تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

باتريس لوبمبا: 50 عاماً على اغتياله

باتريس لوبمبا: 50 عاماً على اغتياله

مازن يوسف صباغ

مرت يوم 17 كانون الثاني / يناير 2011 الذكرى الخمسون لاغتيال المناضل الافريقي والعالمي الكبير باتريس لوبمبا، الذي تم اعدامه في إحدى ثكنات الجيش الكونغولي بعد سقوط حكومته الوطنية إثر انقلاب الديكتاتور موبوتو الهارب والمخلوع فيما بعد المدعوم من قبل المخابرات المركزية الأمريكية CIA وبتواطؤ من الحكومة البلجيكية.

ولد باتريس أمري لوبمبا في الثاني من شهر تموز 1925 في أونالوا في منطقة كاتاكوكومبه في مقاطعة كاساي في الكونغو البلجيكي، وهو ينتمي إلى قبيلة توتيلا، تلقى دراسته في الكونغو والتحق بالمعهد الحكومي للخدمة البريدية، وعمل بعدها في العاصمة ليوبولدفيل (كينشاسا اليوم) وبعدها في مدينة ستانليفيل (كيسانغاني) كموظف بريد.

في العام 1955 انضم لوبمبا إلى الحزب اللبيرالي وأصبح قائداً محلياً في مدينة ستانليفيل ورئيس تحرير وموزع لمنشورات الحزب، وسرعان ما لفقت تهمة الاختلاس للوبمبا وتم الحكم عليه بالسجن لمدة عامين وتم تخفيضها إلى عام واحد بعد أن تم أثبات بطلان التهمة.

بعد إطلاق سراحه أسس لوبمبا وآخرين الحركة الوطنية الكونغولية عام 1958، وسرعان ما أصبح رئيساً لها، وشارك بهذه الصفة في مؤتمر عموم شعوب أفريقيا في أكرا عاصمة غانا في كانون الأول / ديسمبر عام 1958، وفي هذه المؤتمر تعمق إيمان لوبمبا بالأفريقانية (أي وجود عوامل توحد جميع الشعوب الإفريقية).

تم اعتقال لوبمبا مجدداً في تشرين الأول / أوكتوبر 1959 وتم الحكم عليه بالسجن لستة أشهر لنضاله ضد الحكم الاستعماري، ورغم أنه كان يخضع للمحاكمة في شهر كانون الثاني / يناير 1960 إلا أن فوز الحركة الوطنية الكونغولية بالانتخابات المحلية قبل شهر واحد أجبرت السلطات الاستعمارية على إطلاق سراحه والسماح له بالمشاركة في المؤتمر المعقود في العاصمة البلجيكية بروكسل لتقرير مستقبل الكونغو.

في 27 كانون الثاني / يناير 1960 تقرر استقلال الكونغو التام بتاريخ 30 حزيران / يونيو 1960 على أن تعقد الانتخابات العامة في أيار / مايو 1960، وقد نجحت الحركة الوطنية بزعامة لوبمبا مجدداً في الحصول على الأغلبية وتم الإعلان عن تولي لوبمبا الذي كان يبلغ من العمر 34 عاماً منصب أول رئيس وزراء للكونغو المستقل، وجوزيف كاسافوبو رئيساً للبلاد.

في حفل الاستقلال الكونغولي في 30 حزيران يونيو 1960 وبحضور الملك البلجيكي ألقى باتريس لوبمبا خطاباً حماسياً في الجماهير رغم أنه لم يكن على القائمة الرسمية للمدعويين، وفي نهاية خطابه الذي ألهب الجماهير وذكر بالنضال والكفاح الكونغولي ومعاناة الشعب تحت الحكم الاستثماري ختم لوبمبا كلامه متوجهاً للملك قائلاً: «نحن لم نعد قرودكم» في إشارة إلى الطريقة التي كان يشير إليها المستعمرون الأوربيون لأبناء الكونغو خصوصاً والأفارقة عموماً.

في 11 تموز 1960 أعلنت مقاطعة كاتنغا الغنية بالمعادن استقلالها عن الكونغو برئاسة تشومبي وترافق الأمر مع تمرد كبير في الجيش الكونغولي وانتشار قوات من الأمم المتحدة لحفظ الأمن في البلاد، وقد رفضت الأمم المتحدة مساعدة لوبمبا في اخضاع التمرد في كاتنغا، مما حمل لوبمبا إلى الطلب من الاتحاد السوفيتي تقديم المساعدة لبلاده.

طلب لوبمبا المساعدة من الاتحاد السوفيتي أدى إلى حل الحكومة من قبل الرئيس كاسافوبو في أيلول / سبتمبر، لكن لوبمبا اعتبر هذا خارجاً عن صلاحيات الرئيس وحصل على ثقة مجلس النواب فيما فشل الرئيس في الحصول عليها، لكن الوضع تغير تماماً بعد الانقلاب الذي قاده الجنرال موبوتو بدعم من المخابرات المركزية CIA في 14 أيلول/ سبتمبر حيث تم وضع كل من لوبمبا وكاسافوبو في الإقامة الجبرية.

استطاع لوبمبا الهرب من السجن وحاول إعادة الديمقراطية للبلاد لكن تم اعتقاله في الأول من كانون الأول / ديسمبر وتم اقتياده إلى كينشاسا ومن بعدها إلى مقاطعة كاتينغا حيث تم إعدامه يوم 17 كانون الثاني / يناير 1961.

تزوج باتريس لوبمبا من بولين لوبمبا وأنجبا خمسة أطفال والتجأت عائلته إلى القاهرة بعد اعتقاله، وقد عاد ابنه الأكبر فرانسوا إلى الكونغو عام 1992 حيث أعاد تأسيس حزب والده القديم تحت اسم الحركة الوطنية الكونغولية لوبمبا.

لقد ألهمت حياة باتريس لوبمبا واغتياله ونضاله الملفت الملايين في أفريقيا بخاصة والعالم عامة، وتحول إلى رمز من رموز الأفريقانية والتحرر من الاستعمار ورمزاً للحكم الوطني المستقل، وقد نشرت اثنان من أعماله بعد وفاته هما «الكونغو بلدي»، و«لوبمبا يتحدث»، كما أطلق الاتحاد السوفيتيي السابق اسم باتريس لوبمبا على الجامعة التي انشأها لتدريس الطلاب من خارج بلدان الاتحاد السوفيتي وأطلق عليها جامعة الصداقة بين الشعوب في موسكو.

ونختم بما قاله مناضل وشهيد أمريكي لاتيني وعالمي في لوبمبا وهو «أرنستو تشي غيفارا» (الرمز) الذي قال: «يجب أن نتحرك إلى الأمام.. من كل أنحاء العالم يجب أن نأخذ دروساً من الأحداث التي تجري، ومقتل لوبمبا هو درس لنا جميعاً».

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.