تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

إسرائيل تستعيد ذكريات حرب 1973 وتحاول استيعاب دروسها

 

محطة أخبار سورية

تمثل الحرب العربية -الإسرائيلية في العام 1973 بالنسبة الى الكثير من الإسرائيليين، كما تقول صحيفة "ذي انترناشنال هيرالد تربيون" الاميركية، اشد اللحظات التاريخية المرعبة، عندما اعتقدت دولة صغيرة غير مستعدة ان الدول المجاورة تنظر اليها على انها حصن منيع لا يمكن اقتحامه، وتعرضت لهجوم مدمر ودافعت عن نفسها بشق الانفس وبلكفة عالية الى ان وصل العون الاميركي في اللحظة الاخيرة .

 

وفي الاسبوع الماضي رفع غطاء السرية عن المناقشات المكتومة التي دارت بين كبار القادة الاسرائيليين في الايام الاولى لتلك الحرب وران الذهول على افراد الشعب في اسرائيل.

 

ومرت الايام والصحافة واللقاءات التلفزيونية تتساءل عما اذا كانت شخصيات رئيسة قد استوعبت الدروس المفيدة حتى ان مقدم البرامج الاسرائيلي يارون ديكل بدأ برنامجه السياسي الصباحي بقوله: "احييكم يا رئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس هيئة الاركان المقبل تحية الصباح، واسألكم هل قرأتم محاضر جلسات حرب عيد الغفران؟. هل تغيرت الاوضاع خلال هذه السنوات الـ 37 التي مرت على الحرب؟ هل اختفت الغطرسة والثقة الفائقة بان لدينا افضل جيش في العالم؟".

 

وتدل تلك المحاضر على ان وزير الدفاع انذاك موشيه ديان، قد وصل به اليأس الى اسوأ درجاته، وهو يشاهد الدبابات السورية تنهب الارض في اتجاه الجليل لا يعوقها شيء، وادرك ان قراءته للدلائل كانت خاطئة.

 

ونقل عنه قوله في ساعة مبكرة من الاجتماع مع رئيسة الوزراء الاسرائيلية غولدا مئير واخرين: "لم أقدر قوة العدو حق قدرها. وبالغت كثيرا في تقييم قوة جيشنا. الجنود العرب افضل كثيرا مما كانوا عليه"، ثم اضاف: "كثيرون سيقتلون".

 

وفي بحثه عن خيط النجاة، اقترح تجنيد رجال أكبر سنا وجلب يهود من الخارج.

 

اما غولدا مئير فكانت تفكر في القيام برحلة سرية الى واشنطن لاقناع الرئيس انذاك ريشارد نيكسون بتقديم العون.

 

واستفسر احد الزملاء عما كانـت تأمل في تحقيقه من وراء تلك الزيارة.

 

فردت قائلة: "فلندعه يقرر اعطاءنا ما يختاره هو. هل لديه دبابات في اوروبا؟ لعله يساعدنا بها. هل تريدون طائرات فانتوم؟ لعله يمنحنا اياها. لندعه ينظر في هذا الوضع وهو في موطنه، من دون ان نريق دماءنا الى ان يسمح باعطائنا صاروخا واحدا".

 

لكن مئير في النهاية لم تذهب الى واشنطن. وقد تمكنت بعد مناشدات الى وزير الخارجية الاميركية انذاك هنري كيسنجر من اقناع نيكسون بارسال معدات وذخائر جوا كان لها فضل كبير في تغيير الوضع لصالح اسرائيل خلال الحرب التي دامت 20 يوما.

 

وعلى الرغم من ان اسرائيل انتصرت في تلك الحرب، فقد كان الهجوم المفاجئ والنصر الذي اوشكت مصر وسوريا على تحقيقه وركزتا عليه، هو الذي دفع مصر الى ابرام صفقة سلام مع اسرائيل بعد خمس سنوات من تلك الحرب مقابل استرداد سيناء.

