تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

من أجل عمل صحفي أفضل

مع حلول الذكرى الثلاثين لعيد الجلاء كتب جلال فاروق الشريف في عدد تشرين الصادر في 17/4/1976 زاوية حملت عنوان (من أجل عمل صحفي أفضل) قائلاً:

 
عندما طرحت أول مرة فكرة إصدار صحيفة يومية ثالثة في دمشق، كنت معارضاً. كانت وجهة نظري أن عدم توفر الكوادر الصحفية والتجهيزات الطباعية تجعل هذه المحاولة غير ممكنة، كما كانت وجهة نظري أيضاً أنه حتى في حال توافر الكوادر الصحفية والتجهيزات الطباعية فالجديد لن يكون جديداً حقاً، سيكون مجرد تكرار لأشكال قائمة وممارسات سائدة أي أنه لن يقدم الإضافة المطلوبة من مؤسسة جديدة. ‏
 
ولقد كان لدي من الحجج المقنعة ما يكفي لتدعيم رأيي الذي طرحته دون تحفظ وبصراحة تكاد تكون غير مستحبة، فالموقف لا يحتمل المجاملة، وعندما خرجت من الاجتماع لم يكن يساورني أي شك في عقم المحاولة. ‏
 
وفي كل مرة بعدما كان يدور نقاش فيها كنت أتمسك بوجهة نظري وأتوسع في شرح رأيي وأدعمه بالمزيد من الحجج الواقعية الملموسة المستمدة من واقعنا الإعلامي. ‏
 
وعندما صدرت هذه الجريدة اعتبرت ذلك مغامرة غير مأمونة العواقب وشاركني في الرأي الكثيرون الذين قد يكونون حتى الآن مازالوا عند ذلك الرأي. ‏
 
وعندما قبلت تحمل مسؤولية هذه الجريدة بعد صدورها والمؤسسة التي يجب أن تصدر عنها، اعتبرت ذلك تكليفاً لا أستطيع رفضه، إنه ثقة أوليتها وعليّ أن أحترمها ومسؤولية حملتها عليّ أن أواجهها. ‏
 
وعندما بدأت العمل فيها لم أحرق مراكبي، فليس من اليسير على المرء أن يغير قناعاته كما يبدل ثيابه. ‏
 
كنت أقول فيما بيني وبين نفسي: ‏
 
- لدي من الشجاعة ما يكفي لاعترف بالفشل إذا أخفقت.. لكي أنسحب كانت الصعوبات أكثر من أن تطاق. ‏
 
- صعوبات مادية كبيرة، لا مبنى، لا مكاتب، لا كوادر، لا أنظمة لا ميزانية لا مطابع. ‏
 
- وصعوبات معنوية أكبر، عدم قناعة بالممارسات الإعلامية السائدة وعدم ثقة بإمكان التغيير، وشعور بأننا نعيش في عصر (سيزيف). ‏
 
كانت البداية في نظري من تحت الصفر، وكان هذا كافياً لجعل أجرأ مغامر يرفض مثل هذه المحاولة. ‏
 
غير أن إغراء المهنة الذي استيقظ كان كبيراً أيضاً كان لا يقاوم حتى ولو كانت المحاولة ضرباً من المستحيل. ‏
 
بل كان ثمة ما هو أقوى من هذا الإغراء، إنه الثقة... (الثقة بالبلد وإمكاناتها)... وبأن هذه الإمكانات إذا ما أتيح لها أن يُحسن توظيفها يمكن أن تقدم ما هو جدير بها حقاً. ‏
 
من هنا كانت البداية الأولى.. ‏
 
مع كل خطوة مهما كانت صعبة كان ينبت أمل صغير، ومع كل أمل صغير كانت تنبت خطوة جديدة، وهكذا حتى توصلنا إلى النقطة التي يمثلها هذا العدد من (تشرين). ‏
 
لم نعد متشائمين ولكننا لم نتوصل بعد إلى أن يغمرنا الأمل الكبير غير أن الثقة عادت إلينا وهي تكفي لمتابعة الطريق. ‏
 
شعورنا بأن الكثيرين بدؤوا يثقون بمحاولتنا يقدم لنا اليوم أفضل حافز على الاستمرار. ‏
 
عشرات المواهب الصحفية الناشئة التي تأتي إلينا تعطينا دماً جديداً. ‏
 
رؤية العديد من الذين يريدون لعملهم الصحفي أن يتنفس في مناخ صحفي تدفعنا إلى الأمام. ‏
 
وهذه هي بتواضع مبررات محاولتنا. ‏
 
كجندي في جيش الإعلام اعتز بثلاثة مواقف: ‏
 
- صبيحة 16 تشرين الثاني 1970. ‏
 
- صبيحة 6 تشرين الأول 1973. ‏
 
وساعة قبلت تحمل هذه المسؤولية الجديدة. ‏

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.