تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

العلاقات السورية الأميركية: الصورة ليست وردية تماماً

شهدت الأسابيع الأخيرة من العام الماضي كما أسابيع هذا الشهر وفوداً أميركية من الكونغرس ومن الإدارة زارت سورية، لغايات مرتبطة بالعلاقات الثنائية وعملية السلام ومناقشة التغيرات الأخيرة في المنطقة.

وبينما لا تزال صورة العلاقات الأميركية السورية بعيدة عن «الوردية» يلاحظ متابعون أن هذه العلاقات تحركت نسبياً للأمام، ولكن دون تسجيل انعطافات.
إلا أن اللافت هو بقاء القضايا المركزية بين الطرفين في حالة مراوحة، وذلك مع تبدل طفيف في التعاطي الحذر، حيث يتبادل المسؤولون على مستويات محددة وجهات النظر تجاه القضايا المختلفة» على الرغم من الاختلافات العميقة التي بين الطرفين. إلا أن التقدم على هذا المستوى لا يسايره تقدم على مستويات أخرى. ويبدو استثنائيا على هذه الأجواء عودة الحديث بقوة عن حزب اللـه وتسلحه المتزايد بعد حرب 2006 وذلك وفق قراءة غربية تنسجم إلى حد كبير مع ما تقوله الصحافة الإسرائيلية، وما يطلقه مسؤولون إسرائيليون من احتمالات تصعيد مقبلة بين إسرائيل والحزب. وتنطلق التحليلات الإسرائيلية من أن إسرائيل قد لا تمرر قضية تسلح حزب اللـه مجدداً على حدودها بعد تجربة 2006، وفيما يبدو كأنه تحذير من عودة الأمور نحو الوراء تبقى الحجة الأميركية هنا على مستوى محدد يتمثل في أن الحزب» ميليشيا تتسلح خارج إرادة الدولة اللبنانية ويشكل تسلحه مصدر قلق لإسرائيل». لكن هل يعني هذا أن إسرائيل تحضر لعدوان جديد؟
ليس هنالك من هو قادر على استقراء موعد محدد وفقا لهذه القراءة، إلا أن ثمة مخاوف تبدو في هذا السياق، وهي مخاوف تنسجم مع كلام يصدر في إسرائيل، وينقله مبعوثون أميركيون لسورية ولبنان. والحجة المقابلة هنا أن حزب اللـه حزب لبناني مقاوم سبق له أن حرر أرضاً مغتصبة ويتمتع بشعبية كبيرة في لبنان، تساند مهمته في تحرير مزيد من الأراضي اللبنانية المحتلة. وذلك مع الإشارة ضمنيا أن تزايد قوة حزب اللـه تعني فيما تعنيه قوة ردع قد تكون عاملا في منع تصعيد إضافي من قبل إسرائيل في الفترة القادمة.
ولافت في هذا السياق أن إشارات التصعيد هذه، تتقاطع مع رغبة الولايات المتحدة الأميركية في تحقيق سلام في الشرق الأوسط وفقا لتصريحات الإدارة ومسؤوليها وآخرهم المبعوث الرئاسي للشرق الأوسط جورج ميتشل. وهنا ثمة قراءة غربية تقوم على عوامل رئيسية أولها أن ميتشل لم يزر سورية مؤخراً إلا ليؤكد رغبته ورغبة إدارة بلاده في مواصلة الجهود نحو تحقيق السلام.
حيث يتكرر على لسان المبعوث الأميركي، من أنه طوال فترة وساطته الشهيرة على «الجبهة الإيرلندية «كان يسمع كل يوم كلاماً عن إخفاق مهمته، مشيراً أن هذا لم يثنه عن تحقيق السلام في إيرلندا وأن هذه الطبيعة ذاتها هي التي تتحكم بمهمته في الشرق الأوسط، كما ينفي أي رغبة في الاستقالة.
ثانياً، يبدو ميتشل متحمسا للدور التركي، وفي هذا توافق مع سورية، كما يشجع عليه على اعتبار ما تحقق في المفاوضات غير المباشرة، إلا أنه يترك للطرفين قبول الوسيط التركي أو رفضه (رغم مساع له تردد ذكرها لتحسين الموقف بين الجانبين التركي والسوري).
بينما يقوم مساعده فريدريك هوف بمتابعة هذا الملف مع الخارجية السورية.
ثالثاً، لا تسعى الولايات المتحدة لحصر جهدها في مسار واحد ولا ترفض تعدد المسارات وعملها بالتوازي، إلا أن الواضح راهنا هو جمود المسارات جميعها.
أما على مستويات أخرى، فلا تزال العقوبات الأميركية حاضرة التأثير نفسياً ومادياً على العلاقات الثنائية، وذلك دون أي مؤشرات على قرب قيام الكونغرس بمناقشتها، وهو ما يترك دمشق تنظر إلى العلاقة مع واشنطن بعين مريبة، والحجة المعاكسة أن الاختلافات العميقة التي تكونت عبر سنوات لا يمكن تخطيها بسرعة، وإن كانت التمنيات موجودة لذلك، وهذا من منطلق أن تطبيق سياسة الانخراط أصعب من تطبيق سياسة العزل وتتطلب عملاً ومجهوداً من الجانبين.
أما على الصعيد العراقي وهو أهم جوانب العلاقة بين الطرفين، وأكثرها رؤية مشتركة، فيبقى تحريك هذا الملف متروكاً لما بعد الانتخابات، بما يعنيه ذلك من تعاون مشترك مع الجانبين العراقي والأميركي على ضبط الحدود، وتشجيع العملية السياسية في العراق ودعم استقراره.
 
 
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.