تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

صابر بن عامر: منظّمة جمع الأموال المُتّحدة

 

صابر سميح بن عامر

في عزّ أزماتنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في بعض أوطاننا العربية يخرج ألينا "الزعيم" عادل إمام بطلا مصرفيّا دون منازع، فقد بلغ أجر الفنان المصري عادل إمام عن حملة إعلانية لصالح إحدى شركات الاتصالات "أربعة ملايين دولار"!

 

نعم، أربعة ملايين دولار أمريكي بالتمام والكمال وما يعنيه هذا الرقم إن حوّلناه الى الجنيه المصري الى ثروة خرافيّة لصالح "الرجل المصري بسلامته"، حوالي أربع وعشرين مليون جنيه مصري، ليكون بذلك "الزعيم" النجم الأعلى سعراً في الحملات الإعلانية بعد عمرو دياب الذي حصل على ثلاثة ملايين دولار أمريكي، حوالي ثمانية عشر مليون جنيه مصري مقابل بطولته لحملة إعلانية لإحدى شركات المياه المعدنية.

 

ومن هنا نفهم أن "الزعيم" ومشتقاته من فناني النوايا الحسنة لدى منظّمة الأمم المتّحدة، وكدت أقول لدى منظّمة جمع الأموال المتّحدة، يعملون ليل نهار على ايصال نبض الشارع الكادح وصوتهم المبحوح الى كل العالم عبر المكالمات التلفونية والإرساليات القصيرة لشركات الإتصال الخاصة، فلا عجب في أن تصل فواتير الإتصالات ذات النوايا الحسنة الى مثل هذا الرقم وأكثر.. وما نيل المطالب بالتمني/ ولكن تُؤخذ الدنيا "زعامة".

 

والزعامة ليست بأمر مُتاح للجميع فإما أن تكون عادل إمام أو لا تكون، خاصة وأن الإعلان الذي ظهر فيه إمام في آخره يمشي الهوينى مبتسما للكاميرا التي التقطت جزأه العلوي فقط، فيقول في أقل من خمس ثوان الكلام التالي: "مش قوتنا إننا 80 مليون مصري.. إنما قوتنا أننا في قوة كل واحد فينا"، ليسكت شهريار الإشهار عن الكلام المباح ولو عبر الإرساليات!

 

الأكيد المُفيد في مثل هذه الأنواع من الإعلانات أن الشركات المستثمرة لشهرة النجم ومدى تأثيره على السواد الأعظم من الشعب، تعي جيّدا رغم خرافيّة الأرقام المدفوعة لخمسة أجزاء من الدقيقة، أنها لن تكون خاسرة في كل الحالات، فالمال آت لا محالة متى تحدّث "الزعيم" مباشرة الى الجماهير الغفيرة مُفضّلا نوعا من المواد الإعلانية على أخرى أو مُنتصرا لشخصية سياسية ما على أخرى في حملات انتخابية سياديّة، وذاك هو وقع الفن على الشعوب وذاك هو دور الفن العربيّ المُمنهج من الساسة والسياسيين على كافة المواطنين، انضواء واحتواء ومُبايعة لمن يدفع أكثر ومن يضرب تحت الحزام أخطر!

 

وهذا التوظيف السياسي لكل ماهو ثقافي مُؤثّر لا يظهر وللأسف الشديد، في مجتمعاتنا العربيّة إلاّ في الأزمات السياسية والإقتصادية والإجتماعيّة كلّف السياسيين ما كلّفهم، ومصر و"شعبولا" ومناهضة حركات "كفاية" أكبر دليل على هذا الإحتواء والإجبار على الإنتماء.

 

أما في أيام الرخاء فالضرائب على الفن كثيرة والرقابة على المصنّفات الفنيّة شديدة والتهميش والإقصاء للفنانين والمثقفين هي لغة المرحلة الى أن يُهدّد الواحد منهم بالرحيل، فيستعيد خلّه اللدود ليفتح له كل الحدود المُوصدة دونه ودون هتاف الجماهير باسمه واسهاماته وانجازاته، ليعود ذاك الخلّ اللدود بعد تضافر الجهود وتحقّق المنشود الى صفوف الجماهير، لا هو سلطان ولا أمير وفي أقصى تقدير سيكافأ إذا انتقل الى جوار ربّه بجنازة عسكريّة تخلّد اسهاماته التاريخية في استقرار الأوضاع لغيره!.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.