تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

خبراء: أمّ الدنيا لا تجد الرغيف لأولادها

مصدر الصورة
sns - العرب أونلاين

 

محطة أخبار سورية

مع احتدام اللغط حول المستقبل السياسي في مصر طفا إلى السطح واقع اقتصادي متدهور لبلد هو الأضخم في المنطقة، ويمتلك امكانيات بشرية جبارة قادرة على ركوب المستحيل وتحقيق حياة أفضل لملايين المصريين ممن غالبيتهم مسحوقة تحت خط الفقر.

 

وفي حين تؤكد المعارضة أن البلاد في هاوية تدافع الحكومة بشراسة عن سياساتها وتؤكد أن تحقق نموا مطردا، إلا أن ذلك النمو يراه المراقبون الاقتصاديون لا يحدث إلا في جيوب الأغنياء في حين يظل نحو 90 بالمئة من المصريين يعانون من شظف العيش ويبحثون عن الأرغفة، وبعضهم لا يجدها مثلما حصل في أكثر من مناسبة هذا الشهر في القاهرة ومحافظات "أم الدنيا" الأخرى.

 

ويؤكد المتابعون أن الأزمة الاجتماعية والسياسية التي طفت إلى السطح في مصر ليست وليدة طوارئ خارجية أو حوادث مفاجئة حصلت في الداخل، وإنما الأزمة نمت لعدة أسباب منها هيكلة الاقتصاد ذاته، لا سيما في ضوء معاهدة كامب ديفيد المشؤومة، وما كرسته من تبعية للاقتصادي المصري للخارج، إضافة إلى أن استشراء الفساد وظهور طبقة من الأغنياء تستفيد من هذه البيئة الاقتصادية التي وجدت مصر نفسها بداخلها، وهي الآن أصبحت تحاول الخلاص منها، لكن ذلك لن يكون سهلا إذ يتطلب الخلاص إعادة النظر في الدورة الاقتصادية وتفاصيلها ومواجهة استماتة الحكومة في الدفاع عن خياراتها.

 

فعندما وقعت الأزمة المالية العالمية العام الماضي، اندفع المسؤولون في مصر إلى طمأنة المستثمرين المحليين والأجانب إلى أن النظام المالي المحلي سوف يكون في مأمن من آثارها.

 

ولم يكن هناك تعامل في الأصول عالية المخاطر التي تسببت في الأزمة التي أغرقت البنوك في متاعب، وكان النظام المالي يتمتع بوفرة في السيولة، ويدار بحكمة. ومع ذلك، اكتنف الغموض الوضع على مستوى الاقتصاد الحقيقي، حيث تسارع النمو ليصل معدله إلى سبعة في المائة، في الفترة من 2006 حتى 2008، معتمدا بشكل كبير على الطلب الخارجي ومصادر التمويل الخارجية.

 

وكان من المتوقع في العام الماضى أن تتراجع عائدات قناة السويس، والصادرات، والاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتحويلات المصريين العاملين بالخارج.

وبالفعل تراجعت جميعها بدرجات متفاوتة، حيث أظهرت السياحة المصدر الرئيسي للعائدات الأجنبية أقل انخفاض "من 10.8 مليار دولار إلى 10.5 مليار دولار"، بينما شهدت عائدات قناة السويس انخفاضا كبيرًا نسبيًا "من 5.6 مليار دولار إلى 4.7 مليار دولار" والاستثمارات الأجنبية المباشرة "من 13.2 مليار دولار إلى 8.1 مليار دولار".

 

ومع ذلك، فإنه على الرغم من توقعات سوء الأداء، حقق الاقتصاد نموا بنسبة 4.7 في المائة خلال السنة المالية المنتهية في يونيو وهو رقم يقول محللون إنه يمكن إرجاعه بدرجة كبيرة إلى مرونة الطلب المحلي، وعوائد السياحة التي جاءت أفضل من المتوقع. ومن المتوقع أن يصل نمو الاقتصاد هذا العام إلى 5.1 فى المائة.

