تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

عندما يرفع البنتاغون صوته ضد إسرائيل

قد يكون من المبكر القفز إلى استنتاجات قاطعة حول طبيعة وعمق الخلاف الذي يعصف بالتحالف الأميركي الإسرائيلي، بيد أن الأكيد هو أن شيئاً ما مهماً يحدث بين الحليفين الوثيقين. فرغم محاولة المسؤولين الأميركيين احتواء الأزمة علناً على الأقل، وإيعاز الرئيس أوباما لمساعديه بعدم التصعيد إعلامياً، إلا أن إصرار واشنطن الحصول على تعهد مباشر من نتنياهو بإلغاء قرار بناء الـ1600 وحدة استيطانية في القدس الشرقية يشكل افتراقاً عن موقفها المتردد إزاء سلسلة الإهانات والتحديات التي تواجهها بها حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل منذ وصولها إلى السلطة قبل نحو عام.

نتنياهو من جهته يحاول إعطاء الانطباع بأن الأزمة مع واشنطن عابرة وأنها في طريقها إلى الحل، لكن إحساسه بعمق ورطته دفعه إلى طلب المساعدة من اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، بينما يوجه «صهره» اتهامات علنية للرئيس أوباما بأنه يكنّ مشاعر معادية لليهود.
الصمت في الدوائر السياسية الأميركية حيال الأزمة مع إسرائيل لم يكن ملزماً على ما يبدو للجميع، فقد أعلنت القيادة المركزية الأميركية على لسان الجنرال ديفيد بترايوس أن استمرار الصراع في الشرق الأوسط وسياسات الحكومة الإسرائيلية تعرض حياة الجنود الأميركيين في المنطقة للخطر. بترايوس كان يشير إلى أن استمرار دعم واشنطن لإسرائيل في الوقت الذي تقوم به هذه الأخيرة بقتل الفلسطينيين وتهجيرهم ومصادرة أراضيهم وبناء مستوطنات عليها، يؤدي إلى زيادة مشاعر الغضب حيال الولايات المتحدة ومن ثم يعرض وجودها العسكري الواسع في المنطقة لأخطار كبيرة.
ورغم أن المؤسسة العسكرية الأميركية تبدي رأيها في كثير من الأحيان بمسائل ذات صلة بالسياسة الخارجية والأمنية وخاصة في مناطق توتر حول العالم، إلا أنها بالتأكيد المرة الأولى التي تذهب فيها إلى حد انتقاد السياسات الإسرائيلية وبطريقة علنية.
الرأي الذي عبرت عنه المؤسسة العسكرية الأميركية، وتشاركها فيه أوساط سياسية واسعة ومؤثرة في إدارة أوباما وحولها، لا يعدُ كونه تكراراً لخلاصات خرجت بها دراسة أكاديمية أعدها عام 2008 كل من جون ميرشايمر الأستاذ في جامعة هارفرد، وستيفن والت المحاضر في جامعة شيكاغو.
لاحظت الدراسة أن السياسة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط تخدم مصالح إسرائيل أكثر من الولايات المتحدة، وأن اعتماد واشنطن بشكل كلي في قراءتها للمنطقة على الترجمة الإسرائيلية يؤدي إلى تصاعد الكراهية لسياساتها في العالمين العربي والإسلامي فضلاً عن أنه يعرض مصالحها للخطر، ويخلص الباحثان إلى أن الولايات المتحدة بحاجة، إذا أرادت استعادة نفوذها وهيبتها المتهالكة في المنطقة، إلى تبني سياسة أكثر توازناً تجاه العرب والفلسطينيين في إطار تعاملها مع الصراع في الشرق الأوسط.
أثار هذا الكلام حينها انتقادات واسعة في الداخل الأميركي، خاصة في أوساط اليمين المؤيد لإسرائيل، كما اتُهم أصحاب الدراسة بأنهم معادون للسامية وبكونهم من أصحاب النزعات العنصرية، لكن الواضح أن المؤسسة العسكرية الأميركية بدأت اليوم تأخذ بهذا الرأي وتصرح به وهو أمر لابد أن يثير ذعراً في إسرائيل وبين أنصارها في أميركا، بيد أن الأهم هو أن تتبنى إدارة أوباما ما خلصت إليه قياداتها العسكرية وتحوله إلى سياسة، وإذا حدث وتبلور هذا الأمر فسيكون ذلك تحولاً دراماتيكياً في السياسة الأميركية تجاه المنطقة عموماً والصراع العربي الإسرائيلي خصوصاً.
 
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.