تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الرئيس عباس: شيك بلا رصيد؟؟

خاص / محطة أخبار سورية

قرأت في أحد الكتب حواراً بين قائد ميداني في الحرب وضابط آمر يرأسه يسأله عن الأوضاع الميدانية في المعركة؛ القائد: كيف حال الأوضاع لديك يا مقدّم فلان؟ المقدّم: إن كتيبتي تقاتل قتالا تراجعياً يا سيدي!! القائد: قل أنتم هاربون يا …..! عودوا إلى المعركة، اصمدوا!!

كلّ ما كانت تحتاجه حركة حماس لتنتصر على العدو المحتل كان الصمود. كلّ ما كان يحتاجه حزب الله للانتصار على العدو الإسرائيلي هو الصمود. صمدت حماس الفائزة بالانتخابات التشريعية رغم كلّ الضغوط التي تعرضت لها عربيا ودولياً ورغم الحرب الإسرائيلية الشرسة والمدمّرة ورغم الحصار المفروض وانتصرت.. وصمد حزب الله رغم الحرب الكونية عليه محلياً وعربيا وإسرائيليا وأمريكياً واستطاع تغيير قواعد اللعبة إلى الأبد وفرض معادلة الردع التي يريدها على جبهة الجنوب اللبناني وانتصر.. بل وانتقل إلى مرحلة الهجوم. هذه القراءة الموجزة تؤكد صحتها التطورات الميدانية والوقائع على الأرض. أما الذين اختاروا طريق الاستسلام فحكاية أخرى.

رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تلقى نصائح كثيرة بالانحياز إلى جانب المقاومة، وكان عليه أن يكون رئيساً مقاوماً لشعب مقاوم يدافع عن أعدل قضية عرفتها البشرية، لكنه اختار طريق المفاوضات.. طريق البحث عن السلام من موقع الضعف وتخلى عن المقاومة المسلحة ورمى بأهم أوراقه قبل بدء المفاوضات، فابتزه الصهاينة والغرب أشد الابتزاز، لقاء حصوله على الأموال وبعض المساعدات وبعض الأمور الشكلية، ومنها استمرار التعامل معه على أنه الرئيس الفلسطيني الشرعي رغم انتهاء ولايته الرئاسية قبل حين.

الرئيس عباس فاقد الشرعية منذ وقت طويل.. منذ اختار التخلي عن شعبه وعن الدفاع عن مصالحه.. منذ اختار الالتفاف على حركة حماس بعد الانتخابات التشريعية التي فازت بها قبل سنوات لكنها مُنعت من الاستمرار في ممارسة صلاحياتها فكان الانقسام الفلسطيني. الرئيس عباس أصبح فاقداً للشرعية منذ أصبح رؤساء الوزراء الصهاينة أقرب إليه من الفلسطينيين في غزة والشتات، ومنذ أصبح التفاهم مع قادة العدو أسهل وأهم إليه من التفاهم مع قادة الفصائل الفلسطينية.

السيد عباس، اعتقد أن الدعم الأمريكي والغربي وبعض العربي سوف يحميه في لحظة الحقيقة.. لكنه اكتشف متأخراً جداً جداً أن كلّ ذلك لا قيمة له أمام الدعم الشعبي أو الرفض الشعبي. السيد عباس بحث عن التفاهم وإرضاء الجميع وحاول التماهي مع الآخرين، إلا مع شعبه المهجّر بعضه والذي يعاني تحت الاحتلال المستمر منذ أكثر من ستين عاماً بعضه الآخر.

السيد محمود عباس وضع "بيضه" كلّه في سلّة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك ونظامه البائد.. وحارب المقاومة وسورية المقاومة وناصبها العداء وتآمر عليها وعلى المقاومة وراء الكواليس.. وكشفت وثائق ويكيليكس وقناة الجزيرة وغيرهما من الكتب والمطبوعات التي نشرت في الغرب دور محمود عباس الرديء ودور سلطته. لكن عندما انهار نظام مبارك وانهار مبارك نفسه أمام الضغط الشعبي الذي يمهل ولكنه لا يهمل.. وجد محمود عباس نفسه وحيداً بلا معين في زمن الصحوة العربية التي أعلنها الشعب المصري، والتي أدرك عباس أن لا مكان له فيها بعد الآن.

يحاول السيد محمود عباس متأخراً الآن التقاط الفرصة الضائعة والالتفاف على مكتسبات الشعب الفلسطيني الصامد في غزة والتراجع لإنفاذ ماء الوجه وما بقي من سلطته المتداعية بفضائح الفساد وفضائح التآمر على حقوق الشعب الفلسطيني في مسلسل المفاوضات المستمر مع العدو الغاصب منذ أكثر من عشرين عاماً، ولكنه لن يتمكن من فعل شيء، بعد أن فاته قطار المقاومة وبعد أن رفض صعوده مرات عديدة.. وبعد أن "لمس" الشعب الفلسطيني نفسه "عملياً" نتائج الصمود وقيمته، وبدأ يقطف ثمار تضحياته الكبيرة والمستمرة لتحرير الأرض واستعادة الحقوق المسلوبة.

الرئيس محمود عباس قد يحاول قرع الطبول الفارغة، ولكن الأصوات الجوفاء لن تخيف أحداً، وما لم تعطه المقاومة في الحرب وتحت النار، لن تعطه وهي تشهد انتصارها الكبير والمدوّي ماثلاً أمامها. الرئيس عباس أصبح شيكاً بلا رصيد وهو  منتهي الصلاحية ( EXPIRED ) أو ( OUT OF DATE) منذ وقت طويل، وما عليه الآن إلا أن يختار أسرع طريقة للاعتذار من الشعب الفلسطيني ومن المقاومة ومن كلّ من تآمر عليهم في السّر والعلن وأن يستعدّ للمحاسبة من قبل الشعب الذي ادعى أنه يمثله فتخلى عن الأمانة والمسؤولية.. وله في مبارك درس يتعلّم منه نهايته!!

السيد محمود عباس انتهت اللحظة الراهنة التي كنت رئيسها.. المرحلة الجديدة هي للانتصار والمقاومة التي ضحّت بالدم وتحمّلت وقاست، وأنت لم تكن مشاركاً أو مؤيداً أو متعاطفاً.. الفجرُ القادم يلوحُ من بعيد وشمس الميلاد تكاد تشرق وأنت من الحقبة الآفلة المظلمة، فابحث عن مكان آخر قبل أن يستحيل إيجاده، واترك الشعب المقاوم يصلي للانتصار القادم!!

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.