تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

فيروز تفتح فجوة للأمل في جدار الحزن البيروتي

مصدر الصورة
sns - يو بي آي

 

محطة أخبار سورية

لم يكن الوصول هيناً إلى "البيال" قرب مرفأ بيروت، فقد أقفلت السيدة فيروز الطرقات وتقاطر المحبون يلهبون ظهر الأرصفة مشياً ووشوشات، يقصدون الصوت الذي لم يترك في صباحاتهم إلاّ الأمل في وطن ناشه اليأس والشقاء السياسي.

 

لا أحد إلاّ هذه المرأة- الإيقونة يمكنه أن يجعل الناس والريح والبحر والليل والعالم العربي يزحف بصمت وحنان مثيرين، للجلوس خاشعاً أمام صلاة لم تعرف يوماً إلاّ المحبة.

 

مساء الخميس خرجت فيروز من عتمة الكواليس إلى بقعة ضوء شفيف يرقبه سبعة آلاف عاشق أتوا من كل فج عميق، من لبنان والعالم العربي لتغني للناس من ألبومها الجديد "إيه في أمل" الذي وقعه ابنها زياد، العلامة الأكثر التصاقاً بأوردة الناس ..بادئة منه تباشير الندى.

فيروز، التي أطلّت على جمهورها الكبير في وسط بيروت للمرة الأولى بهذا الحجم منذ العام 1994 عندما غنت، في مرحلة إعادة إعمار المدينة التي هدمتها الحرب "1975 ـــ 1990" ، فيما كانت أطلت عليه لأخر مرة في مهرجانات بعلبك بمسرحية "صحّ النوم" العام 2006،كانت تحيك شالات الحاضر عبر أغاني زياد، وفساتين الماضي البهي في نوستالجيا زوجها عاصي وشريكه وأخيه منصور.

 

لم تكن السيدة في خرجتها الجديدة إلاّ نورا يضيء سنواتها السبعين زائد خمسة، فنهاد حداد المولودة في الحادي والعشرين من شهر تشرين الثاني-نوفمبر من عام 1935 في منزل صغير بمنطقة زقاق البلاط في بيروت شعّت في دروب وبيوت وحقول ومعامل الذين حضروا والذين لا يقدرون على الحضور، وتركت لهم صدى على جدران غرفهم الصغيرة.

 

لم يكن الحضور ناطراً إلاّ هذه المرأة وهذا الضوء . من بعدِ موسيقى "عطل وضرر" التي افتتحت الحفل بها بقيادة المايسترو هاروت فازيليان، لتبدأ تحيتها على طريقتها إلى ابنها زياد الذي ترك بصماته على الحفل برمته وغاب بداعي المرض، مستهلة بـأغنيته وأغنيتها "سلّملي عليه" لترتفع الأيدي التي لا تتعب بالتصفيق.

 

أغلقت فيروز القسم الأول من حفلها على الرحباني الإبن فقدمت من جديدهِ "إيه في أمل" و" الله كبير" و"كبيرة المزحة هي" و" قايل قال" ومن قديمه " سلملي عليه" و "كيفك أنت" و" اشتقتلك".

 

وكان الحضور تقاطروا قبل الدخول إلى الحفل، وبعده لمن جاء متأخرا، لشراء الألبوم الجديد الذي يضم 12 أغنية لفيروز بينها مقطوعتان موسيقيتان لزياد هما "تل الزعتر" و "ديار بكر" مع كل ما تحملانه من التفات سياسي يضاف إلى الأغنية- عنوان الألبوم" إيه في أمل".

 

بين القسمين سألتُ عادل إمام الذي كان مقدمة الحضور، وبينهم وزير الطاقة جبران باسيل والسياحة فادي عبود، عن وجوده في بيروت فقال إنه يصوّر بعض المشاهد لفيلمه الجديد في لبنان وإنه مسافر اليوم الجمعة، ولذلك أصرّ على الحضور إلى فيروز.

 

وفي الاستراحة أيضاً تخوّفت إحدى الصبايا من أن لا تغني فيروز من قديمها الرحباني بعد الإشكالات التي حصلت مع ورثة منصور وأدت إلى ضجة إعلامية، لكن القسم الثاني من الحفل كان انتقاء رهيفاً لأغنيات لا صباحات من دونها.

 

وكان ملفتاً جدا نسبة الحضور الشاب في هذا الحفل الكبير، حتى ليبدو أن فيروز تروق للابسي "الجينز" وثياب السهرة الفاخرة معاً، كاستثناء صوتي ولحني ونصي عابر للأجيال، حيث كانت شابة كويتية تخبر أترابها أنها أتت الليلة لتحضر فيروز..فيروز فقط وتعود إلى بلادها .

 

وبدأت فيروز قسمها الثاني بالأخوين وتوزيع الابن "ياريت" و"حمرا سطيحاتك حمرا" و " وطى الدوار" و القديم القديم في "بعدنا" مثل ماء ينسكب من وطى الدوار يذيب ثلج التمني في ياريت ليضيء سهرات السطيحات اللبنانية التي نسيها أهلوها، ولتختم بأغنية " أمي نامت ع بكير" من مسرحية " بياع الخواتم" التي قدمت عام 1964 في مهرجان الأرز، وفي معرض دمشق الدولي في العام نفسه، ثم صارت فيلماً سينمائياً.

 

ولم تكد تختم السيدة أغنيتها حتى حيّت الجمهور وانسحبت بخفرها المعهود، لكن هؤلاء الآتين ليجتمعوا بالمدى واللون لم يتزحزحوا، مصفقين ومغنين، فعادت فيروز إليهم ليقفوا جميعاً يعيدون معها إنشاد "أمي نامت ع بكير" من جديد، لتلتفت إليهم فيروز ضاربة لهم موعداً اليوم،.. وفي أيام أخرى عبر أغنيتها "بكرا برجع أوقف معكن".

 

"إيه في أمل" ومدلولاته القاهرة ليأس النوم والموت، وزياد في " لولا فسحة الأمل " والمسرحي السوري الراحل في جملته الشهيرة "إننا محكمون بالأمل" وهذه السيدة التي لا تني تغرف من معبد الصوت والبحر إلى بيدرها..نعم مع صوتها وبحتها " في أمل" ولو كره الساسة والكارهون..

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.