تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الزمن ليس لصالح إسرائيل وكفة القوة العسكرية تميل للعرب..

 

 

 
 
 
في أوائل السبعينات من القرن المنصرم كانت اسرائيل تصر على التمسك بحدود آمنة، ولذلك كانت تدعي وتقول أن نهر الأردن هو حدودها الشرقية ولا يمكن التنازل عنه، كما ان قناة السويس هي حدودها الغربية.
لكن هذه النظرية، نظرية الحدود الآمنة، سقطت مرتين، الأولى في حرب تشرين/اكتوبر عام 1973 عندما استطاع الجيش المصري إقتحام خط بارليف المحصن، والثانية عندما أطلق الرئيس العراقي الشهيد صدام حسين في عام 1991 أربعين صاروخاً تجاه اسرائيل، ولم تؤدِ إلى خسائر كبيرة، ولم تكن ذات فاعلية عسكرية، ولكنها أكدت أن نظرية الحدود الآمنة وهم من الأوهام الاسرائيلية لإبقاء إحتلالها للأراضي العربية المحتلة منذ حزيران 1967.
وكانت اسرائيل تظن وباستمرار أن ميزان القوى سيكون لصالحها، ولن يستطيع العرب تحقيق توازن استراتيجي أو عسكري. وكان الرئيس الخالد حافظ الاسد من أصحاب نظرية ضرورة تحقيق توازن عسكري... وكان الاسرائيليون لا يصدقون أن هذا قد يحدث في يوم من الأيام لان الادارة الاميركية - مهما كان شكلها وتركيبها – لن تسمح بالمس بهذا التوازن، وستبقيه وللأبد لصالح اسرائيل.
ولكن نظرية وأمنيات وتوقعات الرئيس الأسد تحققت إذ أن التوازن العسكري قد تحقق عبر القوة الصاروخية للعديد من الدول العربية بما فيها سورية، حتى ان مقاومي حزب الله في الجنوب اللبناني حققوا توازناً في الرعب، وكذلك توازناً عسكرياً عندما لم تستطع كل القوة الجوية الاسرائيلية وما تمتلكه من طائرات قاذفة ومقاتلة متطورة جداً، من وقف اطلاق الصواريخ على الداخل الاسرائيلي. وها هي اسرائيل تحسب ألف حساب لهذه الصواريخ التي تمتلكها دولنا العربية.
قادة اسرائيل رفضوا رفضاً تاماً في الستينات من القرن الماضي الاعتراف بوجود شعب فلسطيني، وادعوا أن لا وجود له، ولكن الأيام والسنوات تمر ليعترف هؤلاء بوجود هذا الشعب وبالاعتراف بقيادته، منظمة التحرير الفلسطينية، وتوقيع اتفاقيات أوسلو معها... وكان هؤلاء القادة يرفضون إقامة دولة فلسطينية، ويقولون لا دولة بين الأردن واسرائيل، وها هم يعتبرون اقامة الدولة "الهزيلة" و"الضعيفة" مطلباً استراتيجياً مهماً للتخلص من المشكلة الديمغرافية.
من كل ما ذكر سابقاً يمكن القول لا بل الاستنتاج أن الرؤية الاسرائيلية تجاه المستقبل غير ثاقبة إن لم تكن فاشلة، وان القادة الاسرائيليين ارتكبوا أخطاء استراتيجية عديدة، وما زالوا يعيشون الماضي، ولا يدركون التغيرات في المنطقة، ولا التغيرات في العالم، وان استمرار سياستهم سيؤدي بالطبع إلى وضع اسرائيل في دائرة الخطر.. والأنكى أن من يحكم اسرائيل الآن هم المتطرفون الغلاة الذين لا يرون إلا مصالحهم الشخصية، ولا يأبهون لمصير دولتهم، ويظنون أنهم ما زالوا أقوياء، ولا يرون الأزمة الحقيقية التي تعيشها اسرائيل حالياً، إذ أنها غير قادرة على تحقيق السلام، لأن رغبة الحكومة الحالية في تحقيق ذلك غير متوفرة، وهي غائبة، وكذلك غير قادرة على شن حرب خاطفة وحاسمة خلال ايام، فقد تبدأ اسرائيل الحرب، ولكن لا تستطيع أن تحدد وقت نهايتها.
الزمن ليس لصالح اسرائيل، ونظرياتها الأمنية السابقة ولّت ومن دون أية رجعة، وما تمارسه من استيطان وضم أماكن مقدسة لتراثها اليهودي لن يخدمها، بل بالعكس سيدخلها في متاهة الصراعات الدينية الخطيرة.
لا يوجد في اسرائيل قادة حقيقيون يغلّبون المصلحة العامة على مصالحهم الشخصية، ويستطيعون قراءة الوضع والمتغيرات بصورة أفضل وبأسلوب واقعي هادىء بعيداً عن الانفعالات الخادعة.. واللقاء الثلاثي الذي جمع الرئيس بشار الأسد والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، وأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله يجب أن يقرأوه جيداً ويفهموه ويستوعبوه، ويدركوا أن الوضع الآن ليس لصالح اسرائيل. وان ما يخرجها من أزمتها هو وضع واحد ألا وهو الاعتراف بقرارات الشرعية وتطبيقها، أي إنهاء احتلالها لجميع الأراضي العربية المحتلة منذ حزيران 1967. وإذا بقيت "راكبة" رأسها، فإن الأمور ستتعقد أكثر وأكثر وقد تستجدي وتتوسل إجراء مفاوضات في المستقبل ولن تجد أحداً يصغي إليها..
إنها فرصة ذهبية لاسرائيل الآن في إعادة حساباتها، وقراءة الحاضر والمستقبل جيداً، والتخلي عن أحلام الماضي والنظريات البالية.
إنه الوقت المناسب حتى تعود القيادة الاسرائيلية إلى مصالح الدولة والشعب بعيداً عن المكاسب والأهواء والمصالح الحزبية الضيقة.
ظاهرة المقاومة تنتشر وتتوسع في عالمنا العربي، وموضوع التوازن العسكري بدأ يتحقق، وأيام زمان حين كان الجيش الاسرائيلي ينقل ساحة المعركة إلى خارج دولة اسرائيل قد ولّت، فالحرب القادمة ستكون ساحتها أيضاً الجبهة الداخلية الاسرائيلية.
المطلوب من القيادة الاسرائيلية أن تكون عند مستوى المسؤولية، والمطلوب من الشعب أن يفكر قليلاً بمستقبل دولته، ويدرك أن انتخابه لمتطرفين لقيادته هو خطأ جسيم، وعليه ان يسقط هؤلاء، ويستبدلهم بزعماء قوميين جانحين للسلام والاستقرار، ومدركين أن الزمن ليس لصالح اسرائيل وان الامور تتغير وتتبدل، لتميل كفة الميزان لصالح العرب.
لا نوجه نداء ولا استجداء ولا طلبا، بل نقول الحقيقة، وعلى القادة الاسرائيليين تحمل المسؤولية إن لم يفهموها ويأخذوها بعين الاعتبار.
 
                                                                                  رئيس التحرير: جاك خزمو
                                                                              نقلا عن مجلة البيادر السياسي المقدسية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.