تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الحناشي: كل عام وخيباتنا أقل في فلسطين

 

د. عبد اللطيف الحناشي

تمثل سنة 2010 نهاية العقد الأول من الألفية الثالثة، وكان الأمل يحدو الكثير من المحللين والمتابعين للشأن الفلسطيني أن تكون تلك السنة سنة الخلاص والسلام حتى بصيغته الدنيا، غير أن سنة 2010 لم تختلف في جوهرها عن السنوات العشر من هذه الألفية الجديدة، إذ استمرت الخيبات في فلسطين وتضاعفت واتسع مجالها: فمن خيبة المفاوضات إلى مضاعفة مصادرة الأراضي وتوسع مجال الاستيطان في الضفة والقدس، إلى تواصل محاصرة غزة وتجويعها.. إلى استمرار الخلاف العبثي بين فتح وحماس وتقلص مظاهر مقاومة العدوّ الصهيوني ووعود القيادات الرسمية الفلسطينية "المفلسة" بقيام الدولة الفلسطينية خلال هذه السنة... إلخ.

 

سنحاول من خلال هذه البانوراما رصد وتحليل أهم الأحداث والمواقف التي عرفتها القضية الفلسطينية خلال سنة 2010 وتحديد أهم نضالات الشعب الفلسطيني وأهم مظاهر عنف الدولة الصهيونية وأشكاله المختلفة التي طالت الأرض والبشر..

 

التسوية السياسية

 

مثلت سنة 2010 نهاية وهم السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، هذا السلام الذي صِيغ على خلفية اتفاقيات أوسلو 1993 وتفاصيلها المختلفة. ويُحمّل أغلب الملاحظين مسؤولية هذا الفشل لحكومة اليمين واليمين المتطرف، ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو الذي عبث بشكل المفاوضات ومضمونها، كما أراد ورغب، وعاكس حتى أسياده في الإدارة الأمريكية: فمن شرط الاعتراف بإسرائيل كدولة لليهود وعدم إيقاف الاستيطان، إلى عدم التزام بمرجعية واضحة للعملية السلمية، إلى إغراق المفاوضات بتفاصيل جزئية وشكلية، لحرفها عن هدفها الحقيقي الذي يتمثّل في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي على حدود الرابع من حزيران 67 وإقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة..

 

أما الطرف الفلسطيني المفاوض، برئاسة محمود عباس، فتمسك بمطالبه التي تمثلت خاصة في التجميد الكامل للاستيطان واستئناف المفاوضات من حيث توقفت إبان حكومة أولمرت وإدارة بوش، والمطالبة بالتزام نتنياهو بالاتفاقيات الموقعة بين الطرفين سابقا. وفي الوقت الذي عمل الطرف الفلسطيني على توفير غطاء عربي للاستناد عليه كمحاولة للتخفيف من وطأة الضغوط الأمريكية والأوروبية عليه، تجاهل المفاوض الفلسطيني الإمكانيات والخبرات النضالية لشعبه، إذ لو اعتمد على جزء منها لساعده ذلك ربما على الضغط على إسرائيل وحلفائها...

 

وبعد هذا الفشل، ولمواجهة المرحلة المقبلة، أعلن محمود عباس أن لديه خيارات سبعة من شأنها تحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية. وتتمثل هذه الخيارات في الاستمرار في المفاوضات بشرط الوقف التام للاستيطان، ومطالبة الجانب الأمريكي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في حدود الرابع من جوان/ حزيران1967، والتوجه إلى مجلس الأمن للاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 ومطالبة الجانب الأمريكي بعدم استخدام حق النقض الفيتو، والتوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ضمن البند المعروف باسم تحالف من أجل السلام الذي تتخذ فيه قرارات الجمعية صفة إلزامية مثل قرارات مجلس الأمن، ومطالبة الأمم المتحدة بوضع فلسطين تحت الوصاية الدولية ووقف تطبيق الاتفاقات الموقعة مع "إسرائيل"، وحل السلطة، وبالتالي وضع إسرائيل أمام مسؤولياتها كدولة احتلال..

