تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تحليل مخالف لكل الآراء نأمل أن يكون خاطئاً.. الإدارة الاميركية قررت التخلي عن حلفائها من القادة العرب

تحليل مخالف لكل الآراء نأمل أن يكون خاطئاً.. الإدارة الاميركية قررت التخلي عن حلفائها من القادة العرب

 

 

 

كانت هناك علامات تساؤل واستفهام عديدة: هل من الممكن أن يشعل مواطن عادي ثورة شعبية ضد ديكتاتور يحكم البلاد لعشرات السنوات؟ وهل الإدارة الاميركية تخلّت وبكل سهولة وبسرعة فائقة عمن خدموها وارتموا بأحضانها، ونفذوا سياستها حرفياً، وحموا مصالحها؟ وهل قررت اميركا تطبيق الديمقراطية في الأقطار الحليفة لها؟ وهل ملّت من الوجوه القديمة ولذلك سعت إلى إيجاد وجوه جديدة بعد أن تعرّت وانكشفت الوجوه القديمة التي انتهى مفعولها، وولى نشاطها لكبرها في السن؟ وهل صحيح أن نظاماً حديدياً ينهار بسرعة خلال أقل من شهر؟ وهل صحيح أن الجيش يقف على الحياد مع أن قادته هم من أتباع النظام، ومن المدربين في المدارس العسكرية الاميركية؟

هذه التساؤلات منطقية، وهي لا تهدف المس بالنوايا الطيبة والجيدة والبريئة لشبان ضحوا من أجل التغيير ومن أجل تحسين وضع وطنهم، ومن أجل ايجاد فرص عمل، وتأمين القوت اليومي لهم ولعائلاتهم.

ولا بدّ من القول وبكل صراحة ومن دون القصد من ذلك التجريح أو الشك في العمل الثوري الذي قام به شبان أبطال: هل المعارضة في مصر كلها وطنية؟ هل البرادعي وطني وينتمي للعروبة أكثر من رجال النظام المصري الحاليين، وألم يكن من أتباع الادارة الاميركية، وهو الذي سهّل – سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة – الغزو الامريكي للعراق، وكان يعرف حق المعرفة أن العراق خالٍ من أسلحة الدمار الشامل، لكنه سكت رغم أن بإمكانه قول الحقيقة وبكل صراحة ومن دون خوف ويعلن بصفته مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الحقيقة وحينها فقط سيحصل على الشعبية والترحيب. لكنه يأتي إلى مصر بعد أن عاش في الخارج يتبوأ مناصب رفيعة برضى اميركي، ليطالب بالتغيير، والترشيح للانتخابات الرئاسية القادمة.. ألا يعني هذا أن الادارة الاميركية طلبت منه لعب هذا الدور.

ولا بدّ أيضاً من الاشارة إلى أن أيمن نور زعيم حركة معارضة وضع في السجن وتدخلت اميركا للافراج عنه، ألم تطالب اميركا النظام في مصر بالافراج عن السجناء السياسيين من كل أحزاب المعارضة، ومن بينهم جماعة الاخوان المسلمين؟ لماذا هاجمت الإدارة الاميركية الانتخابات البرلمانية الاخيرة في مصر واعتبرتها "مزيفة"، علماً أن التزييف يقع في العديد من الدول الموالية لها، ولا تقول أي كلمة حول ذلك بل تتغاضى عن ذلك وتدعم الحاكم لأنها تريده.

هناك شعور بأن حسني مبارك أصر على البقاء في الحكم حتى مماته، وطلب منه ألا يتقدم للترشيح للولاية الحالية التي تنتهي في أيلول القادم، لم يرد على الاميركان ولا على كل الأصدقاء.. طلبوا منه تعيين نائب رئيس للجمهورية فرفض.. وعندها وجد "الحلفاء الأصدقاء" الاميركان أن دور مبارك إنتهى، وحكمه أصبح عبئاً على الاميركان، فلا بدّ من البحث عن بديل جديد يحظى بشعبية أكبر ويؤدي خدماته للاميركان بصورة هادئة ويكون عطاؤه أفضل.. ولم تستطع الادارة الاميركية التغيير.. فركبت موجة الغضب الشعبي التي ساهمت بصورة مباشرة في تقويته – فالثورة بدأت من أجل محاربة الفساد وتحقيق الاصلاح وسرعان ما تحولت إلى إسقاط النظام.. وإسقاط مبارك.

