تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

مؤامرة «الجزيرة» وإيران وأميركا والصهاينة على مصر!

محطة أخبار سورية

 
مع انطلاق ثورة 25 كانون الثاني انطلقت أشياء كثيرة كشفت عن الأوراق والأقنعة والتزييف الغربي والعربي الدائر في فلكه، والذي طالما تحدثنا عنه فاتهمنا المحافظون العرب الجدد بأننا كثيراً ما نؤمن بنظرية المؤامرة.
لنلاحظ معا ما كان يحدث على خلفية الفعل الثوري الشعبي وكيفية انطلاق «الثورة المضادة» بعد 27 كانون الثاني.
أقلام وكتابات وتصريحات، بعضها ربما بفعل التذبذب والنرجسية والارتجاف وبعضها بفعل استهبال العقل على أساس «حسب السوق سوق»، أرادت لنا أن نفهم أن ما يجري ليس أكثر من مؤامرة أميركية!
هل لنا أن نصدق الإسفاف العجيب التالي:
أميركا وإيران وإسرائيل والجزيرة وربما «حزب الله» وآخرون يتآمرون على الشعب المصري؟
لنفكك هذه المعادلة المعقدة حتى لا نبقى «جهلة» الإعلام المُجهل (وليس المجهول)، لقد أوضح الموقف الغربي الذي تقوده أميركا وبكل بساطة عن نفاقه وازدواجيته وقيادته لحملة تستهدف بالفعل الشعب المصري الذي قام بالثورة.. في القاموس الأميركي ليس من غياب لمسألة «كونترا» للانقضاض على أي فعل ثوري لا يصب في مصالحها.. الأمثلة اللاتينية والآسيوية والأوروبية الشرقية معروفة للجميع ممن يستخدم عقله..
من ثم ليس قولا غريبا أن تقود أميركا ومعها إسرائيل (والتوابع بالطبع، السياسية والإعلامية في الإقليم القريب والبعيد) مؤامرة إجهاض هذه الثورة الشعبية..
لنتذكر جيدا، على الأقل للإفادة من التاريخ، المؤتمرات الصحفية اليومية للبيت الأبيض والخارجية الأميركية، وهي تردد سخافة «الانتقال السلس» «ضبط النفس من كل الأطراف».. تندفع نظرية «المؤامرة» على مصر لدغدغة الجهل المركب والعاطفة الأسيرة لنظام بطركي أبوي بمزيد من ضخ الأكاذيب والتزوير والاحتقار للشعب وعقل المتابع وقلب الحقيقة على رأسها مركوبة بانتهازية لا سوق لها في الثورات.
المشهد الهمجي للجمال والبغال هو ذاته في محاولة الانقلاب الجاهل على أهداف الثورة الشعبية بوسائل موغلة في البدائية، فقناة «الجزيرة» كوسيلة إعلامية تحولت منذ غزو أفغانستان وبعد ذلك العراق وإعادة اجتياح الضفة والعدوان على غزة ولبنان إلى «متهم» وحيد.. أي، وفق عقل الجهالة والبدائية، ما كان لشيء أن يحدث مما ذكرناه لولا «الجزيرة».. وقد نختلف مع الجزيرة في كثير من سياساتها الإعلامية، لكن من الجهل حقا أن يُتهم الملايين بأن وسيلة إعلامية هي التي تحركهم.. هل يمكن وصف هذا التوصيف بأقل من «استخفاف بالعقول»؟
