تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

عذراً أوباما... الصورة ما زالت قاتمة

تتأرجح منطقة الشرق الأوسط بين واقع غني بالتعقيدات والصراعات وبين الأمل في إيجاد حلول لبعض المستعصي منها. ففي المنطقة الممتدة من أفغانستان إلى موريتانيا يمكن حصر أزمات بعدد دول المنطقة تقريباً.

وإذا بدأنا من القلب نجد أن الصراع العربي الإسرائيلي يراوح مكانه، لا بل يصبح حله أبعد منالاً، وخاصة بعد صعود اليمين المتطرف في إسرائيل ورفضه لكل الأسس المنطقية التي بدأت وفقا لها عملية التسوية. الضغوط الأميركية على إسرائيل مازالت حتى الآن في إطار الترجي والتمني، وإذا بقيت كذلك فهي على الأرجح لن تدفع إسرائيل إلا إلى مزيد من التصلب والتطرف، بالانتقال إلى مصر - التي يفترض أنها منكبة على رأب الانقسام الفلسطيني الداخلي - نجدها مشغولة هذه الأيام بترتيب عملية انتقال السلطة التي يبدو أنها بدأت بالفعل مع بروز احتمال حل البرلمان وتقريب موعد إجراء الانتخابات الرئاسية المقررة أصلاً في خريف عام 2011.
على المقلب الآخر، يعيش الأردن قلقاً من نوع مختلف حيث يعيد غلاة اليمين في إسرائيل إحياء فكرة الوطن البديل بالتزامن مع طرح فكرة «يهودية إسرائيل»، وتتشارك القاهرة وعمان الاهتمام بطروحات أخذت تتردد أخيراً في الأوساط الغربية - الأوروبية منها والأمريكية - بشأن العودة إلى وضع ما قبل عام 1967 وذلك بإعادة غزة إلى الإدارة المصرية وأجزاء من الضفة الغربية إلى الإدارة الأردنية، حلاً بديلاً لرفض نتنياهو الإقرار بإمكانية إقامة دولة فلسطينية مكتملة ومستقلة.
جار الأردن والعراق، يعيش هو الآخر هموماً مختلفة وإن كانت متصلة ومتداخلة في بعض أوجهها مع جيرانه. فمع حلول موعد خروج القوات الأمريكية من المدن العراقية، تصارع حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي لإثبات قدرتها على السيطرة على الوضع الأمني الذي عاد إلى التدهور مؤخراً.
وبالانتقال شمالاً نجد صراعاً صامتاً يدور في تركيا بين حكومة حزب العدالة والتنمية من جهة وبين بعض الجهات المدنية والعسكرية التي مازالت تتمسك بالقديم وتبدو غير مستعدة للقبول بجديد الديمقراطية الوليدة في البلاد.
إلى الشرق قليلاً تحاول إيران معالجة تداعيات ما بعد الانتخابات الرئاسية وتأثيراتها المحتملة على وضعها الإقليمي وحوارها المتوقع مع الغرب، وخصوصاً مع واشنطن.
في أفغانستان يزداد الوضع الأمني تدهوراً مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات الرئاسية في شهر آب المقبل، حيث يتنامى نفوذ طالبان وسيطرتها على أجزاء واسعة من البلاد.
الرئيس كرزاي الذي يسعى الأميركيون إلى التخلص منه والمجيء ببديل عنه يستجدي طالبان السماح بإجراء الانتخابات ويدعوها إلى المشاركة فيها عسى أن يساعده ذلك في تعبئة قبائل البشتون التي ينحدر منها للفوز بولاية رئاسية جديدة. جارة أفغانستان وباكستان، تعاني هي الأخرى من وضع أمني مترد بسبب المواجهات المستمرة بين حكومة الرئيس آصف زرداري وحركة طالبان باكستان، في الوقت عينه، تزداد المخاوف على مصير سلاح باكستان النووي رغم وضع القيادة المركزية الأمريكية يدها عليه بعد توقيع اتفاقية بهذا الشأن مع المؤسسة العسكرية الباكستانية.
على الطرف الآخر من بحر العرب الذي تطل عليه باكستان، يبدو أن اليمن دخلت هي الأخرى في مرحلة من الاضطرابات لا تقتصر على مواجهة بعض عناصر التمرد في مناطقها الجبلية النائية، بل تمتد لتشمل طرح أسئلة جدية حول مستقبل البلاد خلال المرحلة القادمة.
في جوار اليمن، حيث القرن الإفريقي، تزداد الأوضاع سوءاً في الصومال مع اشتداد الصراع بين حكومة الرئيس شريف شيخ أحمد وقوات المحاكم الإسلامية.
وفي الوقت الذي تحذر فيه واشنطن من انتقال عدد كبير من عناصر القاعدة لمساعدة قوات المحاكم تعود أثيوبيا بدورها إلى التدخل على المقلب الآخر وتعترف واشنطن بإرسال أسلحة ومعونات لحكومة شريف.
الصومال يقودنا إلى السودان الذي مازالت التدخلات الخارجية تنخر جسده، لتنغلق بذلك الدائرة بعودتنا إلى حيث البداية المشكلة الفلسطينية وجوارها.
الرئيس الأمريكي باراك أوباما حاول خلال الأسابيع الماضية وخاصة في خطاب القاهرة أن يرسم صورة أقل سوداوية حيال أوضاع المنطقة وسياساته تجاهها، لكن الواقع يشي بغير ذلك، ربما كان من الأفضل أن تعمد واشنطن إلى التحرك بسرعة لإيجاد حلول لهذه الأزمات بدلاً من محاولة تجميل صورتها، لأنها إذا انفجرت وبشكل متزامن فإن تداعياتها لن تكون بالتأكيد محصورة في المنطقة التي يطلق عليها الغربيون في أدبياتهم اسم قوس الأزمات.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.