تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

ممارسات اسرائيل وعنجهيتها ...ليست هناك من حالة تبقى أبدية..

 

 

 

 

رئيس تحرير البيادر المقدسية: جاك خزمو 

 

 

تُعلن السلطات الاسرائيلية المحتلة كل يوم عن مخطط جديد لبناء حي إستيطاني في منطقة الشيخ جراح أو في العديد من مناطق قدسنا العربية، وتؤكد على استمرار تنفيذ سياستها في تعزيز تهويد مدينة القدس عبر العديد من الإجراءات والممارسات المنافية لكل القوانين والمواثيق الدولية والدينية و"الإنسانيةً".

تقوم اسرائيل بتنفيذ هذه المخططات ظناً منها بأنها ستبقى سيادتها على هذه المدينة إلى الأبد، وظناً منها أيضاً بأنها ستبقى قوية ومهيمنة عسكرياً على منطقة الشرق الأوسط وإلى الأبد.. لكن قادتها لا يقرأون الأحداث بصورة معمقة وصادقة وصريحة، ولا يتحدثون إلى شعبهم بصدق ويبلغونهم بحقيقة الأوضاع، إنهم يخدعون شعبهم، ويحرّضونه على أن يكون أكثر تطرفاً وتزمتاً وعنجهية من خلال الادلاء بتصريحات وأقوال تهدف إلى تغليب مصالحهم الشخصية على المصلحة العامة لدولتهم، فهم يريدون أن يبقوا قادة، ويريدون تبوأ أرفع المناصب، ويريدون أن يسايروا الشعب، ويدغدغوا مشاعره وعواطفه، وأن يعيشوا في "وهم" سرعان ما قد يتلاشى لتنجلي الحقيقة بصورة أفضل.

في أعداد سابقة قلنا أن ظاهرة المقاومة تتنامى وتكبر وتنتشر في عالمنا العربي، وأن سياسة الردع العسكري الاسرائيلية قد ولّت مع حرب تموز 2006، وأن نظرية الحدود الآمنة قد سقطت إذ أن الصواريخ تستطيع أن تتجاوز كل الحدود، وتأتي من على بعد آلاف الكيلومترات، وقلنا أن حل الدولتين فيلم احترق، وهو غير قابل للتنفيذ حتى أن شعبنا لن يقبل بدولة "ممسوخة"، وأن أمام اسرائيل حلاً واحداً، وهو الدولة الواحدة ثنائية القومية، وهذا القول لم يُعجب كثيرين، ولكننا نصرّ على قوله، ونكرره مراراً وتكراراً. وحذرنا من أن "الوجود" لدولة اسرائيل لن يكون أبدياً، لأن المعطيات على الساحة الدولية تتغير، وكذلك على ساحة الشرق الأوسط.

كل ما نقوله لا يصغون إليه، ولكننا نكرر قوله محذرين من مغبة مواصلة هذه السياسة الاسرائيلية المتعجرفة التي لا تطال الدول العربية التي لا تقيم علاقات مع اسرائيل فقط، بل تلك التي وقّعت إتفاقيات سلام معها، وخير مثال على هذه السياسة "الرعناء" هو قيام عدد من المسؤولين الاسرائيليين الحاليين بطرح فكرة "الوطن البديل للفلسطينيين"، ويقولون أن الأردن هو هذا الوطن، ولا يخجلون من دعواتهم وطروحاتهم هذه، بل يقولونها بكل عجرفة ووقاحة، حتى ان نائب رئيس الأركان العامة الحالي للجيش الاسرائيلي، يائير نافيه، هو ذلك الذي قال، في مؤتمر عقد في القدس عام 2006، أن العاهل الأردني الملك عبد الله بن الحسين هو آخر ملوك العائلة الهاشمية في الاردن، وهذا غمز واضح إلى خيار الوطن البديل الذي نرفضه رفضاً قاطعاً وقوياً، ولن نقبل به مهما كانت الضغوطات والمغريات، فنحن شعب نرفض أن تُحل قضيتنا على حساب دولة شقيقة أو شعب شقيق وعزيز.

