تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

لماذا على حزب الله القلق من المحكمة الدولية؟؟

يشكل حزب الله ظاهرة فريدة في عالمنا العربي والإسلامي، لأنه تمكّن وبمقومات بسيطة، ولكن بالإيمان أيضاً، من هزيمة أعتى  الجيوش في المنطقة ومرتين؛ فقد استطاع هذا الحزب الصغير دحر جيش الاحتلال الإسرائيلي عام 2000 واستطاع تحرير معظم المناطق التي كانت محتلة في جنوب لبنان. ولأن هذا لم يرق للكثيرين في لبنان والعالم العربي والغربي، فهذا  قد يعمم فكرة المقاومة، من هنا جرت محاولات عديدة للتخلص من سلاح هذا الحزب، ولكن بدت كل الأساليب عاجزة عن ذلك لأنه حزب شعبي يتجذر في أرضه وبين أهله..  وجاء  تنفيذ اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري لإحداث خضّة في الداخل اللبناني والإقليمي و محاولة لكسر المقاومة ومن تمثل ومن يقف خلفها، ولكن ذلك لم يفلح أيضا.. وكانت إسرائيل تراقب التطورات عن قرب وترى خطر حزب الله المؤمن بعقيدة التحرير والنصر يتزايد شيئاً فشيئاً.

وبما أن إسرائيل لم تقبل الهزيمة، فقد كررت الهجوم على الجنوب اللبناني في تموز عام 2006، مدعومة وبشكل علني من بعض دول الغرب والعالم العربي، وبشكل ضمني من كثيرين آخرين، في حرب طاحنة لتجريد هذا الحزب من سلاحه. واستمرت الحرب الشهيرة /33/ يوماً، صمد الحزب خلالها وكبّد العدو الغازي الخسائر الفادحة.. ولملم أنصارُ إسرائيل خيبتهم وراحوا يجترون هزيمتهم. وتأكدوا ان هذا السلاح عصي على الأعداء مهما بلغوا من القوة والجبروت.

وكعادة الجبناء في كل وقيعة، فعندما لم تفلح الحرب على حزب لله في ترويضه، لجأ هؤلاء الأعداء إلى الخديعة والمكر.. وكانت فكرة المحكمة الدولية لاصطياده. فلم يفلح البعض اللبناني المتآمر وبعض العرب المساعد والغرب المساند في اتهام سورية التي دفعت ثمن دم الحريري مرتين؛ عندما فقدته صديقاً، وعندما اتهِمت باغتياله. وتوجهت الأنظار إلى حزب الله المقاوم لتصفيته. وهذه التصفية أخذت أشكالا متعددة؛ داخلية وخارجية وبينهما.

داخلياً، بدأ التصويب المستمر من قبل فريق لبناني على سلاح حزب الله بعد حرب عام 2006، وكأن الانتصار على إسرائيل تهمة. وأطراف هذا الفريق لا تكف عن الهجوم اليومي على المقاومة، إعلامياً وسياسياً واتهامها بأنها تقف خلف كل ما يحدث في لبنان وتحذر من سلاحها، وتستخدم أي مشكلة أو حادث ولو كان عابراً للضغط على المقاومة والقول إن سلاحها غير شرعي، في تناغم مفضوح مع إدعاءات الكيان الصهيوني، سواء أكان مقصوداً أم لا.

وإذا ما تذكرنا اتهام هذا الفريق لسورية باغتيال الرئيس الحريري خلال خمسة أعوام من العاصفة الإعلامية والسياسية المستمرة والمضللة، فإن حزب الله لايستطيع أن يركن إلى أي من تأكيدات ومواقف هؤلاء سواء بشأن المحكمة الدولية ومصداقيتها المهشمة أو بشأن عدم استغلال القرار الاتهامي الذي سيصدر عنها. ..وتاريخ هؤلاء لا يطمئن سواء لجهة تعامل بعضهم مع إسرائيل، أو لجهة تنسيق البعض الآخر مع الخارج. ومحاولة ضرب شبكة اتصالات الحزب ولائحة العملاء التي تم كشفها تؤكد مخاوف حزب الله المشروعة والمبررة.

ونحن لا نتحد ث عن انتقام الطرف الآخر عبر استخدام القرار الظني ولكن عن استغلال هذا الطرف للقرار الظني لتحقيق مكاسب سلطوية وسياسية وفئوية على حساب حزب الله والمقاومة، كما فعل في الأعوام التي تلت اغتيال الحريري.

خارجياً، ليس سرّاً أن جهات كثيرة تريد رأس المقاومة بسبب تعطيلها المشروع الغربي ولاسيما الأمريكي في المنطقة. وأول الساعين إلى ضرب المقاومة إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية. والإشارة إلى اتهام حزب الله باغتيال رفيق الحريري جاءت من جهات عدة إعلامية وسياسية وعسكرية؛ فمن تقرير مجلة دير شبيغل وصحيفة لوفيغارو وكذلك السياسة الكويتية، إلى تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي غابي أشكينازي وصولاً إلى الأموال الأمريكية التي أعلن أنها صرفت في لبنان في حملة مستمرة لتشويه صورة حزب الله بأدوات ووسائل متعددة.

وعليه فإذا ما صدرت أي إشارة في قرار المحكمة الدولية عن تورط حزب الله في اغتيال رفيق الحريري، فمن سينتظر للتأكد من مصداقية الأدلة أو موثوقيتها قانونياً!! بالتأكيد سيتم استغلال أي قرار سيصدر عن المحكمة بشكل فوري للانقضاض على حزب الله لإنهاكه وتخريب مصداقيته في ذهن المواطن اللبناني والعربي والإسلامي الذي لطالما أيد الحزب في حربه ضد العدو الإسرائيلي. وهل ستقف إسرائيل ومن له مصلحة في تشويه صورة الحزب المقاوم عند اتهام ـ لا سمح الله ـ أي فرد من أفراده ومحاكمة هذا الفرد أم سيتم توجيه الاتهام إلى كل الحزب وقياداته ومؤسساته ومن يدعمه ويؤيده ويسانده محلياً وعربيا ودولياً؟؟

بالتأكيد، يحق لحزب الله أن يقلق من القرار الظني والمحكمة المسيّسة والغايات الدولية التي تقف خلف إنشائها، ومن حقّه أيضاً أن يتخذ كل الاحتياطات لتدارك تبعات مثل قرار كهذا قد يصدر لاحقاً. وهو ـ حزب الله ـ محقّ في شنّ حملة استباقية لكشف زيف المحكمة الدولية وفضحها، لاسيما وأنها تسير في عملية البحث عن الحقيقة بطريقة لم يسبق لمحكمة في العالم أن اتبعتها، وذلك عبر تسمية متهم ثم البحث عن الأدلة لتثبيت الاتهام. لاسيما أيضاً وأن هذه المحكمة لم تقترب من إسرائيل رغم المصلحة الإسرائيلية الواضحة في اغتيال الحريري وإزاحته من خلف المقاومة، ورغم الأدلة الكثيرة التي تشير إلى تورط إسرائيل وقدرتها على تنفيذ الجريمة سواء عبر الدخول على ملف الاتصالات اللبنانية أو التنفيذ عبر العملاء... الحرب على حزب الله مستمرة ومن قبل نفس الأشخاص والجهات، ولكن تغيرت الوسائل والطرق ليس إلا..

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.