 

ويقول رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة "تضررنا بالفعل في المجالات التي نتعامل فيها مع العالم الخارجي ، كالصادرات الصناعية، ولكن الذي مكننا من الاستمرار فعلاً كان القطاعات التي حققت نموا بمعدلات تتراوح بين عشرة في المائة و15 في المائة خلال الأرباع المختلفة من هذا العام مثل قطاع التشييد والبناء.

 

وواصل الإنتاج الصناعي النمو بصورة إيجابية، وإن كان ذلك بمعدلات أقل من ثمانية إلى خمسة في المائة".

 

وبينما من الصعب تقدير مساهمة حزمة الحوافر الاقتصادية، وتكلفتها 2.7 مليار دولار في العام الماضي فضلا عن 3.2 مليار دولار أخرى في السنة المالية الحالية في دفع الاقتصاد إلا إنها ساهمت في رفع معدل النمو.

 

ويقول محمود محيي الدين، وزير الاستثمار: "ما ساعدنا هو أننا لسنا مندمجين تماما مع بقية العالم، وهو أمر ليس طيبا فى الأوقات الجيدة". ويضيف: "تجارتنا ليست بالحجم الذى ينبغى أن تكون عليه. ويمكن القول إن زيادة تدفقات رأس المال بمعدل ثمانية فى المائة بالنسبة لبلد مثل مصر، أمر معقول، ولكن مازال علينا أن نفعل الكثير".

 

ويقول محيى الدين إن حزمة الحوافز أُطلقت لسد فجوة في استثمارات القطاع الخاص، التي انخفضت من 135 مليار جنيه مصري إلى 114 مليار جنيه مصري.

وأدى الإنفاق على الحوافز الاقتصادية وتراجع عائدات الدولة إلى تعطيل خطط تقليل العجز بنسبة درجة واحدة مئوية سنويًا. واستطاعت الدولة تحقيق مستوى 6.9 في المائة، كما كان مخططًا في السنة المنتهية في يونيو 2009، إلا أنه من المتوقع أن يرتفع مستوى العجز هذا العام ليصل إلى 8.4 فى المائة.

 

ويقول بطرس غالي، وزير المالية، إنه يخطط لتخفيض العجز إلى ثلاثة في المائة من إجمالي الناتج المحلى بحلول 2014، بتأخير عامين عما كان مقررًا. ويعني هذا إرجاء الإصلاح الحاسم لنظام دعم الوقود والغذاء الذي يستهلك من الموارد أكثر مما يستهلكه التعليم والصحة.

 

وربما كان الاقتصاد متماسكًا خلال الأزمة، ولكن مصر تحتاج نموًا مستدامًا، بمعدلات أكبر لانتشال 40 في المائة من السكان من الفقر، وتقليل مستوى البطالة عن معدل 9.6 في المائة العام الحالي. ويقول سيمون كيتشن كبير الاقتصاديين في بنك الاستثمار الإقليمي إي إف جي هيرميس: "يجب أن يبلغ حجم الاستثمار نحو 25 في المائة من إجمالى الناتج المحلي، مقارنة بـ20 فى المائة حاليا".

 

ولم تصل ثمار ارتفاع مستوى النمو خلال السنوات الثلاث السابقة للأزمة إلى كل مستويات المجتمع، كما لم ينتشر جغرافيا ليصل إلى المناطق الريفية وبوجه خاص في الصعيد. فضلاً عن أن التضخم، الذي بلغ 23.6 فى المائة في أغسطس 2008، ألقى بقسم من الفقراء في براثن فقر أشد حدة. ومازال معدل التضخم مرتفعًا عند 13.3 فى المائة، فيما يعكس أساسا تقلب أسعار الغذاء.

 

وطرح البنك المركزى مؤخرا قياسا أساسيا للتضخم بلغ 6.5 في المائة في أكتوبر.

 

ويقول الوزيران إن زيادة نشاط الاقتصاد لن يتحقق إلا من خلال المزيد من الاستثمار في البنية الأساسية، وزيادة تشجيع المشروعات صغيرة ومتوسطة الحجم التي تشكل معظم الشركات في البلاد، ولكنها تجد صعوبات جمة في الحصول على التمويل.

