تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الاعلام السوري وأحداث تونس ..رد على الرد

خاص/محطة أخبار سورية

 

 

نشر عدد من المواقع الالكترونية توضيحاً، أو هو بمثابة ردّ، كما أكدت كاتبته يقدم تبريرا  لتقصير الإعلام السوري في تغطية الأحداث الأخيرة والمستمرة في تونس الشقيقة.

وقد أكدت السيدة كاتبة المقال ، أن ردّها يأتي بعد أن تلقت في الأيام السابقة "عدة مكالمات هاتفية واميلات" تسأل لماذا  هذا التقصير الإعلامي السوري في نقل الأحداث التونسية. وقالت حرفياً: "أستطيع الرد على الجميع بإجابة جد مقتضبة بما أنني من داخل المطبخ الإعلامي السوري الحكومي على الشكل التالي".

 

وقبل التعليق على بعض ما أوضحته السيدة كاتبة المقال  نود القول إن الكاتبة  حاولت التحدث بصفتها الشخصية، لكنها، ولاسباب لانعرفها ، ودون أن تدري، تكلمت وكأنها تتحدث باسم الحكومة السورية أو على الأقل باسم وزارة الإعلام السورية ونيابة عنها، عندما وضعت نفسها في موقف المدافع، وأكدت بتنطحها أنها "ترد على الجميع" كلّهم وليس على البعض ولدينا في هذا المجال مانقوله ولتسمح لنا الكاتبة الفاضلة :

 

أولاً، في توضيحها، قالت أن الإعلام السوري "نقل الخبر بصيغته الرسمية جدا وكما وصل من المصدر والإعلام السوري لم يتغاض(التصليح النحوي من قبلنا) عن نقل الخبر بل لقد تم التعامل مع الحدث كما وصل إلينا".

والملاحظ في توضيحها أنها، أولاً، تتحدث بصيغة الجمع أي بما يمثل الإعلام السوري وليس بصفتها الشخصية. ثانياً، أن الإعلام السوري كما تقول نقل الخبر كما وصل بصيغته الرسمية جداً، والسؤال عن أي صيغة رسمية تتحدث ومن هي هذه الجهة الرسمية التي تتحدث عنها، وهل هناك مصدر وحيد للخبر التونسي؟ والأحداث لا تجري بين تونس ودول معادية، أو بين المعارضة "المنظمة" والنظام في تونس، بل بين الشعب والنظام التونسي الذي تجاهل ولزمن طويل مطالب الشعب، اللهم إلا إذا كانت السيدة الكاتبة  تقف إلى جانب الرئيس التونسي المخلوع وضد الشعب التونسي ومطالبه الحياتية اليومية. ثالثاً، قالت إنه تم نقل الخبر كما "وصل إلينا". والغريب أن كلّ محطات التلفزة ووكالات الأنباء والصحف العربية والعالمية تنقل الأجواء والأوضاع المتفجرة في تونس، فيما السيدة كاتبة المقال لا ترى أو لا تريد ان ترى أو تسمع إلا ما يحلو لها. وإذا كان كلّ هذا "الزّخ" الإعلامي والتغطية المباشرة لما يجري في تونس، لم يصل إلى الاعلام السوري  فهذه مشكلة المشاكل..

ثانياً، قالت السيدة كاتبة المقال  إن "الإعلام الحكومي يختلف تماما عن الإعلام المستقل لأن كل ما يمكن أن يصدر عن الإعلام السوري الرسمي فهو يعبر بالتأكيد على رأي القيادة السورية أو الحكومة السورية ". أولاً، ليس من الصحيح تسمية الإعلام  السوري "بالحكومي". وفي سورية لا يقال عن الإعلام الذي تتحدث عنه السيدة الفاضلة إنه إعلام حكومي، بل يقال إنه إعلام "رسمي" والفرق أن الإعلام الحكومي يمثل السلطة ويقدّم وجهة نظرها فقط، أما الإعلام الرسمي فهو يمثل كلّ فئات المجتمع، وهذا ما ينطبق على الإعلام الرسمي في سورية. فنحن نجد الكثير من الانتقاد في هذا الإعلام للحكومة السورية وأدائها وتقصيرها، لان هذا الاعلام  يعكس كلّ وجهات النظر في المجتمع السوري.

من جهة أخرى، فإنه من المؤكد أن ليس كلّ ما يكتب ويقال ويسمع في وسائل الإعلام السورية الرسمية يعبّر عن وجهة نظر القيادة السورية والحكومة السورية. فهناك الكثير من الاجتهادات والآراء والتعليقات التي تعبّر عن وجهة نظر أصحابها ومطلقيها، ولا تعبّر عن وجهة نظر القيادة السورية، والإعلام السوري ليس ممسوكاً ومقيداً أبداً بالطريقة التي تتحدث عنها ، ومَن يقلّب صفحات الصحف السورية يدرك ذلك. إذ تنشر هذه الصحف الكثير من المواد والتحقيقات التي لو عاد الأمر إلى الحكومة السورية، لمنعتها ولما تمّ نشرها ويعرف العاملون في وسائل الاعلام السورية كم بذلت من جهود لتغيير هذه الصورة النمطية عن الاعلام السوري والغاء تلك الحالة بأن كل ما ينشر في الاعلام السوري بشقيه العام (الرسمي) والخاص هو بأمر وتوجيه من القيادة والحكومة السورية .....

