تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

العلاقات اللبنانية- السورية : وجهة نظر أخوية

 منذ زمن طويل لم تتم مناقشة العلاقات السورية اللبنانية "رسمياً" بالشكل الذي تمت خلاله في الفترة الأخيرة. وإذا ما استمر الأمر على ما هو عليه، ونتوقع أن يستمر، فإننا نعتقد أنها ستتحول إلى نموذج يمكن أن يحتذى في  العلاقات العربية ـ العربية .

ولكن ذلك لا يمنع برأينا  من التنبيه إلى بعض المطبات التي قد تعترض تطوير وتنقية هذه العلاقات، وأهمها "بعض" الأطراف اللبنانية ممن يسعى الى استغلال الظروف الجديدة للمزايدة في مجال العلاقات بين البلدين. خاصة اولئك الذين يعتقدون -أو بالاحرى يقدمون أنفسهم -على أنهم محسوبون على سورية والذين يتحدثون باسمها ونيابة عنها في صالونات الثرثرة اللبنانية المعروفة وهمهم كما بات معروفا  تحقيق أغراض خاصة بهم ولاعلاقة لهم بسورية أو بتطوير العلاقات بين البلدين الشقيقين . وهؤلاء فئة تترك ضرراً كبيراً وخطرها داهم أينما ومتى وجدت، لأن سورية براء منهم وهي تملك  القدرة على  ان تقدم نفسها وسياستها أمام اللبنانيين بعيدا عن هذه الفئة وادعاءا تها .
أما الفئة الاخرى ، فتشمل المعارضين "مداورة" للعلاقات السورية اللبنانية الجيدة، أو المميزة. وخطر هؤلاء أنهم لا يعلنون صراحة أنهم ضد هذه العلاقات، ولكنهم يتبنون سياسات عملية وإعلامية ويدلون بتصريحات ويقومون بأفعال تقود إلى توتير هذه العلاقات وزعزعتها.
وفي هذا السياق نجد بعض وسائل الإعلام اللبنانية مازالت تتحدث بلهجة تحريضية- وربما عدائية- ضد سورية. ومن يقرأ تعليقات ومقالات بعض الإعلاميين اللبنانيين في بعض الصحف والمواقع الإلكترونية، مثلاً، يلاحظ أنها نادراً ما تتناول أو تهاجم عدو لبنان وسورية وكل العرب  اسرائيل  أو حتى تذكرها، ولكنها بالمقابل، تتناول سورية والسياسة السورية وتحملها مسؤولية كل شيء يجري في لبنان من أصغر الأمور إلى أكبرها . ويشككون بكل شيء يتعلق  بسورية عبر الغمز واللمز، رغم أنه ثبت خلال الحقبة القصيرة الماضية أن الكثير الكثير من الاتهامات التي كالها هؤلاء  إلى دمشق لم تكن صحيحة مطلقاً وكانت ضمن حملات تحريضية منسقة على سورية.
أمرٌ آخر نود أن نلفت الانتباه إليه وهو أنه يمكن  لقادة الأحزاب والتنظيمات وزعماء الطوائف اللبنانية التوجه إلى دولتهم ومخاطبتها، ممثلة برئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء اللبنانيين عند وجود مطالب يرغبون  بتحقيقها  في العلاقات السورية اللبنانية أو اعتراضهم على أمور معينة، بدلا عن الطلب من سورية أو التهجم عليها. وذلك لأمر بسيط وهو أن حكومتهم هي المسؤولة أمامهم عن التعاطي مع نظيرتها السورية، إضافة إلى أن الحكومة السورية لن تستجيب ولا يمكنها أن تستجيب إلا إلى الجانب الرسمي اللبناني لان المطلب الاساس لبعض هؤلاء كان دائما ان تكون العلاقات بين البلدين على المستوى الرسمي . ونلفت هنا إلى أن الحكومة السورية لم تتبلغ رسمياً من الجانب اللبناني الرسمي بالكثير مما كان يُطرح في الإعلام اللبناني خلال السنوات الماضية مما اعتبروه قضايا خلافية مع سورية. ولذلك فلا يخدم العلاقات السورية اللبنانية القفزُ فوق حقائق الأمور والتعمية عليها، وتمويه المسؤوليات، مع ملاحظة أن سورية الرسمية هي من يتعامل مع لبنان ولم نسمع آراءا متعارضة في سورية حول لبنان.
لقد أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم قبل أيام، ومن على منبر مجلس الشعب السوري "البرلمان"، أن زيارتَّي الرئيس ميشال سليمان والرئيس سعد الحريري إلى سورية شكلتا "قاعدة مميزة لعلاقات متينة تحترم مصالح الشعبين الشقيقين". وبرأينا فان حماية هذه العلاقات لا يتوقف على الجانب السوري فقط، بل على الجانب اللبناني أيضاً الرسمي والشعبي وقيادات الأحزاب والتنظيمات وقادة الطوائف اللبنانية.
في كلامه أكد الوزير المعلم أن العلاقة المميزة والإستراتيجية مع تركيا، ستشكل نواة لتضم في المستقبل القريب لبنان والأردن والعراق، وبالتالي "صنع الشرق الأوسط الجديد بأيدي أبناء المنطقة". وتناغم معه رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري عندما رأى قبل أيام أن ترسيم الحدود بين لبنان وسورية ليس لإقامة جدار عازل بين البلدين.
وفي هذا الصدد، فإنه من غير المنطقي أنه في حين يتم إلغاء سمات الدخول بين سورية وتركيا والأردن وتركيا، ويتم تشكيل مجلس أعلى سوري تركي أن لا يستوعب بعض اللبنانيين التطورات الحاصلة وسياسة الانفتاح التي تنتهجها سورية وتركيا "والتي تؤسس لشرق أوسط جديد"، وأن لا يتفاعلوا معها بعقلية منفتحة تلاحظ النصف الملآن من الكأس وتحاول ملء النصف الآخر وتعمل على تحقيق مصالح الشعب اللبناني بعيداً عن المصالح الفئوية الضيقة والمغلقة.
والجميع أصبح يعلم ، أن التعامل السوري مع لبنان لن يعود إلى حقبة السنوات السابقة التي كان لها ظروفها ولن تتكرر، سواء تمنى البعض عودتها أو رفض البعض الآخر ذلك.
اننا نعتقد أن العلاقات السورية اللبنانية وضعت على السكة الصحيحة وأن الاستمرار في تطويرها مسؤولية الجانبين معاً وهي تخدم الشعبين والبلدين وتساهم في استقرار المنطقة وتقوية الموقف العربي في وجه التحديات المختلفة. وهناك فرصة جيِّدة وجديّة لترجمة النتائج والتفاهمات والتصوّر المشترك الذي وضعه الرئيس الأسد مع الرئيس سليمان  ورئيس الوزراء الحريري.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.