 

ويقول محيي الدين إنه يحاول جمع التمويل اللازم لـ52 مشروعا من مشروعات البنية التحتية في الطرق والمطارات والمستشفيات وموارد الطاقة البديلة. وفيما يتعلق بالمشروعات صغيرة ومتوسطة الحجم، يقول إنه سيتم تطبيق إصلاحات لتشجيع إقراض الشركات الصغيرة. وقد خفف البنك المركزى مؤخرا شروط تقدم مثل هذه المشروعات للحصول على قروض. وكانت البنوك حتى الآن غير راغبة في المخاطرة بإقراض المشروعات صغيرة ومتوسطة الحجم، حيث تفضل إقراض الشركات الحكومية أو الشركات الكبرى. "خدمة جريدة فاينانشال تايمز البريطانية".

 

وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء بمصر قد أكد مؤخرا أن معدل البطالة خلال الربع الثاني من العام الحالي تراجع الى 96ر8 في المئة مقابل 12ر9 في المئة خلال الربع السابق وفقا لمعايير منظمة العمل الدولية، وتتضارب هذه الإحصائية مع التقارير التي تنشرها المعارضة المصرية والمشفوعة بتقارير صادرة عن منظمات دولية.

 

وقال الجهاز في تقرير أعلنه الشهر المنقضي ان حجم قوة العمل بلغت 201ر26 مليون فرد بزيادة قدرها 15 ألفا مقارنة بالربع السابق وبزيادة قدرها 157ر1 مليون عن نفس الربع من العام السابق مشيرا الى أن قوة العمل تشكل نسبة 5ر33 في المئة من اجمالى عدد السكان خلال الربع الأول عام 2010.

 

وأوضح الجهاز أن معدل المساهمة في قوة العمل بين الذكور بلغ 0ر75 في المئة خلال الربع الثاني مقابل 5ر74 في المئة في الربع السابق بينما بلغ معدل الساهمة في قوة العمل بين الاناث 5ر23 في المئة خلال الربع الثاني مقابل 7ر23 في المئة في الربع السابق.

 

وكشف الجهاز عن أنه طبقا للنوع بلغ عدد المشتغلين من الذكور خلال الربع الثاني 106ر19 مليون مشتغل بزيادة قدرها 125 ألفا بنسبة 7ر0 في المئة عن الربع السابق وبزيادة قدرها 946 ألفا بنسبة 2ر5 في المئة عن نفس الربع من العام السابق.

 

ولفت الى ان عدد المشتغلات من الاناث خلال الربع الحالي بلغ 748ر4 مليون مشتغلة بانخفاض قدره 70 ألفا بنسبة 5ر1 في المئة عن الربع السابق وبزيادة قدرها 224 ألفا بنسبة 5 في المئة عن نفس الربع من العام السابق.

 

وأوضح التقرير أن عدد العاطلين بلغ 347ر2 مليون عاطل بانخفاض قدره 40 ألفا بنسبة 7ر1 في المئة عن الربح السابق وبانخفاض قدره 12 ألفا بنسبة 5ر0 في المئة خلال نفس الربع من العام السابق.

 

وبلغ معدل البطالة خلال هذا الربع 96ر8 في المئة مقابل 12ر9 في المئة في الربع السابق.

 

ورصد التقرير انخفاضا في معدل البطالة بين الذكور خلال الربع الثاني للعام 2010 بلغ 94ر4 في المئة مقابل 16ر5 في المئة في الربع السابق فيما بلغ معدل البطالة بين الاناث 2ر22 في المئة خلال الربع الثاني مقابل 95ر21 في المئة في الربع السابق بعدما سجل 16ر23 في المئة خلال نفس الربع من العام السابق.

 

وكان وزير التجارة والصناعة رشيد محمد رشيد قد أشار في وقت سابق الى إن الحكومة لا تتوقع حدوث أى انخفاض فى معدل البطالة خلال هذا العام، خصوصا مع دخول نحو 650 ألف شخص جديد لسوق العمل سنويا.

 

وتعيش مصر على وقع مطالبات بالتغيير تقودها المعارضة التي تقول إن معدلات البطالة والفقر في ارتفاع كبير، لا سيما في أوساط الشباب، وتنتقد بشدة التقارير التي تنشرها الحكومة وتعتبرها مجرد مساحيق لتجميل وجه النظام.