 

وتجاوبت بعض دول أمريكا اللاتينية مع أحد هذه البنود واعترفت لحد الآن البرازيل والأرجنتين بفلسطين "دولة حرة مستقلة داخل حدود 1967"، وعبرت الأوروغواي الشريكة الثقيلة الوزن في أمريكا الجنوبية، عن نيتها الاعتراف بـ"دولة فلسطين"خلال سنة 2011 الأمر الذي دفع الحكومة الصهيونية للاستنفار لمواجهة هذا الشكل الجديد من "الحرب" التي تمارس ضدها ثم تهديد السلطة الفلسطينية بقائمة من العقوبات التي يمكن أن تسلطها عليها في حال قيامها بخطوات من جانب واحد...

 

خطة ليبرمان

 

وبموازاة ذلك، ولمزيد من التسويف طرح وزير الخارجية الصهيوني ليبرمان مؤخرا خطة سياسية- اقتصادية قال إن الهدف منها هو "تسوية مؤقتة مع الفلسطينيين". ويسعى للمصادقة على خطته من قبل المجلس الوزاري السباعي، وذلك قبل عرضها على الحكومة الأمريكية في الشهور القريبة المقبلة كموقف يمثل دولة إسرائيل.

 

تستند هذه الخطة إلى زيادة حجم التعاون بشكل ملموس بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في مجالات الأمن والاقتصاد، وذلك بهدف تثبيت استقرار الأوضاع في الضفة الغربية، كما يقول ليبرمان، وزيادة التعاون الأمني مع السلطة الفلسطينية قبل تسليمها المزيد من المسؤوليات الأمنية. ويدّعي ليبرمان أن خطته ستعمل على "تعزيز الاقتصاد الفلسطيني، من خلال محفزات اقتصادية مختلفة، وتخفيف القيود على حرية التنقل بين المدن الفلسطينية".

 

أما هدفه من كل ذلك فهو أن "يصبح الاقتصاد الفلسطيني مماثلا لاقتصاد إسرائيل، الأمر الذي يسمح بتجدد المفاوضات السياسية للوصول إلى حل دائم"، ودون الدخول في تفاصيل هذا الموقف العنصري واستحالة تمكن وصول الاقتصاد الفلسطيني إلى وضعية الاقتصاد الإسرائيلي في المدى المنظور، بسبب الاحتلال، نشير فقط إلى أن نمو الاقتصاد القومي في إسرائيل قد تضاعف منذ أوسلو وحتى اليوم بأكثر من 12 مرة، أما معدل دخل الفرد فيها فيساوي 20 مرة أكثر من دخل الفرد الفلسطيني في الضفة الغربية لوحدها.

 

صراع الإخوة الأعداء وتداعياته

 

يبدو إلغاء الانتخابات البلدية التي كانت مقررة في 17 من شهر جويلية/ يوليو 2010 من قبل السلطة الفلسطينية بحجة "تمهيد الطريق أمام إنهاء الحصار على غزة ولخدمة الجهود المتواصلة من أجل تحقيق الوحدة" أمرا خطيرا حسب أغلب المحللين السياسيين؛ فهو غير قانوني وغير مقبول، كما تسبب في إلحاق المزيد من الضرر بالحقوق الديمقراطية، وعَرض مصالح الشعب الفلسطيني للسخرية خاصة بعد تعطيل عمل المؤسسات التشريعية، كما عبر عن ذلك الدكتور مصطفى البرغوثي رئيس لجنة المبادرة.

 

أما الوجه الآخر في الصراع فيبدو أخطر وأمرّ، إذ تبدو السلطة في هذا الخلاف وكأنها في تحالف موضوعي مع العدو الصهيوني فهي تطارد رجال حركة الجهاد الإسلامي وحركة حماس وتعتقلهم وتسجنهم، بل تقتلهم. وفي هذا الإطار أوضح بيان صدر عن حركة حماس أن السلطة الفلسطينية نفذت أكثر من 3000 حالة اعتقال سياسي في الضفة الغربية المحتلة خلال سنة 2010، ومن بين المعتقلين نحو 1404 من الأسرى المحررين من سجون الاحتلال و49 إماما من أئمة المساجد و24 أستاذا جامعيا و36 صحفياً و32 عضو مجلس بلدي و417 من التلاميذ الطلبة الجامعيين و9 من المحامين. كما اعتقلت 7 نساء واستدعت 19 أخريات، وقامت بمحاكمة أكثر من 90 معتقلا سياسيا أمام محاكم عسكرية، فيما أقدمت على تسليم الاحتلال 37 صهيونياً دخلوا الضفة الغربية بما يسمى الدخول الخطأ، فيما اعتقل الاحتلال 195 فلسطينيا فور الإفراج عنهم من سجون سلطة فتح حسب بيان الحركة.

