تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

معالجة السكن العشوائي.. بين المتوالية الحسابية والهندسية

 

محطة أخبار سورية

تعاني أغلب المدن السورية من انتشار مناطق السكن العشوائي التي يتجاوز عددها 130 منطقة.

 

وفي ظل تشريعات يغيب عنها المنطق الاقتصادي وغياب سياسات إسكان اجتماعي مع آليات استهداف واضحة لهذا الإسكان، فإن مناطق السكن العشوائي ستبقى تنمو بمتوالية هندسية بينما التقدم في حل مشكلة الإسكان سيبقى يسير بسرعة متوالية حسابية.

 

هناك حاجة واضحة لإعادة النظر في التشريعات الناظمة لقطاع الإسكان ومن أهمها تلك المتعلقة بإسكان المنذرين بالهدم والسكن الشعبي، بعض الإحصائيات تشير إلى أن عدد مساكن مناطق السكن العشوائي يتجاوز مليون مسكن، وإذا كانت قيمة المسكن الشعبي البديل مليون ليرة وسطياً فإننا بحاجة إلى 1000 مليار ليرة سورية لحل مشكلة السكن العشوائي وذلك دون حسب قيمة الأموال اللازمة لتغطية النمو في هذا السكن أثناء تنفيذ أي برنامج وطني للتعامل معه، وهذه المشكلة باتت تهدد توسع مدننا الرئيسية وأي عملية تخطيط إقليمي وحتى تطول خطط الحكومة بشكل عام.

 

محافظة دمشق تواجه مشاكل في توفير الأراضي اللازمة لتنفيذ مشروع لإقامة مدارس جديدة في وقت باتت أغلبية المدارس تستقبل التلاميذ في دورتين صباحية ومسائية، وبحسب المحافظة فإن إقامة هذه المدارس يواجه مشكلة توفر الأراضي التي تتواجد فيها إشغالات كبيرة تحتاج لتوفير السكن البديل، وحسب المحافظة ليست المشكلة في الأموال، فالكلفة التقديرية لهذا المشروع هي مليار و600 مليون وهي خصصت لها الاعتمادات اللازمة.

 

لكن المشكلة تكمن في عوامل أخرى، أهمها تأمين الأراضي للوحدات المدرسية الجديدة، وهذه الأراضي يتم تأمينها عادة عن طريق الاستملاك الذي تقوم بها الوحدات الإدارية، ولكن في كثير من الأحيان تقع المدارس على أراض تحتوي إشغالات كبيرة، وهذا يجعل المحافظة تواجه المشكلة الثانية المتمثلة في كيفية تأمين السكن البديل للناس الذين سيتم استملاك أراضيهم، والسكن البديل عادة يتم تأمينه في مناطق السكن الشعبي، وهنا تظهر المشكلة الثالثة فليست جميع المخططات التنظيمية تلحظ موضوع السكن الشعبي، فلا يظهر بالضبط في المخططات التنظيمية أين هي مناطق السكن الشعبي التي ستقام عليها مناطق السكن البديل، كما أن المخططات التنظيمية تضم مدارس على أرض زراعية، وهذه هي المشكلة الأكبر فكيف يتم قطع الأشجار لبناء المدارس وكيف يمكن المحافظة على المناطق المشجرة ويتم تجاهل المخططات التنظيمية التي تحتوي ضمنها المدارس، ما يشكل معوقا أساسيا في تنفيذ الاستملاك، إضافة إلى الضغط السكاني الكبير الموجود في محيط دمشق، والذي ساهم في خلق مناطق سكن عشوائي خالية من المدارس، ما يشكل ضغطاً كبيراً على المدارس القريبة من مناطق السكن العشوائي وهذه الظاهرة واضحة في جنوب دمشق.

 

يحتاج حل مشكلة السكن العشوائي إلى برنامج وطني يشمل إطاراً تشريعياً مناسباً يراعي الجوانب الاقتصادية والاجتماعية على السواء وتعاوناً بين الدولة ممثلة بالمؤسسات المعنية بقطاع الإسكان والتعمير وجهات القطاع الخاص المحلي والعربي والأجنبي بالإضافة إلى القطاع المالي.

 

وكمثال على مدى فعالية دور الدولة يكفي أن نرى ما حققته المؤسسة العامة للإسكان من نجاح في إحدى مناطق السكن العشوائي في مدينة حلب.. لكن حل مناطق السكن العشوائي في حجمها الحالي قضية ابعد من قدرة جهة واحدة على الحل، إنه يتطلب تعاون جميع الجهات المعنية بدون استثناء، وإلا بقي نمو السكن العشوائي وفق متوالية هندسية بينما تتم كافة المعالجات وفق متوالية حسابية.

عبد القادر حصرية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.