تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الفضائيات العربية... ومواجهة التهويل القانوني

 

ما زالت المعركة مستعرة لـ «كي الوعي» لدى الشعوب العربية من قبل العدو الصهيوني والقوى الداعمة له مستمرة ومتصاعدة ومن آخر فصولها محاولة فرض قانون أمريكي يعتبر أي مشغل للأقمار الصناعية يبث إرسال المحطات التلفزيونية التي تصنفها الإدارة الأمريكية «جهات إرهابية» وعلى رأسها «قناة المنار» و«قناة الأقصى».. وغيرهما داعمين بدورهم للإرهاب وتقع عليهم تبعات قانونية، كما تعتبر الدولة التي يتبع لها هذا المشغل دولة راعية للإرهاب مما يوقعها تحت طائلة العقوبات الأمريكية عليها.
في حال إقرار هذا القانون الذي تم تحضيره من قبل «معهد الإعلام في الشرق الأوسط» وهي مؤسسة تابعة للوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، فإنه سيشكل سلاح تهويل وترهيب خطير تجاه الإعلام العربي بشكل عام والفضائيات العربية بشكل خاص، فما أن يصدر أي رأي مخالف أو معارض أو ممانع أو مقاوم للمشاريع الصهيونية في المنطقة من أي محطة فضائية حتى تنطلق جوقة الاتهام بدعم الإرهاب والمطالبة بتطبيق القانون الأمريكي الجديد على هذه المحطة ومن يبثها عبر الأقمار الصناعية.
إن هذا القانون يقمع حرية الرأي والتعبير بما يتعارض مع وثيقة حقوق الإنسان العالمية، ومن وجهة نظر دستورية أمريكية فهو يخالف نص وروح الدستور الأمريكي وتعديلاته، وبخاصة التعديل الأول للدستور الذي يمنع الكونغرس الأمريكي من سن أي قانون من شأنه أن يعطل حرية الصحافة والرأي والتعبير في الولايات المتحدة الأمريكية.
كما يعتبر هذا القانون تدخلاً سافراً واعتداءاً على السيادة الوطنية للدول المستقلة، عبر التهديد بفرض عقوبات على أي دولة لا تتبع سياسة إعلامية مدجنة ومتوافقة مع وجهة النظر الأمريكية والصهيونية.
وقد كان موضوع مشروع القانون هذا من أهم بنود جدول أعمال اللجنة الدائمة للإعلام العربي في دورتها الخامسة والثمانين في مقر الجامعة العربية التي عقدت يوم الأربعاء 20-1-2010 في القاهرة، والتي ناقشت بالإضافة إلى جدول أعمالها قضايا عربية أهمها:
  • إنشاء مفوضية للإعلام العربي تكون مهمتها دعم العمل العربي المشترك ووضع الخطط لدعم الصمود الفلسطيني.
  • مناقشة أعمال الخطة الموضوعة سابقاً لدعم صمود أهلنا في القدس المحتلة عبر إنتاج برامج تلفزيونية عن القدس المحتلة وتنظيم حملة تبرع للقدس.
  • وضع استراتيجية إعلامية عربية مشتركة لمواجهة «ظاهرة الإرهاب والعمل على تصحيح صورة العرب والمسلمين (النمطية) أمام الرأي العام الدولي» سيما بعد أحداث 11-9-2001.
  • اختيار موضوع الإعلام المذهبي والطائفي على حاضر الأمة العربية ومستقبلها كمحور فكري للدورة العادية الثالثة والأربعين لمجلس الوزراء العرب الذي ستعقد في حزيران المقبل.
إن مشروع هذا القانون الأمريكي والأخطار التي يثيرها إقراره على الإعلام العربي إنما تطرح العديد من الملفات التي أصبح من الضروري مناقشتها بشكل جدي وعاجل:
1- التفريق بين المقاومة والإرهاب: إن الإرهاب مرفوض بجميع أشكاله، لكن المقاومة هي حق وواجب وطني على كل شعب تقع أرضه تحت الاحتلال، ومن ضمن هذه الصيغة البسيطة يمكن للإعلام العربي أن يضع ضمن القواعد الأخلاقية للعمل الإعلامي بند يؤكد على الابتعاد لكل ما يروج ويرفع من شأن الإرهاب، والتركيز على الدعوة لاحتضان المقاومة وتأكيد أنها حق مشروع للشعوب للحصول على حريتها.
2- إن الإعلام العربي الملتزم بقضايا شعبه ووطنه يتعرض اليوم إلى هجمة شرسة والمثال على ذلك قناة المنار اللبنانية التي تحارب منذ سنوات عدة محاولات اسكاتها سواء عن طريق التشريعات الظالمة أو عن طريق الاعتداء المباشر من قبل العدو الصهيوني كما حصل صيف عام 2006 وعلى المراكز الإعلامية في غزة أبان عدوان 2009، ولا بد من التركيز على أن الاختلاف بالرأي أو التوجهات بين المحطات العربية لا يمنع من التضامن فيما بينها لمواجهة مشتركة ضد مثل هذه المحاولات.
3- إن مثل هذا المشروع يحاول الاستفادة والـ «ابتزاز» للحصول على دعم مستخدماً ما يبث في (بعض) القنوات العربية من ابتذال وتشويه لبعض جوانب تاريخنا العربي ودعم وترويج لدعوات مذهبية تكفيرية ضيقة، متعصبة، ترفض الآخر وتكفره وتدعو إلى إلغاءه، وإذا كان هذا النوع من الخطاب الإعلامي مرفوضاً لجهة الدفاع عن التعددية الثقافية والدينية والمذهبية والإثنية والنسيج المميز لشعوبنا في المنطقة، فإنه اليوم أصبح سلاحاً في يد الأعداء يستخدم لطعن الإعلام الوطني العربي الحر، مما يجعل خطره مضاعفاً.
وفي الختام نأمل ونسعى أن تكون قنواتنا الفضائية العربية: وطنية، شفافة، صادقة، تعزز الانتماء وتحارب الجهل والأمية والغيبية وتسعى للعب دورها في تحفيز النمو الشامل في جميع المجالات (الصحة والتعليم وضمان الشيخوخة والعيش الكريم)، كما تدعو إلى تكامل الحضارات وتبادل الثقافات وقبول الآخر بمودة ومحبة.
فضائيات عربية.. تبرز دورنا العربي والإسلامي عبر التاريخ في العطاء ورفد الحضارة العالمية وفي استمرارنا في التفاعل الحضاري والثقافي والرياضي لتقديم الصورة الناصعة، النقية، لبلادنا وشعوبنا وهم يسعون لرفد الإنسانية بكل معاني العدل والحق والخير والتقدم والنماء.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.