تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

المطلوب فلسطينياً.. مراجعة شاملة لأخطاء الماضي في تخلينا عن عمقنا العربي

  بقلم رئيس تحرير مجلة البيادر السياسي المقدسية: جاك خزمو

 

 
 
في عام 1974، وفي قمة الرباط، خضنا معركة سياسية كبيرة من أجل صدور قرار من القمة العربية يقول ويعترف بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني. وهذا القرار أشار إلى تحمل الشعب الفلسطيني لمسؤولية تحرير أرضه وايجاد حل لقضيته، وعنى أيضاً أنه لا يجوز لأي دولة عربية التفاوض بالنيابة عنه.
رحبنا بهذا القرار، وصفقنا له، واحترمه القادة العرب جميعاً، وخاصة قادة دول الطوق، ووفروا الدعم والمساندة للمنظمة كل حسب إمكانياته..
وفي العام 1982 وأوائل 1983 خضنا معركة ضارية تحت شعار القرار الفلسطيني المستقل، ومنع أي دولة من التدخل فيه. وقبل العالم بهذا القرار المستقل الذي أبعد رويدا رويدا الدعم العربي عن قضيتنا، وبالتالي أضعفنا أمام العالم، وهذا القرار المستقل، وللأسف، كان بداية انخفاض سقف مطالبنا المشروعة والعادلة. وتحت هذا الشعار جرت مفاوضات اوسلو السرية، وتبعها اتفاق المبادىء الذي وقع في حديقة البيت الأبيض الاميركي باحتفال عالمي كبير في أيلول 1993. وتبع هذا الاتفاق سلسلة من اتفاقيات اوسلو الهزيلة والضعيفة.. ونتج عنها اقامة سلطة وطنية على الاراضي الفلسطينية المحتلة، وقبل تحريرها..
في عام 2000 فشلت مفاوضات الحل النهائي في كامب ديفيد، وتبع ذلك زيارة آرئيل شارون لساحات الحرم القدسي الشريف واندلاع الانتفاضة الثانية أواخر أيلول 2000، أي بعد سبع سنوات فقط من توقيع اتفاق المبادىء في البيت الأبيض الاميركي..
وفي عام 2002 تم الاجتياح الاسرائيلي للمناطق الفلسطينية وسقطت عملياً اتفاقيات اوسلو، لتحل محلها إملاءات وشروط اسرائيلية تعجيزية، وفي العام 2004 يتم اغتيال الرئيس ياسر عرفات عن طريق التسميم، وحتى الآن لم يُكشف النقاب عن الأدوات التي قامت بذلك مع أن الجهة الواقفة وراء ذلك هي معلومة وللجميع..
وخلال السنوات الماضية واصلت اسرائيل سياسة الاعتقال والاجتياح، وقامت باغتيال العديد من قادة هذا الشعب حتى هذه اللحظة ولم تكف عن ذلك، بل امتدت أياديها لاغتيال قادة المقاومة في العديد من العواصم العربية، وكانت آخر عملية اغتيال في دبي باستشهاد محمود المبحوح..
قبلنا بخطة خارطة الطريق من أجل العودة الى المفاوضات، ورفضت اسرائيل التفاوض... وجاء ايهود اولمرت الى سدة الحكم، وجرت مفاوضات عديدة وكثيرة ولكنها لم تحرز نتائج ملموسة، وكان سقف المطالب الفلسطينية ينخفض رويدا رويدا وبصورة غير معقولة. وكنا نفاوض والاستيطان مستمر ومتواصل، ولكن بوتيرة هادئة جداً.. إذ أن عدد المستوطنين في الضفة والقدس تضاعف منذ اتفاق اوسلو وحتى يومنا هذا..
وجرت انتخابات اسرائيلية العام الماضي ليفوز اليمين الاسرائيلي، ويتولى بنيامين نتنياهو سدة القيادة، واستيقظنا من نومنا العميق ورفضنا التفاوض إلا بعد أن يجمد البناء في المستوطنات، أي وقف الاستيطان، لكن نتنياهو رفض ذلك، والتف حول المطلب الاميركي بإعلان تجميد جزئي ومؤقت للبناء في المستوطنات بالضفة وليس في القدس والجولان... وتحوّلت المعركة من إنهاء للاحتلال الى وقف للاستيطان، والى العودة الى المفاوضات وكأن العودة للمفاوضات هي انتصار أم إنجاز لنا.. وكأن وقف البناء في المستوطنات هو انجاز كبير لنا أيضاً. واقترحت اميركا اجراء مفاوضات التقرّب أو التقارب أو ما تُعرف بالمفاوضات غير المباشرة. لم نستطع اتخاذ القرار فعدنا الى الجامعة العربية والى لجنة المتابعة العربية لتعطينا الإذن والتصريح لذلك، لأننا أصبحنا نقول أن قرار العودة للمفاوضات هو عربي، وان القدس هي قضية العرب جميعاً، وان على العرب تحمل مسؤولياتهم..
أي أننا عندما نحتاج إلى من يدعمنا نتوجه إلى عالمنا العربي، وعندما تكون المفاوضات جارية ومتواصلة، نرفض أي مطلب لوقفها ونجيب بأن هذا هو قرارنا المستقل، ولا نسمح لأحد التدخل فيه..
وقعنا في شباك الخلاف والانقسام، ولم نستطع حله، ونحتاج الى جهود عربية من أجل انهاء هذا الخلاف.. أي أننا نناقض أنفسنا ولم نحدد بعد ماذا نريد.. هل نريد دعماً عربياً ونحمل العرب مسؤولية حل قضيتنا إلى جانبنا، أم أننا نريد حل القضية الفلسطينية كما نريد أو كما تتاح الفرصة ولا نسمح لاحد من قادة العروبة بالتدخل أو التساؤل.. انه لأمر عجيب وغريب.
وقد قلنا مراراً وتكراراً في السابق، أن تخلينا عن عمقنا العربي هو الذي أدى الى ضعفنا، وهو الذي ضيّع قضيتنا، وهو الذي يؤدي الى ما وصلنا إليه من وضع محزن ومأساوي، لأننا حررنا الامة العربية من مسؤولياتهم تجاه هذه القضية العربية الأولى، وحولناها الى قضية ثانوية وليست قضية رئيسية.
إننا نتحمل مسؤولية أخطائنا، ولكننا وللأسف لم نعترف بها منذ 1974 وحتى الآن، ونتهرب من ذلك بتحميل مسؤولية تقصيرنا على عاتق قادة أمتنا العربية.
لا بدّ من مراجعة شاملة لسياستنا ولاستراتيجيتنا الفلسطينية، ولا بدّ من أن نختار طريقاً واضح المعالم من أجل الوصول للهدف الاساسي والمنشود، ولن نصله إذا كنا في حالة انقسام وتشرذم، ولا نعرف ما هي استراتيجيتنا وخطة عملنا المستقبلية.
إن مراجعة شاملة لاخطاء الماضي ضرورة وواجب.. ولا بدّ من الادراك أن العودة الى العمق العربي، والتحمل المشترك لأعباء هذه القضية الكبيرة هو لصالحنا، وإذا بقينا نغرّد لوحدنا.. فلن نحصل على شيء إلا على مزيد من المعاناة لأن خصمنا أو عدونا قوي وخطير وخبيث، ولا يأبه إلا للأقوياء.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.