تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

العرب يغيرون قواعد حكمتهم فيصبح صديق العدو صديقاً

 


المسار السريع لقرار وزراء الخارجية العرب توفيرالغطاء لمفاوضات فلسطينية إسرائيلية كشف بالتتابع مجموعة من الحقائق، أولاها أنالقرار لم يأتِ بناء على تلمس أي تغيير في الموقف الإسرائيلي ينبئ بإمكانية توصلهذه المفاوضات إلى أي نتيجة مختلفة عن سابقاتها، وثانيتها أن التفويض جاء تلبيةلطلب أميركي دون أن تستجيب الولايات المتحدة الأميركية لطلب عربي بتقديم رسالةضمانات بالتوازي مع الإعلان العربي، وثالثتها أن الجانب الإسرائيلي قد تقصّد ربطالإعلان عن بناء المزيد من الكتل الاستيطانية بتوقيت الإعلان العربي عن قبولالتفاوض، ليؤكد أن العرب يتنازلون ويتنازلون بينما إسرائيل هي إسرائيل عند ثوابتهاوأولها أن لا مساومة على الاستيطان ولا على تهويد القدس.
الواضح من رد الفعلالأميركي على القرار الإسرائيلي، أن حجم الإهانة التي وجهتها إسرائيل لأصحاب القرارالعربي تجاوز حدود المسموح الأميركي، فكان اعتذار إسرائيلي عن التوقيت مع زيارةنائب الرئيس الأميركي، وليس التوقيت مع القرار العربي، وجواب أميركي بأن الاعتراضيطول التوقيت والقرار معاً، لكن من دون أن يتغير القرار طبعاً. ‏
الواضح أيضاً أن الكلامالصادر عن نائب الرئيس الأميركي أثناء زيارته الأراضي المحتلة لا يحتمل التأويلوالالتباس، لجهة إعلان التماهي مع إسرائيل في السياسة والأمن، والنظرة لكل شؤونالمنطقة، كما الواضح أيضاً من تأخر صدور الاعتراض الأميركي لما بعد مغادرة نائبالرئيس، أن هذا الاعتراض ليس أكثر من مجاملة لأصحاب القرار العربي بالتفاوض تلبيةلطلب أميركي. ‏
مرة جديدة يتلقى عرب الرهانالأميركي صفعة، تقول لهم إنه مهما بلغ حجم المصالح الأميركية مع العرب، ومهما بلغحجم التماهي العربي مع السياسات الأميركية، فإن الرهان على سياسة أميركية تجاهقضايا المنطقة متمايزة أو منفصلة عن السياسات الإسرائيلية هو وهم وسراب. ‏
يحصل كل ذلك بينما إسرائيلتعيش أسوأ أوقاتها وحاجتها تتزايد للحماية الأميركية بعد هزيمتين مدويتين في حربيلبنان وغزة، وبعد تحول قدرتها الردعية المزعومة إلى ظاهرة صوتية بلا مفعول، تراجعتعربدتها الكلامية بالذهاب إلى الحرب مع أول جواب جدّي صدر من دمشق والمقاومة،وأكدته الصورة الثلاثية للرئيسين بشار الأسد وأحمدي نجاد والسيد حسن نصرالله، ويحصلكل ذلك بينما أميركا تعيش أسوأ أوقاتها وحاجتها تتزايد للعرب، فواشنطن تحث الخطاللانسحاب الآمن من العراق، وتحتاج أكثر ما تحتاج إلى الغطاء العربي، والأزمةالمالية تعصف بكل عناصر الاستقرار الأميركي وتحتاج أكثر ما تحتاج إلى المال العربي،ورغم كل ذلك تتصرف إسرائيل على قاعدة أن أميركا هي التي تحتاج إلى الحمايةالإسرائيلية، وربما تكون محقة من زاوية قراءة حجم الضعف الداخلي الذي يصيب إدارةالرئيس باراك أوباما وحاجته لدعم مجموعات الضغط المؤيدة لإسرائيل، وتتصرف الإدارةالأميركية على قاعدة أن العرب هم الذين يحتاجونها، وربما تكون محقة من زاوية قراءةهشاشة النظام العربي وحجم القلق الذي تسببه له فرضية تقدم خيار المقاومة والتغييراتالتي سيحدثها في الرأي العام العربي ، وتحويل خيار المقاومة عدواً أولاً للنظامالعربي بصورة تجعل بعض العرب أشد حماسة للتخلص من المقاومة من الحماسة الإسرائيليةنفسها. ‏
المهم أن السياسات العربيةتجاوزت حدود كل معقول في مقاييس التاريخ للصداقة والعداوة، والعرب هم أصحاب القول: إن أصدقاءك ثلاثة: صديقك وصديق صديقك وعدو عدوك، وأن أعداءك ثلاثة ، عدوك وعدوصديقك وصديق عدوك، وكان يكفي بعض العرب العودة إلى دستور حكمتهم التاريخية التينقلها عنهم الآخرون، ليحددوا بوصلتهم ويكتشفوا أنه مهما بلغت خلافاتهم مع قوىالمقاومة، تبق المقاومة عدو عدوهم فهي صديقهم ، ومهما بلغ تعلقهم بواشنطن فهي تبقىصديق عدوهم وبالتالي عدوهم، وحتى الذي يرونه خطراً قادماً من الشرق ويقصدون إيران،يكفيهم مقاربته وفقاً لقاعدة عدو عدوك صديقك لتتغير المعادلة ومعها الحسابات. ‏
يكفي أن يسترد العرب حقيقةأن العدو هو إسرائيل حتى تستقيم البوصلة، وأن يستشعر الأميركي معادلة عربية جديدةتستثمر على قوة المقاومة وضعف إسرائيل، حتى يدرك أن عليه الاختيار بين التحول إلىعدو معلن للعرب بداعي الصداقة مع إسرائيل، أو التخلي عن هذه الصداقة بحساب المصالح،فيدرك أنه هو من يحتاج العرب وليس العكس، وها هو المثال التركي ساطع بمعانيه،وعندها يكفي أن تستشعر إسرائيل معادلة عربية دولية جديدة حتى تدرك أن زمن العربدةقد ولّى، وأن عليها أن تختار بين الذهاب إلى مغامرات حمقاء تسرع بنهايتها، أو تتقبلحقيقة موازين الواقع فتستجيب لشروط السلام التي تضمنتها القرارات الدولية التي مندونها لا يمكن لعاقل أن يتخيل الحد الأدنى من الاستقرار في المنطقة. ‏
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.