تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

ملك المبادرات في دمشق

قبيل لحظات من إقلاع الطائرة المقلّة للوفد الإعلامي المرافق لخادم الحرمين الشريفين في زيارته إلى دمشق، كنت مع بعض الزملاء في الوفد نتبادل الحديث، حول الدور السعودي في المنطقة، وكان التأكيد على أنه بقدر ما تكون المملكة أحد مفاتيح الاستقرار المهمة، بقدر ما تستحوذ تحركاتها وجولاتها على الانتباه وتجعل الأنظار متجهة إليها، وإلى قيادتها.

وخلال الرحلة، التي استغرقت ساعتين تقريباً من الرياض إلى العاصمة السورية، كنا نناقش أثر الزيارة، وكيف كانت كل وسائل الإعلام العربية والغربية، تتلهف إليها معتبرة إياها الحدث الأبرز في المرحلة الراهنة، وكان كثيرون يرون أن اللقاء السعودي السوري، يستطيع إنهاء العديد من الملفات في المنطقة العربية بحسم ووضوح ودون لف أو دوران.. ولن أبالغ إذا قلت، إن كثيراً من المراقبين يرون في مجرد الزيارة إعادة العلاقات إلى مسارها الصحيح والمباشر، انطلاقاً من حرص القيادتين على إزالة جميع الألغام الشائكة بحكمة ورويّة وهدوء.
كانت المشاعر تفيض بأشياء عديدة، تستعيد دائماً المحور الثلاثي الأهم في العالم العربي، والذي يربط بين الرياض والقاهرة ودمشق، والذي يجعل من البلدان الثلاثة حزمة متكاملة لا غنى عنها، سواء في الحرب أو في السلم، في المطار حيث حطت الطائرة، كانت العيون ترقبنا بشغف، وتتطلع إلينا في شوق لا يخفى على أحد، رأيت ملامح ومشاعر الترحيب التي تفوق الاصطناع، وأحسست وأنا في الطريق إلى الفندق، بشعور غامر لا أستطيع وصفه.
فالمليك الذي يقود وطناً وأمة، بخطوته تلك إلى سورية الشقيقة، إنما يدشن ما بدأه قبل أشهر، ويؤسس لدعوته التصالحية الشهيرة التي أطلقها في قمة الكويت قبل أشهر، ويعيد الاعتبار لمسيرة العمل العربي المشترك، والتي تتجاوز عقدة الجغرافيا، لتستلهم من التاريخ أساساً صريحاً للم شمل هذه الأمة. وقد كانت كلمته المدوية في القمة، وإعلانه بانتهاء أي خلاف سعودي مع أي دولة أخرى، إيذاناً بمرحلة جديدة يقودها ملك المبادرات والمصالحات والمصارحات.
الجميع في دمشق، من أكبر مسؤول التقيناه، وحتى سائق التاكسي البسيط في شوارع دمشق، كان يعبر لنا عن فرحه بزيارة المليك، وأمله في أن تكون مقدمة للخير، والجميع في دمشق، كما في كل جولاتنا السابقة، في أي عاصمة عربية، يتحدث عن المملكة بحب وتقدير كبيرين، حتى الناس العاديون، كانوا يتفاخرون بإعلان امتنانهم لهذا الرجل، عبد الله بن عبد العزيز، الذي استطاع أن يقلب العلاقات العربية رأسا على عقب نحو مضمون جديد للإخاء والشراكة والتعاضد والتوافق، لذا استحوذ على قلوب الجميع، بفروسيته ونبله وأصالته.. حتى استحق لقب ملك القلوب بكل جدارة واستحقاق
 

*- محمد الوعيل رئيس تحرير صحيفة اليوم السعودية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.