وذكرنا أكثر من مرة أن المعطيات والأجواء التي هي لصالح اسرائيل قد تتغير إن عاجلاً أم آجلاً، وما قلناه يتحقق إذ أن الرئيس المصري حسني مبارك والذي كان موالياً حتى العظم للسياسة الاميركية، ومتمسكاً بها، قد أجبر على التخلي عن منصبه بعد ثلاثين عاماً من الحكم. ومصر "كامب ديفيد" بدأت بالتغير، لأن الأوضاع لن تبقى على حالها للأبد، وإلى ما لا نهاية. وها هو الشعب المصري الشقيق ينتفض على كل شيء في مصر وحتى على سياسة مبارك التي سايرت اسرائيل كثيراً، وان مصر ما بعد مبارك لن تكون علاقتها مع اسرائيل كما كانت في عهد مبارك.. لأن مصر ستعود إلى الحظيرة العربية مجدداً، ولن تكون من دول "الاعتدال" كما تصفها الإدارة الاميركية، أي الدول التي تسير على نهج السياسة الاميركية بصورة كاملة، وأن دول الاعتدال مثل تونس قد تغيّرت أيضاً، وسيأتي إلى سدة الحكم قادة يعيدون تونس إلى الحضن العربي الأصيل بعد أن إبتعدت عنه.

إن أحداث مصر التي أثمرت اسقاط الرئيس حسني مبارك هو درس "قاسٍ" لكل الدول التي راهنت على اميركا، ودرس لاسرائيل بأن المعطيات التي سمحت "بالعنترة" و"استعراض العضلات"، والمضي قدماً في سياسة التوسع والاستيطان قد بدأت بالتلاشي، وان شرق أوسط جديداً قادم لا محالة، ولكن حسب المعايير العربية وليس حسب المعايير أو الرغبة الاميركية الاسرائيلية.

على قادة اسرائيل أن يصحوا قبل فوات الاوان، وعليهم أن ينتهزوا الفرصة الأخيرة للحفاظ على دولتهم من خلال احترام وتطبيق قرارات الشرعية الدولية، وبالتالي إنهاء احتلال الأراضي العربية، وتحقيق سلام شامل وعادل ودائم في المنطقة.

على هؤلاء القادة أن يدركوا أن التغيير حدث اليوم في مصر، وقد يحدث في أية دول عربية أخرى مستقبلاً، ولكنه سيحدث حتماً في داخل المجتمع الدولي الذي ضاق ذرعاً وهو يؤيد اسرائيل ويدعمها، وهي التي تعرقل وتفشل كل مبادرات السلام، ولا تأبه للإصغاء لأية نصيحة من أحد.. هذا المجتمع الدولي، بفضل تحرك شعوبه، قد يتغير، وبالتالي، تنقلب الأمور على اسرائيل، وحينها لن تكون المهيمنة بل في وضع مأساوي وصعب جداً، وعليها عندها أن تدفع أثمان عنترياتها وسياساتها وممارساتها المتواصلة لعشرات السنوات.

الوضع لن يبقى لصالح اسرائيل ولا لصالح اميركا، ولذلك أمام اسرائيل فرصة ذهبية للإصغاء للإرادة الدولية، وإرادة شعوب المنطقة، وإذا لم تستغل أو تستثمر هذه الفرصة فعليها ألا تلوم أحداً في المستقبل سوى نفسها، وقادتها الذين يغامرون بوجودها لصالح مصالحهم الذاتية فقط.

إننا لا نحذّر فقط، بل ننبه القيادة الاسرائيلية الى ضرورة التعقل والتفكير مجدداً بالمعطيات التي بدأت تتبلور في المنطقة، وأن يدركوا أنه ليس هناك من "حالة" أبدية مضمونة لها أو لحليفتهما الولايات المتحدة!

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.