ثالثاً: قالت السيدة كاتبة المقال  إن "ما حدث في تونس الشقيقة هو شأن داخلي لم تتكشف الى الآن خلفيات الحدث أو اللعبة السياسة من تقف خلف هذه الأحداث التي غالبا ما يستخدم الشعب فيها كأداة". سيدتي !!!   منذ متى كان تهديد استقرار دولة عربية شأناً داخلياً؟ كلاّ، ما حدث في تونس ليس شيئاً داخلياً البتة. والدليل أن انعكاساته وصلت إلى معظم الدول العربية التي تفاعلت معه، القريبة والبعيدة منها. وإذا كان الوضع في سورية مختلفا بسبب قرب القيادة السورية، وتحديداً الرئيس السوري من الشعب وتواجده بين مختلف فئاته هو وزوجته، فهذا لا يجعل ما يجري في تونس بعيداً عن اهتمام السوريين والعرب. وربما كانت السيدة كاتبة المقال  تريد منّا مثلا  أن ننتظر أشهراً لتغطية الأحداث في تونس بحجة أن خلفيات الحدث لم تتكشف بعد، مع أن مهمة الإعلام أن يكون قبل الحدث وأثناءه وبعده وهو صانع للحدث وليس دائما منفعلاً به، إلا إذا كانت تتحدث عن إعلام وثائقي كما قدم التلفزيون السوري في بعض الاحداث المعروفة  .... . 

من جانب آخر، كيف يمكن لشعب بأكمله ان يستخدم كأداة؟ أليس هذا تصغير للشعب التونسي الشقيق وتقزيماً وتسخيفاً لدوره. هل يقوم مواطن بحرق نفسه لأنه أداة، أم لأن له أسبابه الضاغطة التي دفعته لذلك؟؟

رابعاً، ومما يدعو للريبة بالنسبة للسيدة كاتبة المقال  هو انقلاب الغرب على الرئيس المخلوع و"مسارعة الرئيس الأمريكي إلى مباركة ثورة الياسمين وأن تطالب معظم الدول الأوربية بن علي بالتنحي ومغادرته تونس". والمنطق لفهم السلوك الغربي واضح: الرئيس التونسي انتهت صلاحيته، ولم يعد قادراً على الصمود في وجه المدّ الجماهيري، وهو ولّى هارباً، فلماذا يتمسك الغرب به؟؟ وقد أدرك الغرب هذه البديهية، ولذلك قرر رفع الحماية عنه ورفض حتى استقباله.. وسارع بالمقابل إلى التقرب من الاتجاه الجديد في تونس لملاقاته واستثمار تحركه لخدمة مصالحه.

خامساً، تقع السيدة كاتبة المقال  في تناقض آخر، حين تستخدم خبرتها وزياراتها لتونس لتتحدث عن "التشديد الأمني اللامحدود والذي لم أعهده في معظم البلدان العربية". وتقول "التشدد الأمني فظيع"، لتضيف أنها عندما قامت بجولة في أرجاء تونس لم تلحظ "إلا التهليل لبن علي وأن أمور الشعب مرتاحة ومعدل الفقر عندهم منخفض قياساً بفقر ثروات البلاد الباطنية". إذا كان الأمر كما ترى السيدة الكاتبة  فلماذا التشديد الأمني ولماذا القلق على النظام؟؟

سادساً، تحبطنا السيدة كاتبة المقال  عندما تؤكد أن ما يحصل في تونس لا يمكن فصله عما يحصل بالسودان وما يحصل بالعراق ولبنان واليمن، وأن "هناك أيد( ..) خفية تدرك تماما كيف تفرق وكيف ومتى تؤجج الرأي العام إنها لعبة أكبر من سورية وأكبر من الوطن العربي". أولاً، لا ندري ما علاقة سورية بالموضوع هنا.. ثانياً، تبدو الكاتبة، وكأنها تدعونا للاستسلام للقدر وللعبة الدولية التي هي أكبر منّا جميعاً وأكبر من الأمة. والقول إنها لعبة، قد يكون صحيحاً، ولكن بما يخصّ تونس لست متأكدين بعد من وجود هذه اللعبة. ولكن إنْ وجدتْ هذه اللعبة في تونس، فهي ليست أكبر من قدرة الأمة على مواجهتها وليست أكبر من طاقة الوطن العربي على إسقاطها. ومع ذلك، أين اللعبة في تحرك شعب يبحث عن لقمة العيش وعن عمل لخريجين جامعيين تهلكهم ظروف البطالة؟؟

لقد تضمّن توضيح وردّ السيدة الفاضلة كاتبة المقال  الكثير من المغالطات والتناقضات وعدم المعرفة  بواقع الإعلام في سورية، وبدور الإعلام بشكل عام، وأكدت من حيث أرادت النفي، تقصير الإعلام السوري في تغطية الأحداث في بلد شقيق، (على الأقل بشكل حيادي مثلما يغطي الأخبار في القارة القطبية الشمالية!!).. وبدت وكأنها بعيدة عن المطبخ ...وعن ....الإعلام معاً.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.