تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

هرج في بيروت وهدوء في دمشق!!

ضجت بيروت بإعلامها وسياسييها ونوابها بخبر مذكرات التوقيف الغيابية التي أصدرها القضاء السوري في دعوى اللواء الركن جميل السيد بحق عدد من المتهمين بفركة ودعم وحماية شهود الزور.

كل فريق الرابع عشر من آذار تناوب على وسائل الإعلام أمس. لم يبق أحد تقريباً لم يشارك في وليمة الهجوم على سورية أو القرار القضائي السوري. عجّت وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية ببيانات هؤلاء وانتقاداتهم وتحليلاتهم ورؤيتهم لما "وراء" الخطوة السورية وأبعادها.

وفيما بدا الحذر العلني لنواب تيار المستقبل ورئيسه سعد الحريري، أكد هؤلاء على العلاقات مع سورية ولكنْ؟! ولكنَّ الخطوة السورية وصفت بالانتكاسة.

الطبل في بيروت والعرس في الشام.. هكذا يقولون. وبدا هذا الكلام صحيحاً بالأمس.

فأصحاب الرؤوس الحامية لم تبرد رؤوسهم بعد منذ العام 2005. هم دائماً على حق، والآخرون مخطئون..هم يريدون الحقيقة وغيرهم لا يريدها..هم وحدهم يعرفون مصلحة لبنان ويريدونها وغيرهم لا يعرف شيئاً.. إذا وافق الموقف السوري مصالحهم وأهواءهم وغاياتهم كان موقفا عروبياً ويخدم مصالح لبنان ومستقبله. أما إذا لم ينسجم الموقف السوري مع ما يريدون، فيصبح الموقف السوري مضراً بالعلاقات السوريةـ اللبنانية وبالعلاقات العربية وربما يصبح سبب ارتفاع حرارة الكرة الأرضية وتغيير المناخ الكوني.

لعلّ المذكرات الغيابية السورية أدت إلى ارتفاع حرارة البعض في لبنان نتيجة الخوف مما اقترفت يداه في الماضي بحق سورية والعلاقات اللبنانية السورية وبحق الشعب اللبناني عبر تلفيق شهود الزور وعبر علاقاته المشبوهة بالغرب وإسرائيل والمحكمة الدولية المسيّسة من رأسها إلى أخمص قدمها.

ثمّ، لماذا على سورية ان ترفض دعوى اللواء جميل السيد الذي وقف إلى جانب سورية عندما كان في السجن ظلماً يتعرض للضغوطات والترغيب والترهيب لينضمّ إلى جوقتهم التي كانت تشنّ أعتى عاصفة لتأكيد اتهام سورية باغتيال الرئيس رفيق الحريري؟؟

ولعل البعض في لبنان أيضاً، اعتبر تغير المناخ بين سورية والرئيس سعد الحريري يعني حكماً إلغاء الاستنابات السورية بحقّه، وقد راهن على الأمر، ولذلك عندما صدرت مذكرات التوقيف أذهله الموقف.

<<سورية تتعامل عبر القضاء، لماذا لا يردّون عبر القضاء>>

غريب أمر البعض في لبنان؛ إذا تدخلت القيادة السورية لدى القضاء السوري ـ وهي لن تتدخل وغير قادرة على ذلك ـ لوقف الاستنابات والمذكرات الغيابية عندها يكون القضاء السوري غير مسيّس ونزيه وعادل لأنه يخدم مصالحهم، وتكون القيادة السورية تحب لبنان وتغير على مصالحه. أما إذا واصل القضاء السوري عمله بحياديّة ونزاهة وقام بما عليه في إطار القانون والتشريعات، فإنه يصبح مسيّساً وغير عادل ويمسّ "بهيبة الدولة اللبنانية وسيادتها" و"تجاوز للقانون والأصول والدبلوماسية"... إلى آخر التهم التي نعته بها أركان قوى الرابع عشر من آذار.

المثل يقول: الذي  بيته من بللور لا يرمي بيوت الآخرين بالحجارة. وإذا كنتم في بلدكم لا تثقون بالقضاء لديكم واتجهتم إلى العالم لإيجاد محكمة دولية لحل مشاكلكم، فنحن نؤكد لكم أننا نثق في القضاء السوري واستقلاليته، وهو لايحتاج شهادة منكم، ومن أنتم لتعطوا أو لتحكموا على القضاء في سورية الدولة المحترمة وذات السيادة والتي يقف العالم عند أبوابها احتراما لهيبتها طالباً مساعدتها.

نؤكد للبعض في لبنان أن الضجيج وافتعال القصص وتضخيم الأمور وتكبيرها لا يجدي. أنتم اعتبرتم المذكرات السورية سياسية، إذن أنتم من سيّسها. سورية أرسلت منذ فترة استنابات وفق المعاهدات القائمة بين البلدين، وقضاؤكم تجاهلها حتى الآن. ولم يتم تبليغ أحد من المشمولين بتلك الاستنابات، فضلا عن ان القضاء اللبناني رفض في الأساس قبول ان يدعي اللواء جميل السيد لديه فلجأ الى القضاء السوري..  لماذا لم يتم التعامل منذ البداية مع الاستنابات السورية "قضائياً" تماماً وترك الأمور للقضاء في البلدين ليقول كلمته.

أنتم تطالبون بعلاقات بين البلدين، من دولة لدولة.. تمرّ عبر المؤسسات، أليس الطلب السوري يجري عبر المؤسسات؟؟ أليس من الأفضل الرد عبر المؤسسات وليس عبر وسائل الإعلام؟؟ أم أن الأمور " استنسابية" كما يحلو لكم، وعندما تريدون؟؟

بالأمس، اجتمع مجلس الوزراء اللبناني وناقش موضوع مذكرات التوقيف الغيابية السورية من خارج جدول أعماله. صرخ وزراء الرابع عشر من آذار كثيراً داخل الجلسة وهوّلوا وخمّسوا وسدّسوا وطالبوا بإصدار بيان إدانة.. لكنّه كان في الجلسة من يفكر ورأسه بارد ولا يخاف من عواقب مذكرات التوقيف؛ الرئيس "الوسطي" ميشال سليمان الذي أوجد مخرجاً بسيطاً: أحال الموضوع إلى عهدة وزير العدل اللبناني إبراهيم نجار ( حزب القوات اللبنانية) الذي قال أن الأمور تحتاج لأنْ تناقش برويّة وإن أخذت وقتاً.

إذن، عاد الموضوع إلى حجمه الطبيعي، وإلى مكانه الطبيعي ليبتّ بأمره عبر القضاء في البلدين.. هي كلمات بسيطة وتقفل المشكلة.. إذن، لماذا كل الضجيج والصراخ والتأويل والقال والقيل؟!

المسألة ليست مذكرات التوقيف. المسألة هي أن أسلوب هذا الفريق قائم على التهويل والتخويف ونسج القصص واختراع أشياء ما انزل الله بها من سلطان. يريدون ان يسخّروا كل شيء لخدمة أهدافهم ومصالحهم؛ الحرب على المقاومة والعلاقات السوريةـ اللبنانية والعلاقات السعوديةـ اللبنانية وكل ما يبقيهم في السلطة وليغرقَ الجميع من بعدهم بالطوفان. يريدون أن يحكموا لبنان وفق أي منطق يبقيهم في الحكم، وكفى.

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.