 

ولكن ماذا عن ممارسات حركة حماس تجاه أفراد ومناضلي فتح؟ تتهم حركة فتح، في قطاع غزة، حركة حماس عبر الحكومة المقالة وأجهزتها الأمنية، وعبر كتائب القسام الجناح العسكري للحركة، بتنفيذ قرابة 3120 حالة اختطاف واستدعاء سياسي بحق قيادة وكوادر وأنصار الحركة في غزة خلال العام الماضي 2010، وتم اختطاف واستدعاء سبعة من أعضاء المجلس الثوري للحركة ومنعهم من السفر، إضافة إلى اختطاف واستدعاء 1551 "فتحاويا" من أمناء سرّ الأقاليم وأعضاء لجان الأقاليم، وقيادة المناطق والشُعب التنظيمية في أقاليم القطاع الثمانية، واختطاف 712 من أفراد وضباط الأجهزة الأمنية الشرعية، واختطاف 420 من قيادة الشبيبة وأفرادها، و120 حالة اختطاف لقيادة وأفراد كتائب شهداء الأقصى ومصادرة سلاحهم؛ كما أصدرت محاكم حماس بحق 213 من كوادر الحركة عقوبات تراوحت بين السجن لسنوات وبين الإعدام، وأغلقت 32 مؤسسة وجمعية وناديا رياضيا، ومصادرة محتوياتها..

 

ويستمرّ حصار غزة رغم التنازلات

 

واصلت سلطات الاحتلال حصارها المفروض على قطاع غزة منذ سنوات، مانعة بذلك إدخال المواد الغذائية والطبية الضرورية، أما جهود إعادة الإعمار فتبدو محدودة بسبب القيود المفروضة على إدخال مواد البناء. فمنذ فشل العدوان الإسرائيلي على القطاع نهاية 2008 وبداية 2009 وتمكّن المقاومة من إجبار الإسرائيليين على الانسحاب دخل القطاع في هدنة فعلية غير محددة، وكفّت قوى المقاومة برعاية حركة حماس، هذه الأخيرة على إطلاق الصواريخ ضد إسرائيل لإجبارها على فك الحصار...

 

وإن حقق العدو الصهيوني أحد أهم أهدافه الآنية المتمثلة في "سيادة" الهدوء على "جبهة" غزة دون رفع الحصار عن القطاع، فإن المقاومة اعتمدت على شكل نضالي آخر لتحقيق بعض أهدافها، وذلك بمساندة جبهة التضامن العالمية التي تسيّر السفن والقوافل وتقديم المساندة والدعم لسكان غزة وتطالب برفع الحصار عنهم، وقد مثلت العمليات الرمزية تلك إحدى أهم الوسائل الذكية والناجعة التي فضحت السلوك الهمجي غير الإنساني للعدو الصهيوني، ومقابل ذلك ضاعفت تلك الحملات تعاطف قطاعات واسعة من الأوروبيين والأمريكيين مع القضية الفلسطينية..

 

تنوع المقاومة بين غزة والضفة

 

بالرغم من الهدوء النسبي الذي ساد قطاع غزة منذ انتهاء الحرب الهمجية الصهيونية، إلا أن اعتداءات الاحتلال لم تتوقف ضد الفلسطينيين تماما مثلما لم تتوقف المقاومة أو تستكين. ففي غزة اتخذت المقاومة المسلحة أشكالا مختلفة، فحسب المعطيات الرسمية التي قدمها المكتب الإعلامي لكتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، فإن هذه الأخيرة تمكنت خلال سنة 2010 من تنفيذ العديد من العمليات البطولية، والتي أسفرت عن مقتل سبعة صهاينة، وإصابة سبعة آخرين 3 منهم في حالة الخطر، كما أشارت كتائب القسام إلى أن عدد قتلى العدو جراء عمليات المقاومة خلال عام 2010م كان تسعة قتلى، سبعة منهم لقوا حتفهم على يد الجناح العسكري لحركة حماس. وأشارت الكتائب في الإحصائية الصادرة عنها مؤخرا إلى استشهاد ثمانية من عناصرها اغتالتهم قوات العدو الصهيوني، منهم خمسة في الضفة المحتلة، واثنان في قطاع غزة، وشهيد في الخارج.