لم يطرح هؤلاء الذين يحاولون الالتفاف على ثورة الشباب عن ثقافة هؤلاء أبدا، وبكل وقاحة يكون الفعل البلطجي هو الرد.. لكن لنفكر مليا ونحن نرقب هذا المشهد الانهزامي المتخيل لهزم الثورة الشعبية، إذ كيف نفسر بلطجة استهداف الإعلام على حين لم نر وعلى مشهدا واحدا لغزوات الجمال والبغال على «الأجندات» الأميركية والإسرائيلية في «مؤامرتهما على نظام مصر».. شيء يدعو إلى الضحك والسخرية.. ولا حتى على كذبة الخارجية الأميركية في سحق عربات سفارتها جماجم المتظاهرين بالادعاء، بعد انفضاح الصورة، أنها «مركبات سرقت من السفارة».. شيء آخر يدعو للسخرية لمن يعرف معنى السفارة وكيف تحمي نفسها.. نحن حقا أمام مشهد همجي للبغالين وأحدث المركبات الأميركية..
ثم، لما لم يخبرنا «الإعلام الحقيقي» عن أسباب القلق الذي يصل إلى حد الرعب في تل أبيب وواشنطن وبقية المتحذلقين إن كانت الثورة الشعبية بفعل «مؤامرة هؤلاء»..
لأنهم لم يدركوا بعد أن التدليس ولى زمانه.. ولأنهم يعيشون على أمنية توقف عقارب الساعة عند بكائية ما قدمه «الأب الحنون» لشعبه!
الخطاب البطركي القائم على «إما أنا وإما الدمار» خطاب يقوم على قراءة النهب والفساد باعتبار البلد مطية ومزرعة يعد مالكها برغيف خبز.. لكن الكرامة المهدورة والسحل المرتكب بيد أتباع «الأب الحنون» تبقى من ضرورات الحفاظ على «كرامة» وهيبة النظام لاستدامة دورة العلاقة العبودية بين الحاكم والمحكوم!
على كل الأحوال، حين تفقد أميركا مصداقيتها وحين تتضح هذه الشراسة في الخوف على إسرائيل سيعرف الشعب ما عنته كذبة السيادة الوطنية التي طلبت موافقة إسرائيلية لنشر 800 جندي مصري في سيناء «المحررة» بكامب دافيد.. والشباب الذي أرادوا صياغة عقله باسم التحضر الغربي يكتشف بنفسه أن لا أوباما ولا كلينتون ولا توابعهم العرب عادوا قادرين على تسويق كذبة أن العرب لا يستحقون ولا يقدرون على إقامة ديمقراطية.. وفهم الجميع أن «الاستقرار» مقابل الحرية وتقرير المصير هي الثابت في مصالح النهب الامبريالي المتحالف مع طفيليات محلية.. وكل المشهد المستميت في حرف الثورة عن وجهتها بشراء الوقت وبث ميوعة في أهدافها، هو مشهد لن يفيد أصحابه.. سوف نرى أن كل هؤلاء الذين صوروا الثورة بأنها بأيد أجنبية مندسة سوف يعيدون تركيز الصورة بعيداً عن النيل الهادئ إلى مربع الانتهازية الذي لا يعرفون غيره في ركوب موجات الشعوب.. لقد وصل أمر السيادة المزعومة إلى حد لا يصدق في التدخل المفضوح للسفارة الأميركية ومبعوثي الخارجية والبيت الأبيض لترتيب الأمور بما يفيد في إنقاذ مناطق نفوذهم في المنطقة ولو على حساب زيف الادعاءات بدعم حرية وديمقراطية وسيادة الشعوب!
في النتيجة، مهما كانت ادعاءات «المؤامرة على مصر» التي يبثها الإعلام الرسمي والتي تجد صداها في العقول والأدوات الطفيلية والمدجنة فإن الأمر كله يعود أيضاً ليفضح كارثة وصول مصر إلى هذا المستوى من «الخردقة» المزعومة لتسيير ملايين الشعب الرافضة للنظام الذي يحاول تبديل القبعات للالتفاف على تلك الملايين.. وعلى كل الأحوال لا يمكن، مهما كانت المحاولات، إعادة المارد المصري إلى قمقمه بافتعال المزيد من عمل البغال والإبل والبلطجة..
 
 ناصر السهلي

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.