تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

على أوباما إعلان سبب فشله بكل جرأة وصراحة وشفافية

 

بقلم: جاك خزمو رئيس تحرير مجلة البيادر المقدسية

 

أدلى الرئيس الاميركي باراك اوباما بأكثر من تصريح وفي أكثر من مكان بمناسبة مرور عام على توليه منصب رئاسة الولايات المتحدة اعترف فيها بأنه أساء التقدير، وبالغ في التوقعات، وانه فشل في تحقيق سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط، وفشل أيضاً في احياء المفاوضات بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني، وعزا أسباب هذا الفشل الى تمسك الأطراف بمواقفها، كما أن تعقيدات الحكم في اسرائيل وخاصة تعقيدات الائتلاف الحكومي الحالي عرقلت هذه المساعي..

لم يكن اوباما شفافاً في كشف أسباب الفشل في منطقة الشرق الأوسط، ولم يكن جريئاً في سردها للشعب الاميركي عبر ممثليه في الكونغرس، ولم يعط الاسباب الحقيقية بل عزا الفشل الى تعقيدات الوضع في منطقة الشرق الأوسط..

وهنا لا بدّ من القول وبكل جرأة ان اوباما لم يفِ بما وعد، ولم يحقق شيئاً مما وعد في تحقيقه، لأنه أثبت حتى الآن انه رئيس ضعيف يسعى الى مكاسب ذاتية له ولحزبه، وغير معني بقول الحقيقة ولو كان ذلك على حساب مستقبله. وتأكد لنا أيضاً – وكما توقعنا – أن يكون الرئيس نفسه مقيداً وغير قادر على اتخاذ أي قرار شجاع وواقعي لأن اللوبي الصهيوني في اميركا يعمل بكل فاعلية، ويقف له بالمرصاد، واجبره على مسايرة ومداهنة اسرائيل تماما كما فعل الرؤساء الاميركان من قبله.

 

ليس المطلوب من اوباما أن يعلن الحرب على اسرائيل، وليس المطلوب منه أن يصطدم معها ولو سياسياً، بل كل ما نطلبه منه أن يكون شجاعاً في قول الحقيقة لشعبه قبل أي شعب آخر، وان يكشف أسباب إنحسار وضعف الدور الاميركي الخارجي بشكل عام، وفي منطقة الشرق الاوسط بشكل خاص، وألا يخاف من كشف هذه الاسباب حتى يعرف الشعب الاميركي حقيقة الوضع، ويعرف أنه مضلل، وانه تحت تأثير نفوذ صهيوني يسيّر المصالح الاميركية ويسيطر عليها وبكل حرية ومن دون أي رادع أو كابح.

 

نطلب منه أن يقول ان اسرائيل هي فوق القانون الدولي، ولذلك فهي لا تحترم القوانين الدولية ولا قرارات الشرعية، وانها حليفة اميركا المدللة جداً واكثر من اللازم إذ تحصل على ما تريده، وبكل سهولة، وفي الوقت نفسه لا تصغي الى متطلبات المصلحة الاميركية، ولا تحرص على هذه المصالح في منطقة الشرق الأوسط، وهي لا تصغي الى أي طلب اميركي بل ترفضه وبكل وقاحة من دون أي رد فعل من الجانب الاميركي.. فهي رفضت تجميد البناء في المستوطنات، واجبرت الرئيس اوباما التراجع عن هذا المطلب، وهذا التراجع بحد ذاته إشارة واضحة المعالم الى كل الاصدقاء والاعداء للادارة الاميركية بأن الرئيس الاميركي الحالي اوباما ضعيف أمام اسرائيل، ولا يستطيع أن يحقق مطلباً واحداً ومنطقياً من اسرائيل..

 

ورطت اسرائيل الادارة الاميركية في الحرب على العراق، وها هي اميركا تغوص في مستنقع من الصعب الخروج منه بسهولة، وها هي تورطت في أفغانستان، وتلقى فشلاً ذريعاً في تعاملها مع الملفات الدولية العالقة سواء مع كوريا الشمالية أو ايران، وها هي اسرائيل تحاول توريط اميركا في حرب جديدة مع ايران، وتقوم بأعمال بهلوانية استعراضية من تصفية لقيادات المقاومة الفلسطينية أو إطلاق التهديدات العسكرية لتعرّض كل الشرق الأوسط لاتون حرب شاملة ومدمرة وكارثية، كما تعرض اميركا لتورط جديد قد يكون ثمنه أكبر مما تصوره أو تتوقعه اسرائيل أو الإدارة الاميركية.

 

على أوباما وبالمختصر المفيد أن يقول للشعب الاميركي أن الحليفة المدللة لاميركا متمردة، وهي التي تعرقل مساعي السلام، وهي التي تعرض الشرق الأوسط كله لاخطار جمة كبيرة، وعليه القول أيضاً ان الدعم الاميركي المطلق والأعمى واللامتناهي لاسرائيل هو سبب توتر أو فتور العلاقات الاميركية مع العديد من دول العالم وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، وان الدول الصديقة والمعتدلة تجد الحرج الكبير جراء دعم اميركا لتصرفات اسرائيلية "حمقاء" ضد الشعب الفلسطيني، ودعم اميركا لسياسة اسرائيل المتعنتة الرافضة لكل قرارات الشرعية الدولية..

 

إذا سمع الشعب الاميركي الحقيقة، فإنه سيقف إلى جانب قائده ورئيسه، وإذا كانت العلاقة مع الشعب واضحة فإن الرئيس يكسب لا يخسر.. ويستطيع أن يحاصر من يحاولون تقييده.

 

إن أمن اسرائيل مهم لاميركا، ولكن يجب ألا يكون ذلك على حساب أمن الشعوب الأخرى في منطقة الشرق الأوسط، أو على حساب المصالح الاميركية.. ويجب توفير ودعم الأمن لكل الشعوب وليس للشعب الاسرائيلي فقط، ويجب على اميركا أن تكون داعمة للعدالة وأمن كل الشعوب في العالم، والا تدعم الظلم، من أجل عيون اسرائيل..

 

لقد حان الوقت لكي يخرج رئيس اميركي شجاع ليقول الحقيقة لشعبه وهو في سدة الحكم، وكم من رئيس امتلك الشجاعة، ولكن وللأسف، بعد أن أنهى ولاية حكمه، وخير مثال على ذلك الرئيس الاميركي جيمي كارتر الذي يعرف الحقيقة ويقول الكلمة الصادقة ولكن بعد أن خرج من البيت الأبيض.

 

حان الوقت كي يظهر رئيس أميركي شجاع لا يأبه بمصالحه الذاتية، بل بمصالح وطنه وشعبه ويقول لاسرائيل كفى تمرداً وعصياناً على القرارات والقوانين والمواثيق الدولية..

 

هل يكون اوباما ذاك الرئيس الاميركي المنتظر الشجاع الذي يضع مصالح اميركا فوق مصالح اسرائيل، ومصالح السلم الدولي فوق مصلحة أعداء هذا السلم..

لا نبني آمالاً كبيرة على ذلك، ولكن أمام أوباما فرصة ذهبية كي يدخل التاريخ من أوسع أبوابه، ويكون قد حصل على جائزة نوبل للسلام بكل جدارة.             

 

 
 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.