 

أما سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، فقدمت أثناء سنة 2010، اثني عشر شهيدا، وأطلقت العشرات من القذائف باتجاه أهداف للعدو الصهيوني، وقتلت جنديين وإصابت آخرين.

 

ويتبين من إحصائية أعدها "الإعلام الحربي" التابع للسرايا، استشهاد 6 من مقاتليها في عمليات قصف نفذها الطيران الحربي والمدفعية الصهيونية، استهدفتهم خلال تنفيذهم مهام جهادية بالقرب من حدود قطاع غزة، فيما استشهد 5 آخرون خلال تصديهم لتوغلات كانت تنفذها وحدات خاصة وقوات عسكرية على طول حدود المناطق المحاذية للجدار الالكتروني..

 

وفي إطار تصديها للعدوان تمكنت سرايا القدس من قتل 2 من الجنود الصهاينة أحدهم ضابط برتبة "رائد" وذلك خلال اشتباكات عنيفة دارت شرق بلدة عبسان الجديدة شرقي خان يونس واستشهد خلالها 2 من المجاهدين وأحد المواطنين في قصف عنيف طال المنطقة بعد قتل الجنود، وقد أُطلق على العملية اسم "استدراج الأغبياء". كما تمكن مجاهدو السرايا من إصابة جنديين آخرين في عمليتين منفصلتين وأطلقت وحدة المدفعية التابعة للسرايا 44 قذيفة هاون باتجاه تجمعات لآليات وجنود صهاينة، ووحدات خاصة كانت تتوغل داخل أراضي المواطنين الفلسطينيين...

 

من قال إن الضفة هادئة فهو مخطئ

 

لا شك أن اتفاقيات أوسلو 1993 قد أفادت إسرائيل كثيرا على جميع المستويات، إلى درجة أن احتلالها للأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس أصبح مريحا جدا ولم يعد مكلفا على حساب الاقتصاد الإسرائيلي، إنما على حساب الفلسطينيين وبتمويل من المجتمع الدولي الذي يضخ الأموال لميزانية السلطة الفلسطينية.

 

وأمام انعدام المقارنة بين موازين القوى بين الجانبين وتزايد الإجراءات الأمنية الإسرائيلية وتنوعها، كشق عشرات الطرق وإنشاء أكثر من 700 حاجز في مختلف أماكن الضفة الغربية ونشر عدد هائل من الكاميرات على كل الطرق الالتفافية التي يستخدمها المستوطنون، كان على الفلسطينيين في الضفة أن" يبدعوا" وسائل نضال جديدة من شأنها أن تجعل الاحتلال أكثر إيلاما وأكثر تكلفة.. فكانت المواجهة مع الاحتلال عبر التظاهرات والمسيرات التي يتخللها قذف الحجارة.. بدأت تلك الأشكال النضالية منذ سنة 2002 في مناطق محددة ثم اتسعت وكبرت وباتت تشمل مناطق كثيرة في الضفة الغربية وتأخذ أشكالاً مختلفة في بلعين ونعلين والمعصرة وبدرس وبورين وعراق بورين. وتنطلق كل أسبوع المسيرات والتظاهرات والمواجهات بشكل منظم: فيوم الجمعة هناك 7 مناطق تتحرك ضد الجدار، في حين تتحرك منطقتين يوم السبت ومنطقتين في يوم الأحد.

