تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

بعد تونس : على من الدور ؟

محطة أخبار سورية  

تتزاحم الاسئلة في العقول التي يثيرها البركان التونسي, وفي المشاعر الجامعة للشعوب العربية يتصدر اهم الاسئلة وهو: بعد تونس على من الدور?

 

بالطبع هناك تمنيات محبوسة في صدور ابناء كل شعب من المحيط الى الخليج, بعضها من شدّة اليأس بفرصة حدوثها لا يجرؤ احد على البوح بها حتى امام عائلته, وبعضها تحولت الى شعارات وردود فعل من الشارع العربي تتناقلها وسائل الاعلام العالمية والمستقلة, واهم من هذا كله سيل الاراء والكتابات والمدونات على شبكة الانترنت العنكبوتية, التي حولت ملايين الشباب الى رجال اعلام وصحافة.

واذا كان كل شارع عربي »يغني على ليلاه« فان البحث عن اجابة على السؤال المطروح اعلاه يكون بالانتقال الى سؤال آخر: ما هي الانظمة التي تستحق ان تقف على الدور لتواجه نفس المصير الذي واجهه الطاغية في تونس?

 

هناك من الانظمة في العالم العربي ما يفوق نظام بن علي في الديكتاتورية والرسوخ في علم مصادرة الحريات العامة ودفع عشرات الالاف من المعارضين الى السجون والمنافي. وهناك انظمة لم تقدم حتى بعض ما قدمه بن علي في مجالات الاقتصاد والتنمية, فكانت ان جمعت الاستبداد والفقر وتحكمت بالعقول والبطون, مثل هذه الانظمة تستحق ان تكون التالية بعد تونس.

 

الاغرب من ذلك, ان بعض الديكتاتوريين, الذين يحكمون بالقمع والفساد وتوزيع الغنائم على الزوجات والاصهار, يصرون على تقديم انفسهم للرأي العام العربي على انهم قوميون وثوريون ومقاومون للهيمنة الامبريالية, فيما الحقائق والوقائع التاريخية منذ اربعة عقود تؤشر بانه كان لهم دور رئيسي في تقسيم الامة وتدمير روح الحرية فيها.

 

هؤلاء هم من يستحقون ان يلاقوا مصير الطاغية بن علي. واذا اردت ان تتعرف عليهم اكثر فابحث في وسائل اعلامهم وصحافتهم وتعاملهم مع المواقع الالكترونية ومع نشطاء الانترنت, فلن تجد الا اعلاما متخلفا وصحافة تمجد بالحاكم الازلي, وحجب ومحاكمات للمدونين والصحافيين الى جانب وجود الآف الاحرار إما في السجون او المنافي.

 

قرأت في الجارديان البريطانية وفي الواشنطن بوست تعليقات بعناوين: »الاردن ومصر دول ترقد على جمر مستعر«, والواقع ان مثل هذه الاستنتاجات غير صحيحة. فالمثال التونسي ينطبق على الانظمة التي حولت شعوبها الى حالة صمت مروع. لا صحافة حرة ولا رأي آخر ولا معارضة من اي نوع ولا اي شكل من اشكال الاحتجاج الاجتماعي, في ظل مثل هذه الانظمة ترقد البراكين التي لا يعرف متى تنفجر, اما في الاردن ومصر فالوضع مختلف!

 

في الاردن كما في مصر, هامش واسع من الحريات واحزاب للمعارضة واحتجاجات شعبية ومسيرات وحراك قوي للمعارضة وصوت مسموع للرأي الآخر, وهو ما يجعل الحراك الشعبي قضية شد وجذب بين الشعب والحكومات, تصنع حالة مد وجزر من الاصلاحات السياسية, مرة لصالح الشعب واخرى لصالح الفئات المتنفذة.

 

لكن الحدث التونسي يقدم درسا مهما ايضا للنظامين, في الاردن ومصر, وهو ان يكرسا اهتماما اكبر بمسألة الاصلاح السياسي والدفع بخطوات قوية جذرية نحو الديمقراطية وتداول الحكومات وبناء ورعاية المعارضات ومنحها قوة فعل سياسي في التغيير.

 

لم تعد الظروف المحلية المتردية تسمح باهدار المزيد من الوقت في المناورات والالاعيب الذكية والغبية لتغييب ارادة الشعب او اجهاضها من خلال قوانين انتخابات تحمي النخب المحتكرة للنفوذ والسلطة, ومن خلال قوانين مقيدة للحريات تغطي ممارسات الفساد والاعتداء على المال العام وكأن البلد مزرعة خاصة.

 

الحدث التونسي يفرض تسريع اجندة الاصلاح السياسي ووضعها على قائمة الاولويات الوطنية في الاردن, هذه المرّة يجب التخلي عن الشعارات والعناوين الفارغة والتقدم بشجاعة نحو اصلاحات جذرية حقيقية تعيد بناء ما تهدم من جسور الثقة بين الشعب والدولة.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.