تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الديمقراطيةوالمكاييل المزدوجة لقياسها..إسرائيل نموذجاً

 

محطة أخبار سورية

قبل أيام أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك انسحابه من حزب العمل الذي يترأسه ليعلن تشكيل حزب آخر وترأسِه وقد اسماه حزب "الاستقلال". وحزب الاستقلال هذا ضم خمسة أشخاص فقط من بينهم باراك نفسه. لكن المفاجأة هي أن هذا الحزب الوليد حصل على أربعة حقائب في حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة، فيما فازت العضو الخامس في الحزب الجديد بتسميتها رئيسة للكتلة. إذن الأعضاء الخمس للحزب أصبحوا أصحاب مناصب!!

 

وبغض النظر عن هذه التسمية "الاستقلال"، التي تثير الشكوك حولها وتحتاج غلى تفسيرات عدّة، لتوضيح عن أي استقلال يتحدث، فإن أول ما يلفت الانتباه هو الانتهازية التي تصرف بها إيهود باراك. فمن المعيب جداً أن يقوم شخص وهو على رأس حزب معيّن بترك هذا الحزب والانتقال لتشكيل حزب آخر، لضمان بقاءه في الحكومة اليمينية وللحفاظ على منصبه، (أظهر استطلاع للرأي أن 82 في المئة من الإسرائيليين يعتقدون أن ما دفع باراك إلى شق حزب العمل هو إنقاذ منصبه في حكومة نتنياهو).. فهذه ببساطة تمثل قمة الانتهازية. وبالتأكيد ستترك هذه الخطوة حزب العمل في وضع أكثر سوءا مما كان عليه، وسوف يتدحرج وضعه بسرعة أكبر نحو الهاوية. 

 

الصحف الإسرائيلية لم تقصّر في الهجوم على انتهازية باراك، ووصفت تصرفه بالفعل القبيح، واعتبرت باراك شخصياً بأنه رجلُ تدمير حطّم ما بقي من ثقة في عملية السلام ودمّر حزب العمل.. وبأنه مخرّب يتولى حقيبة الدفاع وبأنه مِثل فيروس معلوماتية، تسلل إلى اليسار الإسرائيلي وبدأ بتدميره من الداخل.

 

والشتائم الإسرائيلية لوزير حربهم، وبأنه خرّب عملية السلام، تذكّرنا بمفاوضات السلام بين سورية وإسرائيل نهاية القرن الماضي عندما كان باراك رئيسا للحكومة الإسرائيلية. فبعد ان وصلت هذه المفاوضات إلى نقطة حساسة وأنجزت أكثر من 80% من القضايا العالقة والمشاكل القائمة، تراجع باراك عن وعوده أمام الإدارة الأمريكية والتف على المفاوضات واخترع العراقيل وتهرّب من استحقاقات السلام، بخطوة انتهازية أراد منها تحقيق مكاسب شخصية كما فعل في تصرفه الأخير.  وهذا يعطي فكرة حقيقية عن أنواع الرجال الذين يقودون  إسرائيل منذ عشرات السنين.

 

وإلى جانب باراك، فهناك رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، الذي قبِل وأيّد باراك في خطوته التفجيرية لحزب العمل وكافأه بأربع وزارات مهمة، لأشخاصه الخمسة في الحزب الجديد. وتصرف نتنياهو لايقلّ "وطاوة" و"خسّة" عن تصرف وزير دفاعه.. وهما من نفس المدرسة التي تقوم تعاليمها على الكذب والخداع والتلفيق والانتهازية وتزوير الحقائق.

 

ولكن المهم واللافت هو أن ما جرى مرّ تحت غطاء الديمقراطية.. وأن الولايات المتحدة، "تحت غطاء الديمقراطية" نفسه، لم توجّه أي كلمة أو أي انتقاد لما قام به الاثنان، وكذلك الاتحاد الأوروبي.. وإلا لكان أي وصف يمثّل تدخلاً في الشؤون الداخلية لإسرائيل، وهذا من المحرمات.

 

والسؤال هو لو أنّ ما جرى، حدث في دولة عربية، هل كان ليمر دون حملة إعلامية صاخبة تنتقده وتهدد بالعواقب وتحمّل النتائج... والى آخر السمفونية التي تقدّس الديمقراطية حيث يريد الغرب أن يقدّسها فقط؟؟ لماذا هاجم الغرب وأمريكا استقالة بعض الوزراء مؤخراً من حكومة الرئيس الحريري في لبنان مع أن الخطوة هي أبسط حق دستوري لأي وزير، في النظام الديمقراطي طبعاً؟! ومع أن الحريري نفسه اعتبر هذه الخطوة حق تكفله اللعبة الديمقراطية للوزراء؟! لماذا لم تعط الفرصة لحكومة حماس لتحكم في الاراضي الفلسطينية المحتلة عندما فازت قبل سنوات بالانتخابات الديمقراطية؟؟ لماذا لا يتحدث الغرب المنافق(Hypocritical) عن الاستبداد في الأنظمة الملكية الحليفة له والتي لا تعرف الانتخابات ولم تسمع بها؟! بالطبع، لم يتم انتقاد ما جرى في إسرائيل لأن إسرائيل من "الكومة المدلّلة" التي يحقّ لها ما لا يحقّ لغيرها..

 

لا نريد أن نتحدث عن المعايير المزدوجة التي ينتهجها الغرب فقط. ولكن هذا الغرب يعرف أين هي مصالحه وهو يسير خلفها، وعندما تتحقق "لايبالي" بأي شيء أخر ولا بأي قيم؛ وما العدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان... وغيرها من الشعارات التي يرفعها إلا طبقة جميلة رقيقة تخفي تحتها كلّ قبح وسمّ وزيف وأنانية.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.