 

كما تنظم مسيرات في مناسبات معينة، محلية وعالمية سياسية وغير سياسية، ففي اليوم العالمي للموسيقى تعزف فرق موسيقية أجنبية عادة عند الجدار، وفي يوم الطفل العالمي تنظم المسيرات للأطفال، وفي يوم المرأة العالمي تتكثف مشاركة النساء، وخلال كأس العالم لكرة القدم تم تنظيم دورة رياضية بالقرب من الجدار.. وحسب، صلاح الخواجا أحد قيادات المبادرة الوطنية، لا تقتصر المقاومة الشعبية في الضفة على مواجهة جدار الفصل والاستيطان عبر عشرات المسيرات التي تنظم كل أسبوع، إنما تتعدى ذلك إلى أشكال أخرى من المواجهة التي تعزز العمل السياسي؛ إذ باتت كل قرية، كما يقول، تصنع شكلاً خاصاً بها من أشكال النضال الشعبي، فقرية "العقبة" في الأغوار تواجه الاحتلال عبر بناء مؤسسات ذات منفعة عامة مثل المستوصفات والمدارس في الأراضي التي تقدم قوات الاحتلال على مصادرتها بذرائع أمنية، وفي هذه القرية بُني مسجد مئذنته على شكل إشارة النصر v لتأكيد إرادة البقاء في الأرض رغم كل شيء.

 

وفي قرية "الجفتلك" في منطقة الأغوار درّس الأهالي أطفالهم في مدرسة من مجموعة خيم بعدما منعتهم سلطات الاحتلال من بناء مدرسة، وهذا شكل من أشكال المواجهة، أن يقوم الفلسطينيون بالعمل بغض النظر عن كل الإجراءات الإسرائيلية. ومن أشكال المقاومة، حملة مقاطعة السلع الإسرائيلية العامة وسلع المستوطنات خاصة التي سجلت نجاحات كبيرة.. لكن ورغم هذا الطابع السلمي لتلك النشاطات لم يتردد الاحتلال في مواجهة تلك المسيرات بعنف كبير مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى..

 

فماذا عن إجراءات العدو في الضفة الغربية والقدس؟ العدوّ لا يهدأ ويعمل على جبهات عدة لفرض الأمر الواقع على الفلسطينيين. فبالنسبة إلى القدس المحتلة، صعدت سلطات الاحتلال من أشكال التهويد وذلك من خلال إصدار القرارات الإدارية واتخاذ الإجراءات العملية، إذ تواصلت سياسة هدم المنازل خلال سنة 2010، وبلغت نحو 63 منزلا مهدما داخل وفي محيط مدينة القدس، منها 15 منزلا أجبر أصحابها على هدمها بأيديهم تحت تهديد الاحتلال، كما تم توجيه إنذارات بهدم 1334 منزلا آخر، خاصة في حي سلوان، والاستيلاء على عشرات المنازل وطرد أصحابها الشرعيين بمساعدة شرطة الاحتلال.

 

أما أخطر القرارات التي اتخذت خلال سنة 2010 فيتمثل في إقرار لجنة وزارية إسرائيلية، قانونًا يعتبر القدس منطقة ذات أولوية وطنية، ووضعها ضمن المناطق المسماة بمناطق التطوير "أ" في مجالات الإسكان والتوظيف والتعليم، وتبعا لذلك أقرت سلطات الاحتلال بناء نحو عشرة آلاف وحدة استيطانية وغرفة فندقية في المستوطنات داخل وفي محيط القدس المحتلة، وباشرت بالفعل ببناء 1200 وحدة استيطانية في المدينة ورصدت عشرات ملايين الدولارات لإحداث تغيرات في البنية التحتية في حائط البراق ووادي الجوز.

 

وبموازاة ذلك صادقت "لجنة التنظيم والبناء المحلية" التابعة لبلدية الاحتلال على المخطط الهيكلي الشامل الجديد لباحة حائط البراق، الذي تضمن توسيع مركز "دفيدسون" ليستوعب نحو 400 ألف زائر سنوياً، ويشمل أيضا حفر أنفاق تحت ساحة البراق وبناء مراكز دينية يهودية ومراكز "شُرطية"، تحت الأرض، وتغيير مداخل ساحة البراق، وحفر أنفاق جديدة تصل بين حائط البراق وبلدة سلوان، وبناء مواقف عامة للحافلات والسيارات فوق الأرض.