 

وخلال السنوات الأخيرة، تضررت مصادر الدخل الرئيسية لمصر مثل السياحة وعائدات قناة السويس وتحويلات المصريين العاملين في الخارج جراء التباطؤ الاقتصادي العالمي لكن الاقتصاد المصري تجاوز الأزمة بصورة جيدة نسبيا مقارنة مع اقتصادات أخرى في الشرق الأوسط.

 

وكانت ورشة عمل نظمتها منظمة العمل الدولية بالاشتراك مع مديرية القوى العاملة قد كشفت مؤخرا عن زيادة معدل البطالة في مصر من 8,90 بالمئة عام 1996 إلى 9,4 بالمئة عام 2009، وأن معدل البطالة يزداد بين خريجي المدارس الثانوية، ويصل إلى نسبه 25 بالمئة و22 بالمئة من خريجي الجامعات وبالنسبة للشباب 7,6 بالمئة والفتيات 19,2 بالمئة.

 

وكشفت المناقشات أن الشباب هم الأكثر عرضة للبطالة فى سوق العمل المصرى ويمثلون 22 بالمئة من إجمالي عدد السكان و60 بالمئة من إجمالي الفئة العمرية العاملة من السكان وأكثر من 80 بالمئة من إجمالي العاطلين عن العمل.

 

وكان تقرير الأمم المتحدة عن التنمية البشرية لعام 2007 قال إن 14 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر، بينهم أربعة ملايين لا يجدون قوت يومهم، لتبقي مصر في المركز 111 بين دول العالم الأكثر فقرًا. ولم تشهد السنتين التاليتين تتغيرا ملموسا على هذا الوضع.

 

ويعيش أغلب الفقراء في مصر في محافظات الوجه القبلي، حيث تبلغ نسبة الفقراء فيها حوالي 35.2 بالمئة من إجمالي عدد السكان، بينما تنخفض نسبة الفقراء بالوجه البحري لتصل إلي 13.1 بالمئة.

 

وتعد محافظة المنوفية من أكثر المحافظات فقرًا تليها محافظة الدقهلية ثم الشرقية والقليوبية والاسكندرية والبحيرة والغربية والقاهرة والإسماعيلية.

 

وقال التقرير "أن نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر عند مستوي إنفاق دولار واحد في اليوم تبلغ 3.1 بالمئة، بينما تبلغ نسبة مستوي إنفاق دولارين في اليوم 43.9 بالمئة. وصنف التقرير أسيوط بوصفها أفقر محافظات مصر، حيث يبلغ عدد الفقراء بها 58.1 بالمئة من عدد السكان، منهم 24.8 بالمئة لا يجدون قوت يومهم، فيما تحتل محافظة بني سويف المركز الثاني، حيث يبلغ عدد الفقراء بها 53.2 بالمئة، منهم 20.2 بالمئة لا يجدون قوت يومهم. وتأتي محافظة سوهاج في المركز الثالث بنسبة 45.5 بالمئة، منهم 17.2 بالمئة لا يجدون قوت يومهم".

 

وذكر التقرير أن اللحوم والأسماك لا تدخل ضمن قائمة الفقراء التي يتناولها حوالي 51.2 بالمئة من الفقراء، إلا حسب الظروف، بينما لا يشتري 33 بالمئة منهم الفواكه، لعدم قدرتهم، بينما يكتفي 58.8 بالمئة منهم بوجبتين فقط في اليوم، فيما يعتمد 61 بالمئة من الفقراء في طعامهم علي البقوليات "الفول والعدس".

 

وأشار في المقابل إلى تضخم ثروات الطبقة الغنية في مصر التي يمثل أعضاؤها 20 بالمئة فقط من المصريين، والذين يمتلكون 80 بالمئة من الثروات، بينما يمتلك الـ 80 بالمئة الباقين من مجموع الشعب المصري 20 بالمئة فقط من الثروات. وذكر التقرير أن هناك 1 بالمئة فقط من أعضاء الطبقة الغنية يمتلكون 50 بالمئة من حجم ثروات هذه الطبقة، بينما يشترك الـ 99 بالمئة الباقون في ملكية الـ 50 بالمئة الباقية.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.