 

وتركز معظم المناقشات الاسبوع الماضي في اسرائيل على قناعة رئيس اركان الجيش الاسرائيلي آنذاك ديفيد اليعازار بان الحرب آتية لا محالة، وحث على تعبئة القوات والقيام بضربات استباقية ضد القوات المصرية والسورية المحتشدة على الحدود. ولكن دايان ومئير رفضا ذلك ليس لانهما كانا يخشيان من ان الجيران سيخاطرون باشعال نار الحرب فحسب، بل لانهم ايضا يخشون ان الغرب سيتهم اسرائيل بالعدوان.

 

وفي الوقت ذاته فانه ليس في الامر عجالة للتوصل الى حل دبلوماسي لمشكلة الاراضي التي احتلتها اسرائيل في حرب العام 1967: سيناء وغزة من مصر، ومرتفعات الجولان من سوريا، والضفة الغربية والقدس الشرقية من الاردن.

 

واختلف المعلقون في استخلاص دروس مختلفة من الحرب.

 

ففي كلمتها الافتتاحية قالت صحيفة "هآرتس" اليسارية الاسرائيلية تحت عنوان "جراح قديمة، دروس جديدة" ان قادة العام 1973 "فشلوا في معرفة حدود اسرائيل في استخدام القوة، والاشكال التي قد ينفذها العدو في عملياته".

 

وقالت ان "اسرائيل متكئة على أمجاد انجازاتها وانتصاراتها العسكرية في حرب الايام الستة، فشلت في بذل جهود حقيقية وجريئة لاستبدال الاراضي مقابل السلام والامن".

 

وادلى رئيس الاركان الاسرائيلي الجنرال غابي اشكينازي لصحيفة "معاريف" الاسرائيلية بتصريح الجمعة قال فيه "انني اعتقد ان فشل الاستخبارات ومشاعر الشكوك المحيطة بالوجود التي حملتها الينا الحرب كانت دروسا مهمة بالنسبة الى الهيئة العسكرية وللمسؤولية الواسعة التي تقع على عاتقها. وهذا يفسر الجهود لزيادة القوة والقدرة العسكرية. وهذا هو السبب الذي يدفعنا بعد 62 عاما من الاستقلال الى الاستمرار في الاحتفاظ باحتياطي الجنود".

 

اما العالم الاسرائيلي حزقال درور فتحدث للاذاعة الاسرائيلية عما يعتبره امراً يستحق الاشارة اليه في المواد التي اطلقت مع المستندات التي رفع عنها ستار السرية اخيرا. وقال انه عندما بدأت حرب 1973 كانت القيادة الاسرائيلية غير بعيدة عن التدمير على ايدي اعدائها. فهي لم تر في المعركة هدف الحرب الحقيقي، الذي قال انه كان الضغط على اسرائيل لاعادة الاراضي المحتلة.

 

وقال انهم "أدركوا ان ليست هناك امامهم فرصة لتدمير الاسرائيل. فاستخدموا الحرب لغرض سياسي. اما سبب عدم ادراكنا ذلك فهو اننا لم نكن نفكر سياسيا. ومن لا يدور في رأسه الا الجانب العسكري لا يدرك ان الجانب الاخر يرى الجيش كوسيلة سياسية، ليس بهدف الاحتلال وانما لتحقيق صفقة افضل بالنسبة الى سيناء".

 

وقال ايضا انه عندما حاول الاسطول التركي في أيار (مايو) الماضي كسر الحصار الاسرائيلي على غزة، جاء استخدام الحكومة للقوة العسكرية ونتائجها المميتة. قال ان القيادة تحتاج الى المهارة والصفاء. واعتبر اسلوب مسيرة السلام مع الفلسطينيين كمثال على ذلك، واضاف: "المسألة الرئيسة هي أن الغموض يحيط بما تريده اسرائيل".

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.