 

وأشار تقرير صادر عن دائرة العلاقات الدولية في منظمة التحرير الفلسطينية إلى أن 125 ألف مقدسي أصبحوا مهددين بفقدان حق إقامتهم في القدس المحتلة، بفعل جدار الضم والتوسع العنصري. وخلال العام 2010 واصلت سلطات الاحتلال عمليات الحفر في البلدة القديمة وأسفل المسجد الأقصى ما أدى إلى أربعة انهيارات أرضية، في شارع وادي حلوة، في بلدة سلوان، الأمر الذي يهدد أيضا أساسات المسجد الأقصى. كما واصلت سلطات الاحتلال إغلاق العديد من المؤسسات المقدسية.

 

الشهداء والأسرى

 

سقط على أيدي جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين خلال سنة 2010 نحو 107 شهيد بينهم 9 متضامنين أتراك قتلهم الاحتلال خلال اعتدائه على قوافل أسطول الحرية. ومن بين الشهداء 10 أطفال و4 نساء، وأسيران في سجون الاحتلال وصحفي برصاص المستوطنين، واثنان من العمال أثناء محاولتهما الوصول إلى أماكن عملهم في القدس المحتلة على الحواجز العسكرية الإسرائيلية، فيما أصيب خلال العام 967 فلسطينياً ومتضامناً دولياً برصاص الاحتلال ومستوطنيه وخلال العام 2010.

 

وبلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال في نهاية العام الماضي 6800 أسير، بينهم 34 أسيرة فلسطينية، و300 طفل، و210 معتقلين إداريين دون تهمة أو محاكمة، و21 أسيراً معزولاً في زنازين انفرادية، كما يعاني نحو 1500 أسير مريض من الإهمال الطبي المتعمد، حيث استشهد أسيران في سجون الاحتلال نتيجة الإهمال الطبي المتعمد خلال سنة 2010، واعتقلت سلطات الاحتلال نحو 4000 فلسطيني، فيما واصلت السلطات حرمان 800 أسير فلسطيني من قطاع غزة و250 أسيراً من الضفة الغربية من زيارة ذويهم.. وشهدت سنة 2010 تصعيدًا خطيرًا في الاعتداء بحق الأطفال الفلسطينيين، من قبل قوات الاحتلال والمستوطنين، إذ استشهد خلالها 20 طفلا واعتقل قرابة 1000 طفل وأصيب 218 منهم بجروح مختلفة.

 

التنكيل بالصحفيين

 

اعتقلت قوات الاحتلال 31 صحفياً، وأصيب بجروح مختلفة 41 صحفيا آخر، فيما أبعدت سلطات الاحتلال الصحفي جاريد مسلين، رئيس قسم تحرير اللغة الإنجليزية، في وكالة الأنباء الفلسطينية "معا"، بعد احتجازه في مطار بن غوريون. وذكرت لجان صحفية عالمية محايدة أن جملة الانتهاكات الإسرائيلية بحق الصحفيين في الأرض الفلسطينية المحتلة خلال العام الماضي وصلت إلى نحو 207 انتهاكات. أما عدد الصحفيين الفلسطينيين الذين أصيبوا جراء إطلاق الأعيرة المطاطية وقنابل الغاز المسيل للدموع والتعرض للضرب واعتداءات أخرى فبلغ 123 مصابا وبلغت عدد حالات الاعتقال والاحتجاز نحو 70 حالة، في حين بلغت حالات الاعتداءات على المؤسسات والمعدات الصحفية 13 حالة..

 

التعرض للمقدسات

 

وأوضح تقرير منظمة التحرير أن المستوطنين أحرقوا خلال 2010 كنيسة "الكتاب المقدس" في شارع الأنبياء في القدس، والمسجد الرئيسي في قرية اللبن الشرقية بمحافظة نابلس، ومسجد الأنبياء في قرية بيت فجار في محافظة بيت لحم، ومسجد قرية "يرزا" بالأغوار، فيما وجه الاحتلال إخطارات بهدم مسجد الهدى في مخيم الجلزون في محافظة رام الله، ومسجد قرية بورين في محافظة نابلس، بحجة عدم الترخيص. كما عمد الاحتلال إلى تدمير مقبرة مأمن الله في القدس المحتلة بنبش 150 قبرا إسلاميا بهدف إقامة مراكز يهودية فوقها، فيما حطم المستوطنون شواهد القبور في مقبرة قرية عورتا بنابلس، خلال عملية اقتحام للقرية تحت حماية جيش الاحتلال.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.