تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الصراع على مصر

محطة أخبار سورية 

 

إزاء الاحتفاء العام، بما يجري في مصر، سواء كان ثورة شعبية بمواصفات جديدة، أو انتفاضة استثنائية في بلد لم يعتد تاريخياً امتهان الحركات الانقلابية الحادة، ثمة أسئلة يجب طرحها، في هذا الوقت بالذات، وذلك خوفاً من أن تأتي النتيجة النهائية للأحداث غير متناسبة مع روحها وشعاراتها و«براءتها الثورية» فتنكفئ «الاحتفائية» وتعود أدراجها إلى «بكائية» متجددة على تاريخ لم يعرف إلى الآن كيف يرتكز على قانونه في صياغة ذاته ومستقبله.

تتأسس هذه الأسئلة على ما يمكن اعتباره الآن بدهية صارخة، تتمثل في أن النظام السياسي المصري ممثلاً بالرئيس حسني مبارك لم يعد له أي مناصر في الداخل، ولا أي صديق في الخارج، ومن يتبرع بالدفاع عنه من الملوك والرؤساء العرب وغيرهم إنما في الواقع يقوم بدفاع مسبق عن نفسه. وفي موازاة هذه البدهية تبدو الرغبة في تغيير النظام عامة داخلياً وخارجياً، والمفارقة المذهلة تبدو في ذلك التقاطع بين الثورة الشعبية، بمكوناتها السياسية والمدنية والرغبة الأميركية في حصول هذا التغيير. لا يعني هذا، في الأحوال كلّها، ولا بأي شكل أن الثورة الشعبية المصرية هي من تدبير أميركي، ولكنه يعني تحديداً ملاحظة كيف أن الأميركيين، ومن وقت ليس بقصير، أصبحوا ينظرون إلى نظام الرئيس مبارك كنظام منتهٍ وغير قادر على الاستمرار، وقد انشغلوا، ولا يزالون، في ترتيب بديل منه، خوفاً، نعم خوفاً، من أن يقوم المصريون أنفسهم، عبر الشارع، وهو ما يجري الآن، من إيجاد هذا البديل، الذي مهما كانت هويته السياسية، فلن يكون مطابقاً للمواصفات الأميركية.

الآن في ميدان التحرير في القاهرة مشروعان: المشروع المصري والمشروع الأميركي. وإذا كان الأول هو ما يشكل جبهة المواجهة مع النظام المنكفئ خلف بعض القصور، فإن الثاني هو من يقوم بعملية تجيير «قوة» الثورة لمصلحة خريطة طريق سياسية تمكّنه من المحافظة على كونه مرجعية إستراتيجية لأي سلطة قادمة.

لكن، من يعبّر عن المشروع الأميركي في ميدان التحرير؟

قد يكون الجواب صادماً ومؤلماً للمحتفين بـ«الغضب» المصري ونحن منهم: الجيش.

منذ اتفاقية كامب ديفيد 1978، تم تقييد حركة ووظيفة الجيش المصري في إطار برنامج مساعدات عسكرية أميركية، استطاعت بعد ثلاثين سنة متواصلة من «التدريب» على التأثير في بنيته فضلاً عن الإمساك بقراره النهائي.

يمكن التساؤل هنا عن طبيعة دور الجيش في الأحداث التي تجري في الشارع والتي من المفترض أن ترسم مستقبلاً جديداً لمصر؟ يمكن ملاحظة برودته من رؤيته شعباً بكامله يثور ضد نظام فاسد ولا يقف إلى جانبه، بل يفتخر بأنه لن يقتل شعبه؟ يمكن ملاحظة حياديته، إلى الآن، بين النظام والشعب؟ متوافقاً مع الموقف الأميركي المعلن، والذي جدده أوباما نفسه؟!

لم يفقد حسني مبارك الجيش يوم 25 كانون الثاني 2011، بل تم افتقاد الجيش يوم كان مبارك على رأسه وسلّمه أنور السادات لغرفة عمليات أميركية تحت عنوان المساعدات السنوية.

في ميدان التحرير في القاهرة الآن، يدور صراع على مصر بين مشروعين وفريقين مموهين برداء فريق واحد، إلى أن يتمكن أحدهما من حسم المواجهة لمصلحته نهائياً، أو تتم صياغة تسوية بينهما توقف الانزلاق السياسي على حد تعبير هيلاري كلنتون. تسوية تبدأ من نقطة انتخابات رئاسة الجمهورية، حسب إشارة كلينتون أيضاً، وحسبما نقله فرانك رسنر من واشنطن إلى القاهرة، وهو ما بدأ للتو مع إعلان مبارك عدم ترشحه، منفّذاً أمر العمليات الأميركي.

والخوف الآن ألا يبقى الجيش على الحياد.... آنذاك تحدث الكارثة: قتل الثورة أو إجهاضها.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.