطفية فقط لا تغيّر من الواقع أو الحقيقة شيئاً، ولا حتى توحي بأن تغيراً كبيراً ملموساً قد تحقق أو سيتحقق قريباً وبالفعل في سياسة الإدارة الأميركية.
هناك من يقول أن "تركة" بوش ثقيلة وقد يحتاج أوباما إلى فترة طويلة للتخلص منها، ولكن أوباما لم يعط إشارة واضحة على أنه خطا خطوة واحدة تجاه العالم الاسلامي، فقبل إلقاء كلمته هذه بأسابع جدّد ولعام واحد قانون محاسبة سورية مما يعني أنه حتى الآن يقول شيئاً ويفعل أمراً مغايراً لما يقوله، وكذلك عليه أن يدرك - وهو مدرك ذلك - أن مئات الملايين من أبناء العالم الإسلامي يواجهون الأمرّين نتيجة السياسة الأميركية المعادية لهذه الشعوب وخير مثال على ذلك المعاناة في كل من العراق وأفغانستان والباكستان والصومال، وغيرها من المناطق.
ومن هنا يمكن القول وبكل صراحة أن دعوة أوباما لن تكون جادة إذا لم تقترن بأفعال وإجراءات فعلية على أرض الواقع، لأن الكلام أو الخطابة البليغة أو الحديث المعسول لن يكون أي منها مجدياً إذا لم تلمس الشعوب إجراءات فعلية على أرض الواقع.
قد تكون لدى أوباما النية للتغيير ولكن هل يمتلك القدرة على ذلك أو هل سيسمح له الأميركيون المتعصبون بتحقيق رغباته؟!
وسؤال آخر يطرح نفسه: أليس ما يسعى إلى تحقيقه هو لصالح أميركا؟ ولتمرير مخططاتها بأسلوب الاحتواء والحوار؟ وليس بأسلوب الفرض والاملاءات؟؟.
وفي الختام، وحتى لا نُتهم بالتجني على الرئيس أوباما نقول وبكل وضوح إننا نرحب بكل تغيير جاد يسعى إليه من أجل تحقيق الازدهار في العالم وخاصة مسعاه ودعوته إلى أن يكون العالم كله نظيفاً من السلاح النووي، ولكننا في الوقت نفسه نتساءل: أليس الأجدر به أن يقبل بدعوة سورية التي أطلقتها وقبل سنوات إلى إخلاء منطقة الشرق الأوسط من السلاح النووي المدمر، حتى تكون أولى خطواته الجادة نحو فتح صفحة جديدة من العلاقات مع العالم الإسلامي علماً أن سورية هي جزء مهم ولها مكانتها الكبيرة ولها دورها الفعال في جسد الأمة الاسلامية!

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.