تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

حسابات نتنياهو وأوباما

الخلاف الأميركي- الإسرائيلي ليس مسرحية بالتأكيد، لكن لا يجوز في الوقت نفسه المبالغة في توقع تداعياته على أسس تحالفهما الراسخ– كما وصفه أوباما نفسه في خطاب القاهرة العام الماضي. أفضل ما يمكن وصفه بأنه اختلاف في المقاربات وفي قراءة كل طرف لمصالحه وأولوياته. الإدارة الأميركية ترى أن استمرار الصراع العربي- الإسرائيلي يشكل عقبة كأداء أمام إستراتيجيتها المنشدة بقوة إلى مثلث العراق- إيران- أفغانستان. إسرائيل، من جهة أخرى، ترى أن مصلحتها تقتضي إدخال المنطقة في حالة صراع مدمر جديد، تكون إيران ساحته ويتسنى لها أثناءه صرف الانتباه عن مخططها الكبير المرتبط بتهويد القدس وهضم معظم الضفة الغربية.

وسط هذا الخلاف في القراءات، حاول رئيس الحكومة الإسرائيلية الاستفادة مما ظن أنها حال الضعف التي تعتري إدارة أوباما نتيجة فشلها على امتداد عام في تحقيق أي نجاحات تذكر سواء على الصعيد الداخلي أو الدولي. نتنياهو ذهب إلى واشنطن الأسبوع الماضي متوسماً استغلال هذه الوقائع للي ذراع صاحب البيت الأبيض ودفعه إلى تبني أجندته، لكنه فوجئ بواقع مختلف. فقد كان أوباما خرج للتو منتصرا من معركة حامية لتمرير قانون الرعاية الصحية الجديد سدد خلالها ضربة موجعة لخصومه الجمهوريين، في الوقت نفسه كان يضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية الحد من الأسلحة النووية الإستراتيجية مع روسيا (ستارت 2) في أول إنجاز خارجي ذي مغزى، لكن الأهم أن إدارة الرئيس الأميركي كانت قررت هذه المرة على ما يبدو أنها لن تسمح لنتنياهو بالتمادي أكثر في إهانتها والتقليل من مقدارها فقررت «تأديبه» على طريقة الولد العاق. دعته إليها وهي تضمر كل الترتيبات التي تجعله يشعر بحقيقة وزنه ومحدودية شأنه. المعاملة السيئة التي تلقاها في واشنطن، وفصلتها الصحف وفق تسريبات أميركية، أخرجته عن طوره فصرح أن أوباما يشكل كارثة على إسرائيل، مع أنه عاد وتراجع عن قوله هذا.
وما ولد إحباطا أكبر لديه أن كل الأسلحة التي حاول إشهارها في وجه مضيفه لم تنفعه كثيرا، سعى إلى تجييش الكونغرس لمصلحته، فواجهته المؤسسة العسكرية الأميركية بتصريحات غير مألوفة «سياسات إسرائيل تعرض حياة الجنود الأميركيين للخطر في منطقة الشرق الأوسط». جرب استخدام منبر الآيباك لثني البيت الأبيض عن عزمه، فرد أوباما برسالة وضعت يهود أميركا أمام معضلة «الولاء المزدوج»: انتم مع جنودنا أم مع نتنياهو ومستوطنيه؟
وحتى لا نذهب بعيداً، جاء خطاب وزيرة الخارجية كلينتون في مؤتمر الآيباك ليضع النقاط على الحروف، أوباما لا يفعل ذلك حبا في العرب أو الفلسطينيين ولا إيمانا بعدالة طال زمن استحقاقها، ولا دفاعا عن شعب أنهكه الحصار والاحتلال وسكوت القريب والبعيد عن معاناة لم يعرف التاريخ لها مثيلا، إنه فقط يدافع عن مصالح أميركا وإسرائيل. كيف ذلك وهو يضغط عليها ويحيل حياة رئيس حكومتها إلى جحيم؟ لأن واشنطن ببساطة أدرى بمصلحة إسرائيل من نتنياهو وعصبة اليمين التي جمعها حوله، هكذا تقول تسيبي ليفني شامتة بمعضلة من حرمها رئاسة الحكومة قبل عام.
 
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.