حاول مبارك استخدام الجيش لكنه لم يستطع أن يقحمه لصالحه لأن قادته يعرفون ويدركون اللعبة، وهم على صلة قوية بنظرائهم الاميركان من القادة، فوقفوا موقف الحياد، وحصل الجيش على ثقة الشعب، واضطر مبارك التخلي عن صلاحياته لصالح المجلس العسكري الأعلى الذي أعلن عن تشكيله قبل 24 ساعة من اعلان مبارك مُكرهاً عن تنازله عن سدة الحكم. ألم يلمح اوباما في خطابه ليلة الخميس (حسب توقيت الشرق الأوسط) إلى أن مبارك قد يتنحى مما حدا بالتوقع أن مبارك سيعلن في خطابه الآتي عن ذلك. وراجت التكهنات، ولكن مبارك خرج عن المألوف ولم يعلن تخليه عن منصبه الرئاسي مما أثار غضب الشارع المصري. أكثر وأكثر، واضطر فيما بعد الى إعلان ذلك عبر نائبه الوزير عمر سليمان الذي أدلى ببيان التخلي الساعة السادسة إلا ثلاث دقائق مساءً حسب توقيت القاهرة يوم الجمعة 11/2/2011 وتسليم الصلاحيات للمجلس العسكري الأعلى.

من ينظر إلى الحكومة الحالية، حكومة تصريف الأعمال فهي من اختارها وشكلها مبارك.. وأعضاء المجلس العسكري الأعلى هم من اختارهم مبارك منذ أمد بعيد وهم موالون له.

صحيح أن مطالب الشعب حققت في تغيير الدستور الذي صيغ من أجل خدمة مبارك، أو في وضع دستور جديد، وصحيح أن المجلس العسكري الأعلى حل مجلسي الشعب والشورى ويعد لانتخابات قادمة. وصحيح أن المطالبة بإسقاط مبارك قد تمت، وصحيح أن الفاسدين سيقدمون للمحاكمة. ولكن ما هو يجب النظر إليه ومتابعته: هل من سيأتي للحكم سيكون ضمن الرغبة الاميركية؟ وهل الرئيس القادم سيكون شخصاً عادياً من أبناء الشعب لا إنتماء له إلا للوطن وحده، أم أنه سيكون شخصية عسكرية أو سياسية معروفة لها "علاقاتها" – ولو كانت محدودة – مع اميركا.

ما جرى في مصر جرى في تونس. فالحاكم زين العابدين كبر، ولم يقبل بالتخلي عن كرسيه، وفي ليلة واحدة هرب إلى الخارج، ومن يحكم الآن، أو من هي الحكومة الانتقالية؟ أليس من يترأسها هو محمد الغنوشي، رئيس الوزراء الذي عمل مع نظام زين العابدين، وأطاح به ثم كلفّه لتشكيل حكومة جديدة.

ألم تركب المعارضة موجة الغضب الشعبي والثورة العارمة ضد النظام؟ وأليست هناك اتصالات بين الحكومة الحالية والادارة الاميركية.

وإذا نظرنا إلى الجزائر فإن الرئيس الجزائري عبد العزيز عبد العزيز بوتفليقة في الحكم منذ سنوات طوال وملّ الناس منه ولم يقم بأي تغيير. ولذلك فإن هناك من يخطط لتغييره، وهذا المخطط لن يكون بعيداً عن الاميركان.

من كل ما ذكر يمكن الاستنتاج بأن هذه القيادات المسنة قد فشلت في تنفيذ المخططات الاميركية في المنطقة، وان الادارة الاميركية تُمنى بإخفاق تلو الآخر، لذلك قررت التغيير لاعادة تنظيم محور الاعتدال وبدأت بتونس.

ولكن السؤال الكبير الذي قد يطرح على الملأ: هل هناك ضمانة بأن ما تخطط له أميركا سيسير وسينفذ بكل سهولة، أم أن الرياح ستجري بما لا تشتهي السفن. نأمل أن يكون هذا التحليل المعاكس لكل الآراء "مغلوطاً"، وكل الأمل أيضاً في أن شرفاء عالمنا العربي سيأخذونه بعين الاعتبار فبالتالي يسقطون هذا المخطط الاميركي، وتحقق الثورة في مصر أو في تونس ما هو لصالح الوطن اولاً وأخيراً، وخاصة مطالب الشعب كله.

لا بدّ من الانتظار ومراقبة الوضع وكشف الحقيقة وهذا بالطبع يحتاج إلى أشهر عديدة.

مرة ثانية يجب التأكيد على أن ثورة الشبان في مصر هي ثورة نبيلة، ولكن كل الأمل في أن يجني ثمارها الشعب المصري البطل وليست "جهة" ما بعد أن عرفت كيفية تدوير الوضع لصالحها.

تحية إلى أبناء مصر وتحية لثورة مصر.. ونأمل ونرجو أن يتحقق التغيير المنشود لصالح المصريين وفي أسرع وقت ممكن

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.